الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(قرار التطوير) أسوأ قرار استراتيجي اتخذته القيادة السياسية
في ذكرى حرب أكتوبر 1973م المجيدة (6)

17- بسبب الفشل في تنفيذ ضرب بعض الاهداف الاسرائيلية المؤثرة في الجبهة السورية حسب الخطة المتفق عليها بين الجانبين السوري والمصري تنبه العدو للتحركات السورية مما جعله يؤمن دفاعاته، ويطلب مساعدة امريكية عاجلة ومباشرة، لايقاف السوريين المتقدمين نحو الحدود الدولية، وبالفعل وصلت وحدات من الجيش السوري إلى الحدود الدولية وحول (بحيرة طبرية). واستطاعت اسرائيل تعويض خسائرها من الأفراد والمعدات بدفع قوات الاحتياطي الاستراتيجي من (3-5 يوم) والاستفادة من الدعم المباشر الامريكي عبر الجسر الجوي من تعويض خسائرها من الطائرات والدبابات والمدفعية وغيرها من المعدات. كل ذلك ساعد الاسرائيليين من القيام بهجوم مضاد ناجح يوم 11 اكتوبر، واستهدف الهجوم وقف تقدم الجيش السوري نحو الحدود الدولية. استطاعت اسرائيل الآن حشد ثلاثة فرق مدرعة أمام القوات السورية. إيزاء هذا الموقف والذي أدى إلى تغيير ميزان القوى في الجبهة السورية، وانتقال عامل المبادأة للقوات الاسرائيلية، نتيجة للدعم الامريكي المباشر، أرسلت القيادة السورية مندوباً إلى مصر لمقابلة القيادة الموحدة للجبهتين والتي يقودها الفريق أحمد اسماعيل طالبة زيادة الضغط على القوات الاسرائيلية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان.
وافق الرئيس السادات على الطلب، وطلب من وزير الدفاع تطوير الهجوم شرقاً حتى المضايق لتخفيف الضغط على الجبهة السورية وذلك في مساء يوم (10/11). اعترض كل من رئيس الاركان وقادة الجيشين الثاني والثالث في اجتماع مشترك مع وزير الدفاع. باعتبار ان هذا التطوير غير وارد في الخطة ان شأن أي قوات تندفع لتطوير الهجوم خارج حماية الصواريخ (12كم عمقاً) سوف تتعرض للهلاك. وأصر وزير الحربية على قراره باعتبار ذلك قراراً سياسياً لا يقبل الاعتراض عليه. وفي يوم 14/10/1973م وبناءً على أوامر تطوير الهجوم شرقاً نحو المضايق، هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميداني (في اتجاه السويس) بعدد اثنين (2) لواء هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكي) في اتجاه ممر الجدي واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر (متلا)، وفي قطاع الجيش الثاني الميداني (اتجاه الاسماعيلية) هاجمت الفرقة (21) المدرعة في اتجاه الطاسة، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرع في اتجاه رمانة. اصطدمت القوات المصرية المتجه شرقاً بمقاومة اسرائيلية عنيفة وكمائن للدبابات وباسناد جوي اسرائيلي مباشر، ونسبة لتفوق قوات العدو في الدبابات والتفوق الجوي وان القوات المصرية تعمل خارج نطاق حماية الصواريخ المصرية منيت هذه القوة بخسارة فادحة في ساعات، وتراجعت إلى اثرها غرباً، وكان تعادل القوة يشير إلى وجود (900) دبابة اسرائيلية مقابل (400) دبابة مصرية. وفشلت خطة التطوير وخسرت القوات المصرية عدد (250) دبابة. وكان قرار التطوير وبتقدير الكثيرين من المتابعين للشأن العسكري أسوأ قرار استراتيجي اتخذته القيادة السياسية، مما أضر كثيراً في سير العمليات فيما بعد وأثر على نتائج الحرب، وجعل ظهر الجيش المصري غرب القناة مكشوفاً لأية عملية التفاف، وهو ما حدث بالفعل. وعلى الجبهة السورية ركزت اسرائيل جهودها الاستراتيجية على جبهة الجولان لتقديرها ان الهجوم السوري يهدد مصير اسرائيل كله. وعليه فان الهجوم الاسرائيلي المعتاد استمر بعنف بفضل الجسر الجوي الامريكي الذي عوض اسرائيل خسائرها الكبيرة وزودها بأسلحة جديدة متطورة (الهل المقاتلة والتي تحمل صواريخ-استخدمت في المهمة المصرية والسورية وتعتبر سلاحاً فعالاً ضد الدبابات والآليات عموماً). ونجحت القوات الاسرائيلية في الوصول إلى خط وقف اطلاق النار السابق، تابعت تقدمها مستقلة فترة الهدوء النسبية التي كانت القيادة السورية تستعيد فيها توازن وحداتها وتعوض خسائرها وتحشد وحدات جديدة، ومستفيدة أيضاً من الهدوء على الجبهة المصرية في الفترة من (10-14 أكتوبر) وفترة ما بعد (14 أكتوبر) حينما تراجعت قوات التطوير غرباً. وبعد معارك ضارية تمكنت القوات الاسرائيلية من خرق الجبهة السورية تجاه دمشق والسيطرة على جيب (سعسع)، إلا ان القوات السورية نجحت في ايقاف القوات الاسرائيلية عند خط (تل الشمس) (بيت جن)، وكانت القيادة السورية في هذه الفترة قد عوضت قسماً كبيراً من خسائرها بالامداد الروسي جواً وبحراً، وأعادت تجميع قواتها الرئيسية استعداداً لمعاودة الهجوم. ولكن الهجوم لم ينفذ لصدور قرار دولي بوقف اطلاق النار اعتباراً من (23/10/1973م).
18- استخدمت أمريكا وسائط الاستطلاع ووسائل التجسس لخدمة الجيش الاسرائيلي، وكشفت هذه الوسائل العالية التقنية وبواسطة الأقمار الاصطناعية وطائرة (U2) وجود ثغرة غير محمية بين الجيشين الثالث والثاني وبعرض (25كم)، ووجدت فيها القيادة الاسرائيلية فرصتها، فدفعت عبر البحيرات المرة ثلاث مجموعات، تمكن بعضها من ليلة (15-16 أكتوبر) من اجتياز قناة السويس إلى ضفتها الغربية بعد قتال شرس ومرير، شكل عبور هذه القوة إلى احداث ثغرة في صفوف القوات المصرية عرفت باسم (ثغرة الدرفسوار). وتم نصب جسر طوف لعبور الدبابات والآليات المدرعة. يوم 16 أكتوبر تمكن عدد اثنين لواء مدرع + لواء مظلي (فق دب) (فرقة دبابات) من العبور والتواجد من الغرب بقيادة الجنرال (شارون). وحاولت هذه القوة احتلال مدينة الاسماعيلية فتصدت لها لواء مظلات واثنين (2) كتيبة صاعقة، ومنعتها من احتلال الاسماعيلية وكبدتها خسائر فادحة في معركة وصفت بالبطولية وأظهرت معدن المقاتل المصري الحقيقية. يوم 17 أكتوبر اقترح رئيس الاركان الفريق سعد الدين الشاذلي للقيادة السياسية خطة لاحتواء وتدمير الثغرة كانت كالآتي: المناورة بالقوات الموجودة شرق القناة، وذلك بسحب عدد أربعة ألوية مدرعة ولواء مشاة ميكانيكي (مشياً) بالاضافة لعدد 2 لواء مدرع موجود غرب القناة (الفرقة الرابعة مدرعة) ليصبح مجموعة القوات التي سوف تتعامل مع الثغرة كالآتي: 6 لواء مدرع + لواء مشاة ميكانيكي + وحدات مدفعية). هذه القوة كانت كافية لازالة الثغرة والتي لم تتسع بعد حتى ذلك التاريخ يوم 17 اكتوبر، ولو دفعت هذه القوة ونفذت هذه الخطة، لحلت بالجيش الاسرائيلي هزيمة ساحقة، مع اعتبار ان هذه القوات تعمل تحت حماية ومظلة الطيران وحائط الصواريخ. لم توافق القيادة السياسية وكذلك وزير الحربية على فكرة سحب قوات من الشرق إلى الغرب لتدمير الثغرة. وبدا ان هنالك جدلاً قائماً بين رئاسة الاركان ووزير الحربية، وفي نفس الوقت كان العدو يكسب الزمن ويعمل على تدعيم قواته غرب القناة حتى بلغت يوم 18 أكتوبر 1973 عدد (خمسة ألوية مدرعة + لواء صاعقة). كرر الطلب رئيس الاركان الشاذلي مرة أخرى يوم 1973/10/20م بسحب عدد (أربعة ألوية مدرعة + لواء مشاة ميكانيكي + وحدات مدفعية، وذلك للعمل على محاصرة اثغرة ومنع تدفق المزيد من قوات العدو والتعامل معها. رفض الرئيس السادات الطلب وأصدر أوامره بأن لا تتحرك أية وحدة أو سلاح من الشرق إلى الغرب. وفي مساء يوم 1973/10/20 طلب الرئيس السادات من السفير الروسي في مصر وقف اطلاق النار على أن تبقى قوات الجانبين على ما هي عليه. في يوم 1973/10/20م سافر «كيسنجر» وزير الخارجية الامريكية إلى موسكو للتفاوض مع السوفيت على اصدار قرار من مجلس الأمن بوقف اطلاق النار، ورأي «كيسنجر» في هذه الرحلة فرصة لشراء الوقت من أجل اسرائيل لكي تحقق تقدماً عسكرياً على الارض بعد نجاح هجومها ليلة (16/15 أكتوبر) في احداث ثغرة اختراق والنافذ منها إلى الضفة الغربية للقناة، أجرى وزير الخارجية الامريكي محادثات مع الزعيم السوفيتي «بريجينيف» يومي (20 و21 أكتوبر) بوقف اطلاق النار عند الخطوط الحالية. أثناء ليل 21 أكتوبر أرسل «كيسنجر» برقية شفوية إلى الجنرال «برنت سكاوكروفت» نائب مستشار الأمن القومي الامريكي عن طريق السفارة الامريكية في موسكو، وكانت هذه البرقية أول ضوء أخضر إلى اسرائيل لانتهاك قرار وقف اطلاق النار، إذ تم ابلاغ السفير الاسرائيلي في «واشنطن» بأن امريكا سوف تتفهم إذا شعر الاسرائيليون انهم يحتاجون إلى بعض الوقت لتعديل أوضاعهم العسكرية وقبل وبعد أن يأخذ وقف اطلاق النار مجراه. وفي موسكو واصل وزير خارجية امريكا رحلته إلى اسرائيل واجتمع مع (جولدا مائير) وأكد تفهم امريكا لأي خرق لوقف اطلاق النار تستوجبه تحسين الاوضاع العسكرية بالضفة الغربية المصرية. وأثناء تحليق طائرة «كيسنجر» في الجو متجهاً إلى امريكا، كانت «مائير» قد نفذت نصيحته أو تحريضه على خرق وقف اطلاق النار وشنت هجوماً واسعاً بغرض تطويق الجيش الثالث المصري، وذلك بعد ساعات معدودة من بدء سريانه الساعة 12:7 (2407) مساء 22 أكتوبر. وفي الساعة الرابعة عصراً (سعت 1600) يوم 23 أكتوبر. أرسل الزعيم السوفيتي، وبايعاز من الحكومة المصرية، برسالة عاجلة إلى الرئيس الامريكي «نيكسون» عبر الخط الساخن لأول مرة منذ حرب (1967) قال فيها: ان اسرائيل قامت بانتهاك فاضح لقرار وقف اطلاق النار في الشرق الأوسط، والمح «بريجنيف» إلى شكوكه في ان تكون «واشنطن» وراء الخرق الاسرائيلي لوقف اطلاق النار. وبعد (ساعتين) أرسل الزعيم الروسي رسالة ثانية عبر الخط الساخن، قال فيها ان المصريين مستعدون لوقف اطلاق النار فوراً، إذا توقفت القوات الاسرائيلية، واضاف انه بأمل منه (نيكسون) أن يطلب من الاسرائيليين بأقوى عبارات ممكنة ضرورة وقف اطلاق النار فوراً. ورد «نيكسون» ثم «كيسنجر» ببرود على رسالتي بريجنيف مساء نفس اليوم 23 أكتوبر. وفي اليوم التالي 24 أكتوبر أرسل «بريجنيف» إلى «نيكسون» عبر السفير الروسي في «واشنطن» رسالة قال فيها ان اسرائيل مازالت تنتهك قرار وقف اطلاق النار، وقدم اقتراحاً محدداً هو ان يرسل السوفيت والامريكيون معاً قوات عسكرية للتأكد من تنفيذ قرار وقف اطلاق النار، واضاف «بريجنيف»: (انني سوف أقولها لك بوضوح إذا وجدتم انه من المستحيل ان تقوموا معنا بعمل مشترك، فإننا سوف نكون مضطرين لأن نأخذ في اعتبارنا القيام بمفردنا بخطوات ملائمة). تلك الرسالة الغاضبة اعتبرها الامريكيون مبالغة في رد الفعل، فبالغوا هم أيضاً في رد الفعل وفي (الساعة الحادية عشرة وواحد وأربعين دقيقة مساء نفس اليوم (سعت 2341) 24 أكتوبر 1973 أعلن الادميرال (توماس مورر) رئيس هيئة الاركان المشتركة رفع حالة التأهب بين القوات العسكرية، وكذلك حالة التأهب النووي إلى المستوى (الثالث) أعلى حالات تأهب في زمن السلم، وعندما أعلن السوفيت حالة التأهب في صفوف بعض الوحدات الألمانية الشرقية. واستعدادهم لارسال طائرات نقل عسكرية محملة بالقوات من «بودابست» إلى مصر، صدرت الأوامر للفرقة (82) المحمولة جواً بالتأهب للتحرك، ولعدد من حاملات الطائرات بالتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، ووصلت القوتان العظيمتان لأول مرة ومنذ أزمة الصواريخ الكوبية إلى حافة الحرب.
استغل الجيش الاسرائيلي حالة الوهن السياسي والعسكري المصري، وبدأ في توسيع الثغرة، وفي يوم 24 أكتوبر، تم حصار الجيش الثالث ومدينة السويس فقطع طريق مدينة السويس وامتدت الثغرة حوالي (الألف) كيلو من جنوب ترعة الاسماعيلية إلى ميناء (الأدبية) وصل عدد القوات الاسرائيلية: ثلاثة فرق مدرعة + فرقتان مشاة ميكانيكي (مشميكا) + لواء مظلي. يوم (10/25) أمر الفريق أحمد اسماعيل قائد الفرقة المدرعة الرابعة غرب القناة، وهي الاحتياطي الاستراتيجي لحماية القاهرة والعمق المصري، أمره بالعمل على فك حصار الجيش الثالث، وعندما واجهه رئيس الاركان سعد الدين الشاذلي وبحضور قائد الفرقة اللواء (قابيل)، بان هذا العمل سوف يؤدي إلى تدمير هذه الفرقة، لأنها سوف تواجه عدد (2) فرق اسرائيلية مدرعة وهذا التصرف يتنافى مع حسابات تعادل القوة في منطقة غرب القناة. وأمام هذا الاصرار من جانب رئيس الاركان، أصدر الفريق أحمد اسماعيل قراراً آخر لقائد الفرقة بأن يعمل على ايصال التعيينات والمياه إلى افراد الجيش المحاصر، وأيضاً تصدى له رئيس الهيئة معارضاً باعتبار ان هذا التوجيه والأمر سوف يعرض الفرقة الرابعة المدرعة للفناء. وأمام اصرار ومعارضة رئيس الاركان عدل وزير الحربية عن رأيه وقراره، ومن بعدأن كانت التعيينات تحمل في عربات مصرية وبواسطة سائقين مصريين، ومن ثم يتم تسليمها إلى سائقي الأمم المتحدة والاسرائيليين. في الأسبوع الأول من شهر (نوفمبر) وصل إلى المنطقة وزير خارجية أمريكا «كيسنجر» للعمل على التوصل بين اطراف النزاع في الشرق الأوسط. وقبل بدء المفاوضات حدثت حرب استنزاف بين مصر واسرائيل الهدف تحسين الاوضاع العسكرية قبل بدء المفاوضات، وفي نهاية الحرب عمل وزير خارجية امريكا، وسيطاً بين الطرفين ووصل إلى اتفاقية هدنة على الجبهة المصرية في يناير 1974م. وبدأت مصر واسرائيل بعد اتفاقية فض الاشتباك الأولى في التباحث بشأن الاتفاقية الثانية والتي تم التوصل إليها في سبتمبر 1975م، أعقب ذلك التوصل إلى اتفاقية اطار عمل لاتفاق سلام شامل في (كامب ديفيد) 18 سبتمبر 1978م، وبعدها وقعت الاتفاقية الخاصة بالسلام بين مصر واسرائيل في مارس 1979م. وأما في الجبهة الشمالية سوريا ففي أوائل عام 1974م شنت سوريا حرب استنزاف ضد القوات الاسرائيلية في الجولان، غير مقتنعة بالنتيجة التي انتهى إليها القتال، وتركز القتال على منطقة جبل الشيخ. واستمرت المعارك ولمدة (82 يوماً) تكبد فيه الجيش الاسرائيلي خسائر كبيرة، توسطت امريكا عبر الجولات المكوكية لوزير خارجيتها (هنري كيسنجر)، في التوصل إلى اتفاق لفك الاشتباك العسكري بين سوريا واسرائيل. نص الاتفاق الذي وقع في (حزيران) يونيو 1974م على انسحاب اسرائيل من شريط في الأراضي المحتلة عام 1967م يتضمن مدينة الفنيطرة. وفي 24 يونيو 1974م مع الرئيس حافظ الأسد العلم السوري في سماء الفنيطرة المحررة.
19- كان للدعم الخارجي للقوات المتصارعة أثره الكبير في سير المعارك، وخاصة الدعم الامريكي لاسرائيل والذي أعاد إليها زمام المبادأة بعد أن كان بيد القوات المصرية طيلة الأسبوعين الأوائل للحرب، فقد كان للتجسس عبر الاقمار الاصطناعية وطائرات التجسس (U2) الأثر الكبير في امداد القوات الاسرائيلية بمعلومات قيمة مكنتهم من استغلال الفجوة غير المغطاة بالقوات المصرية والواقعة بين الجيشين الثاني والثالث، كذلك لعب التعويض المباشر بالدبابات والطائرات والذخائر وغيرها من العتاد الحربي بالاضافة للمتطوعين الذين تدافعوا من أوربا وأمريكا لحماية الكيان الصهيوني وكذلك الدعم السياسي وتحركات وزير الخارجية الامريكي فيما يتعلق بوقف اطلاق النار، واعطاء اسرائيل مساحة من الزمن لتحسين أوضاعها العسكرية واستغلال النجاح الذي تحقق. كل ذلك لعب دوراً مهماً في اعادة اسرائيل للمعركة وربما للحياة من جديد وتمكنت من انتزاع عامل المبادأة، مستغلة تفوقها في الضربات الخاطفة من الاجناب وقوة والاختراق تلك القدرة التي تميز عمليات الجيش الاسرائيلي، وبلغ الدعم الامريكي للاسرائيل: 27 ألف طن تم نقلها جواً 33 ألف طن، تم نقلها بحراً إلى اسرائيل، وبلغت جملة الدعم: 60 ألف طن. وتميز هذا الدعم بالنوعية والكمية في آن واحد، فكانت طائرات (الهل المقاتلة) والمزودة بالصواريخ لاصطياد الدبابات والآليات عموماً واحدة من مفاجآت الحرب، وكذلك الطائرات المقاتلة (الفانتوم) أحدث جيل، وتميزت المساعدات الامريكية لاسرائيل بالنوعية الحديثة وانها تعطي الجيل الصناعي الاخير، وآخر ما توصلت إليه التقنية العسكرية الامريكية، بيما عادة ما يعطي الروس الجيل قبل الأخير لمصر وسوريا، إذ بلغت المساعدات الروسية كالآتي: 15 ألف طن جوي بالاضافة 63 ألف طن بحري جملة الدعم: 78 ألف طن (قدم لمصر وسوريا). بالرغم من ان الدعم اسوفيتي يبدو أكثر من حيث عدد الاطنان، إلا انه لدولتين ليس لدولة واحدة، وهذا ليس هو الأهم، وانما الأهم تفوق الدعم المريكي في نوعية الاسلحة والطائرات والآليات وغيرها لاسرائيل. فهذا الدعم أثر في ميزان القوة، وبعد ان كان في الايام الاولى للحرب تميل لصالح مصر وسوريا (صواريخ سام 3و6). بدأت في الزيام الاخيرة تميل إلى اسرائيل، وبالتالي أثر في النتيجة النهائية للحرب. كان لوجود القوى العظمى في الحرب مادياً ومعنوياً وسياسياً، كاد أن يؤدي إلى ازمة عالمية، كان يمكن معها الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة، لولا التراجع الروس عن مواقفه والرجوع للحلول الدبلوماسية والسياسية.
20- النجاح العسكري والذي تحقق في الأيام الأولى للحرب بواسطة القوات المصرية، وتمكنها من عبور المانع المائي وتدمير خط «بارليف» المحصن والتقدم شرقاً وتحت مظلة حماية الصواريخ والمدفعية وإلى عمق (12كم) داخل سيناء، مثل ذلك قمة الانتصار والنجاح العسكري، فقد تم تنفيذ الخطة (المآذن العالية) بكل الاحترافية والمهنية العسكرية وتحقق انصر وبأقل الخسائر المادية والبشرية، وأصبحت القوات المصرية تملك زمام المبادأة وتتمسك بقوة بشريط عبر سيناء شرقاً وبعمق (12كم) ويمتد من البحر الأبيض وحتي خليج السويس، والآن هي جاهزة لخوض حرباً دفاعية طويلة الامد لتدمير وتحطيم مقدرات العدو الذي يحاول الهجوم والاختراق وحرمان العدو من أن يمارس هوايته العسكرية بالاختراق من الاجناب والمؤخرة، ومستفيدة من ظروف العدو النفسية والاقتصادية وانه لا يتحمل الخسائر البشرية ولا تتحمل حرباً طويلة الأمد وهو الذي يجيد الحروب الخاطفة والسريعة. هكذا تحقق الهدف الاستراتيجي في الحرب والذي بذل في الوصول لغاياته بالجهد والعرق والمال والدماء. ولكن الخلاف والصراع الذي أطل بعد ذلك بين هيئة القيادة ابالخص رئيس الهيئة الفريق/ الشاذلي وبين وزير الحربية الفريق أحمد اسماعيل، وتدخل الرئيس السادات في القرار العسكري ومحاولة تهميش دور رئيس الاركان الفرق الشاذلي. فقد كان وزير الحربية ينفذ أفكار وقرارات السادات دون مناقشة، وهو الذي كان بالمعاش واعاده السادات إلى الخدمة، فهو مدين للسادات بهذا المعروف، فكان لا يجرؤ على مخالفته بالرغم من انه مقتنع وفي دواخل نفسه عدم جدوى تلك القرارات السياسية التي أدت إلى تدمير القوات وهي تحاول الوصول إلى المضايق، وعلى حدوث واتساع الثغرة، بعدم الموافقة بالسماح بالمناورة بالقوات في الشرق إلى الغرب لتدمير الثغرة فكان ذلك من الاخطاء الاستراتيجية الفادحة ذلك القرار السياسي الخاص بتخفيف الضغط على سوريا والقاضي بدفع القوات عبر سيناء للوصول إلى المضايق، فقد اعترض رئيس الاركان على ذلك بحجة ان هذه القوات سوف تكون صيداً سهلاً للقوات الاسرائيلية وخاصة انها سوف تعمل خارج مدى وحماية اصواريخ والمدفعية والطيران، والعدو يملك التفوق الجوي والارضي بصحراء سيناء حيث يوجد لديه عدد (8) ألوية مدرعة. وبالتالي فان هذه العمليات لا تصب في مصلحة الخطة (المآذن العالية) ولن تخفف الضغط الذي تواجه سوريا. وخاصة وانه في نوفمبر 1971م عقد مؤتمر بالقاهرة ضم وزراء الدفاع والخارجية والقادة العسكريون العرب، تم الاتفاق فيه أن كل جبهة يجب أن تكون لها لاقدرة على الصمود والصبر والهجوم، دون الاعتماد على الجبهة الأخرى، ونادى الفريق الشاذلي في ذلك الاجتماع على أهمية دعم الجبهة السورية. ولكن رغم اعتراضات الفريق الشاذلي وقادة الجيوش تمسك وزير الحربية برأيه باعتبار ذلك قرار سياسي لا رجعة فيه. فكانت النتيجة تدمير القوة المصرية وانسحابها إلى منطقة رووس الكباري ولم يتحقق الهدف الخاص يخفف الضغط على سوريا ومنح الاسرائيليون الفرصة لاسترداد عنصر المبادأة والتقدم عبر الثغرة إلى داخل مصر غرباً، وبدأت كفة التفوق تميل إلى الجانب الاسرائيلي. والخطأ الاستراتيجي الآخر، هو عدم موافقة السادات ووزير الدفاع على خطة الفريق الشاذلي يومي 17-20 أكتوبر بالمناورة بالقوات لتدمير وقفل الثغرة فقد كان رأي رئيس الاركان المناورة بالقوات وذلك بسحب عدد أربعة ألوية مدرعة من الشرق إلى الغرب بالاضافة للقوات التي أصلاً موجودة بالغرب لتدمير الثغرة، رفض السادات ووزير الحربية هذه الخطة، بحجة ان ذلك ربما يؤثر على الروح المعنوية لدى القوات المنفتحة شرقاً والأمر الذي سوف يجعلها تنسحب كلها غرباً، وان عقدة انسحاب عام (1967) كانت حاضرة في ذهن السادات ووزير الحربية. علماً من ان سحب هذه القوات في الشرق سوف لن يؤثر على تعادل القوى شرقاً بين القوات المصرية والاسرائيلية. ولأنه بعد عملية السحب والمناورة، يبقى عدد القوات المنفتحة شرقاً هو: عدد خمسة فرق مشاة + لواء دبابات + أسلحة الاسناد الأخرى، مقابل ثلاثة ألوية مدرعة فقط. وبالحسابات العسكرية لتعادل القوة في الدفاع الفرقة المشاة تستطيع الدفاع وصد هجوم اللواء المدرع. فإذن ان القوات بعد المناورة، كانت كافية لتأمين المنطقة الشرقية. وقرار الرئيس السادات والخاص بعدم سحب أي فرد وأي بندقية من الشرق إلى الغرب، كان مبني على انه يستطيع معالجة أمر اثغرة بمبادرة سياسية وهي وقف اطلاق النار، وان هذه المبادرة فيما بعد استغلها الامريكيون والاسرائيليون لاستاع دائرة الثغرة وحصار الجيش الثالث ومدينة السويس. لو تمسكت القيادة السياسية المصرية بالخطة (المآذن العالية) ولو استمعت لرزي الخبرة العسكرية، فيما يتعلق بالتطوير والثغرة، ولو تركت القيادة العسكرية لتخوض معركتها حسب الموجهات التي بنيت عليها الخطة، ولو لم تتدخل السياسة في الامور العسكرية البحتة، ولو ابعدت الخلافات الشخصية والمكائد والمكاسب الخاصة، لأمكن تحقيق نصر تاريخي، يقود إلى نتائج سياسية غير التي تحققت في اكتوبر كانت فرصة لاحراز نصر تاريخي ولكن الاخطاء الاستراتيجية السياسية والعسكرية حالت دون ذلك، ويمكن تخليص هذه الاخطاء في الآتي:-
أ/ قرار تطوير الهجوم نحو المضايق قرار لم يحالفه الحظ (يوم 14 أكتوبر) وكان من الاخطاء الاستراتيجية للحرب، وأدى إلى اضعاف القوة العسكرية، وفقدان عامل المبادأة وانتقاله إلى جانب اسرائيل، الأمر الذي أدى للاختراق الاسرائيلي واحداث ثغرة في الدفاعات المصرية.
ب/ قرار حرمان القيادة العسكرية من المناورة بالقوات من الشرق إلى الغرب لحصار وتدمير الثغرة يومي 20/17 أكتوبر 1973م، كان من القرارات الاستراتيجية الخطأ، مما أدى إلى حصار الجيش الثالث وقطع طريق السويس وحصار مدينة السويس مع اضعاف الموقف السياسي التفاوضي.
ج/ في أغسطس 1970م، عندما وضعت الخطة (غرانيا1) وضعت معها الخطة (200) وهي خاصة بمواجهة أي احتمال عمليات عبور اسرائيلية في الشرق للغرب. ولم تفعل القيادة السياسية والعسكرية في ذلك الوقت احتمال قيام القوات الاسرائيلية بمحاولات عبور مضادة، علماً من القوات الاسرائيلية تجيد مثل هذه المناورات، الضرب من الاجناب والخلف والاختراق العميق، ولكن وللأسف عندما أعيد التخطيط لاحقاً، لم يعط الامر أهميته وأهملت الخطة (200) وكانت عملية الثغرة.
د/ القوات الاحتياطية الاستراتيجية التي كانت موجودة بالضفة الغربية للقناة، لم تكن بالقوة الكافية لمعالجة عمليات الاختراق والعبور المضاد، وعندما حدثت الثغرة لم تكن القوات الموجودة غرباً بالقوة الكافية لاحتواء وازالة الخرق.
ه/ الصراع الفكري العسكري بين القيادة السياسية والعسكرية، ومحاولة تهميش دور رئيس الاركان وعدم الاستماع لآراءه وهو المحترف عسكرياً، أدى إلى اتخاذ قرارات عسكرية لم تكن صائبة.
21- ولكن وبالرغم من الثغرة في الجبهة المصرية، والتراجع في الجولان في الجبهة السورية تبقى الحقيقة، ان القوات المصرية والسورية قد خططوا وأداروا حرباً كانت مفخرة لكل العرب والمسلمين، وبدلت المفاهيم الاستراتيجية للصراع المسلح المحلي والدولي. وأحدثت تغيرات ف يمفاهيم التسليح والتكتيك والاستراتيجية العسكرية، وكانت تطبيقاً فعلياً لمبادئ الحرب، فقد أحاط المصريون والسوريون أعماله بكل السرية والامن واعمال الخداع الاستراتيجي، مما ساعد في تحقيق المفاجأة الاستراتيجية بذلك الحشد الكبير للأفراد والآليات والنيران مع احكام عمليات التنسيق والقيادة والسيطرة. مستخدمين في ذلك آليات الاتصال الحديثة، لادارة النيران والمعركة وكذلك كانت خفة وقوة الحركة والمساعدة المتبادلة بين كافة الوحدات بالقوات والنيران. وكانت القوات العربية هي المبادأة بالقتال والمحافظة على هذه المبادأة طيلة الايام الأولى للحرب، مما مكن من اقتحام المانع المائي في قناة اليويس وعبور القوات إلى الضفة الشرقية للقناة وتحطيم خط (بارليف) والاندفاع شرقاً في عمق سيناء وبعمق (12كم). والتمسك بالقوة بالمواقع المحررة، كذلك تمكن الجيش السوري من اختراق المنطقة المحصنة في الجولان (خط الون) حتى مشارف بحيرة طبرية وإلى الحدود الدولية. وأثبت حرب أكتوبر ما يتمتع به ا لجندي العربي من شجاعة وخبرة ومهارة في اسخدام الاسلحة ذات التقنيات المعقدة، مع استعداده للتضحية في سبيل قضية عادلة، كما اسقطت الحرب الاسطورة التي روجها العدو عن جيشه الذي لا يقهر، وقد هزت الخسائر البشرية والمادية التي لحقت باسرائيل كيانها بعنف واصابتها بصدمة مازالت تعاني منها حتى اليوم، رغم الدعم الامريكي الغير محدود، وقد برهنت الحرب عن ان هزيمة اسرائيل واجبارها على التقيد بقرارات الامم المتحدة والتخلي عن الاراضي التي تحتلها لا يتحقق إلا بحرب استنزاف طويلة الام ديستنزف طاقتها البشرية والمادية والمعنوية. وكذلك أثبتت الحرب وأوضحت التضامن العربي في أقوى اشكاله، فقد ساند كل العرب الحرب مادياً ومعنوياً واشتراكاً فعلياً بالقوات، فقد كانت هنالك (تسع) دول عربية شاركت بالفعل في عمليات القتال في الجبهة الشمالية والجنوبية. فالتضامن العربي اذا دعا واستنفر فإنه قادر على تبديل كل الموازين العسكرية والسياسية والاقتصادية لصالح الأمة العربية. فالحرب العربية عام (1973م) في مجملها كانت رسالة لكل العالم، ان للعرب قضية عادلة. وان للعرب الامكانيات المادية والبشرية والمعنوية والفكرية لانتزاع حقوقهم متى ما ارادوا وانهم لقادرون على ذلك. وأيضاً ومن أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، لما لها من أهمية اقتصادية واجتماعية، كذلك استرداد جميع الاراضي في شبه جزيرة سيناء، وفي الجانب السوري استرداد جزء من مرتفعات الجولان بما في ذلك مدينة «الفنيطرة»، كما ان هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق (كامب ديڤيد) بين مصر واسرائيل في سبتمبر 1978م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.