ان اللجوء إلى إستخدام القوة لفض المنازعات أصبح ينذر بكثير من الويلات لاطراف النزاع بل يمتد اثره إلى أطراف أخرى لا علاقة لها بهذا النزاع ولتجاوز أسباب التوترات التى تنشأ فى التفاعلات الانسانية التى تتم على مختلف المستويات والتى تزداد بوتيرة متسارعة كلما إزداد العالم تقارباً والمصالح تشابكاً وتعقيداً ، ضرورة الايمان بانة لابد من وجود نوع من التعاون وإن كان ذلك لا يلغى حقيقة وجود المنافسة وانه اصبح من الواجب حل كل ما قد ينشأ من صراع بين الدول والافراد والمؤسسات بالطرق السلمية . ويأتى كل ذلك فى وقت اتجه الاخوة الجنوبيون إلى صناديق الاقتراع لتنفيذ آخر بند من بنود إتفاقية السلام الشامل الا وهو إستفتاء جنوب السودان وهو إستحقاق اقرته تلك الاتفاقية وذهب هؤلاء إلى تلك الصناديق وفى معيتهم خياران لا ثالث لهما (الوحدة او الانفصال ) إلا ان خيار الوحدة اصبح ضعيفاً حسب معطيات الواقع الراهن ولا يستطيع منافسة نده الآخر وهو الانفصال والذى يتمتع بتأييد من القاعدة الجنوبية العريضة وتندرج فى نفس السياق منطقة أبيى تلك المنطقة والتى من المفترض ان يتم الاستفتاء فيها فى نفس موعد استفتاء الجنوب إلا ان الظروف اللوجستية والفنية قد تحول دون ذلك واصبح فى حكم المؤكد واقعة التأجيل على حسب تصريح المبعوث الامريكى ومفوضية الاستفتاء وترتب على هذا التأجيل صدور بعض التصريحات المختلفة تارة من الحركة الشعبية والذين يتحدثون بإمكانية إجراء إستفتاء آحادى الجانب وتارة تصدر تصريحات من قيادات المسيرية كقبيلة بإستحالة إجراء الاستفتاء دون مشاركتهم باعتبارهم عنصراً اصيلاً فى تلك العملية وإلا ستكون الحرب وهى تصريحات غير مسؤولة من الجانبين وقد يؤجج عامل الشد والجذب بين الطرفين نيران الصراع وبالتالى العودة للمربع الاول . ومن الاشياء الجديرة بالملاحظة والتى تتعلق بعمل المفوضية والذى اصبح واضحاً وجلياً من عملها بانها ترغب او تريد التخلص من هذا البرنامج باى ثمن دون مراعاة للمعايير الموضوعية المتعلقة بعملية الاستفتاء بعد ان رفعت المفوضية تقاريرها لرئاسة الجمهورية وأبانت فيه إستحالة اجراء الاستفتاء فى الموعد المحدد نسبة لضيق الوقت ومعاناه المفوضية من بعض الاجراءات الفنية واللوجستية وبالتالى ضرورة التأجيل ومد الفترة إلا ان رفض احد الشريكين لفكره التأجيل زائداً الضغوط الدولية والامريكية التى تنادى بضرورة قيام الاستفتاء فى موعده المحدد مهما كانت الاسباب والظروف وتلك الضغوط الظاهرة توضح حقيقة الدور الغربى والامريكى فى الشأن السودانى الجنوبى. بعد تلك المقدمة والسرد الضافى لابد من الإشارة لبعض النقاط المهمة وهى حسب ظنى ليست غائبة عن ذهنية الشريكين وكل مطلع على الشأن السياسى السودانى وهى :- اولاً :- لابد من الاعتراف بحق كل من الطرفين (دينكا نقوك والمسيرية ) فى التصويت بحكم الاقامة الطويلة وعلاقات المصاهرة بين الطرفين وإلا إذا اردنا فتنة بين القبيلتين . ثانياً :- لماذا لا يتم التداول السلمى فى حكم أبيى بين الشمال والجنوب (منطقة تكامل بين الشمال والجنوب )على ان يحدد الطرفان الفترة الزمنية المناسبة بمعنى ان يحكم اى من الطرفين فترة زمنية محددة ثم يليه الطرف الآخر ليحكم نفس المدة كما يحدث فى هونج كونق بين بريطانيا والصين مما ادى إلى إنعاش المنطقة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وبالتالى يمكن تفادى الحرب وتفتيت النسيج الاجتماعى القائم . ثالثاً :- السودان دولة مؤسسات وهناك ناطق رسمى باسم الحكومة مهمته الاساسية التعبير عن لسان حال الحكومة فى المسائل الجوهرية والمهمة وبالتالى تنأى بنفسها عن التصريحات غير المسؤولة ومحاسبة كل من يتحدث فى الشأن العام بمنطوق قبلى او جهوى والدولة هى المعنية بحماية المواطنين وبالمثل نجد التصريحات التى يطلقها قادة المسيرية يتنافى مع ذلك مما يظهر للعيان بان هناك حكومة قبلية فى ابيى لا تكترث للامور كثيراً وعلى الحكومة ان تعى ذلك جيداً حتى لا يصبح الامر سنة تتبعها القبائل الاخرى للمطالبة بحقوقها فى ظل وجود الحكومة المركزية . رابعاً :- هناك احتلال مصرى كامل لحلايب وسط صمت حكومى عام بينما نذر الحرب يلوح فى الافق بين السودانيين حول ابيى فى الوقت ذاته نجد حلايب فى حضن طرف اجنبى فإذا ذهبت ابيى شمالاً او جنوباً فهى فى الختام سودانية وبين السودانيين فلنحافظ على دماء ابناء السودان فى ابيى فهناك ساحات اولى بالجهاد واراقة الدماء فلنبحث عن اراضينا المسلوبة ثم نعود للحديث عن أبيى . خامساً :- لابد من إتاحة الفرصة لابناء المسيرية ودينكا نقوك للجلوس سوياً لبحث الامر والتفاكر لانهم اكثر دراية بامورهم واحوالهم من الغير وعلى الشريكين تنفيذ ذلك واتاحة الفرصة لامراء وشيوخ القبيلتين حتى لا تشتعل شرارة الحرب مرة اخرى وتصبح قضية أبيى مزايدة سياسية وليس إلا.