خلصت دراسة «نحو توحيد رؤى القضاة في قضايا التأمين » التي أعدها الدكتور عبد الرحمن شرفي قاضي المحكمة العليا ورئيس ادارة المكتب الفني والبحث العلمي بالسلطة القضائية لورشة عمل «المواءمة بين نظام التأمين والنظام العدلي» التي انعقدت بالخرطوم أمس، الى أن محاكم المرور ذات طبيعة خاصة وقد خول لها المشرع اختصاصا مدنيا لأجل هذا ينبغي عليها مباشرة اختصاصها المعقود بنظر الدعوة المنظورة أمامها بشقيها الجنائي والمدني دونما تشطير أو تجزئة لموضوعات التجزئة المترابطة لئلا يفرغ مبدأ الاختصاص المدني المخول لها من محكمة تشريعية مع ضرورة ادخال أو تدخل شركة التأمين في الدعوى للحفاظ على حقها في سماع دفوعها وأدلتها صونا لحقها المقدس في التقاضي والدفاع علاوة على ان تدخلها أو ادخالها يكفل لها الحق في ادارة الدعوى بما يصونها عن مخاطر التواطؤ وما شاكله ، كما أن ادخال المتبوع في الدعوى عند توفر شروط ادخاله يقلل من تكاثر الدعاوى، وعابت الدراسة على المادة «73» من قانون حركة المرور بولاية الخرطوم افراغ قيم عدلية كثيرة من مضامينها ورأت أن في أحكام قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 وقانون التأمين والتكافل ، غنى عنها ودعت الى الغاء الحماية المكفولة بموجبها لحالات بعينها مع تعديل عجزها بما يخول لمحاكم المرور النظر والفصل في دعوى رجوع المؤمن بما يكون الاسترداد، وطالبت الدراسة بابتعاد شركات التأمين عن الشروط التعسفية في وثائق التأمين تحقيقا لمباديء التعاون والتكافل الأشعري مع ضرورة تعريف مصطلح «الغير» في قانون التأمين والتكافل لسنة 2003 قانون المرور لسنة 2010 وقوانين المرور الولائية بما يزيل الغموض ويعين على تحديد وتعيين المشمولين بالتغطية التأمينية لوثائق التأمين الاجباري - أو لصالح الغير - أو لمصلحة الطرف الثالث مع الالتزام بالدقة المتناهية في صياغة وثائق التأمين درءا للتنازع مستقبلا حول المشتملات باستخدام عبارات واضحة الدلالة. وزادت الدراسة أن فوات الكسب لايدخل في معنى الضرر المباشر وأن تعويض المضرور عنه مشروع ويجوز التأمين عنه باتفاق خاص بين المؤمن والمؤمن له يحرر بوثيقة تأمين تكميلية، ودعت القضاة الى عدم الانحراف عن المعاني الواضحة والابتعاد عن التماس ارادة المتعاقدين أو النية المشتركة بينهما الا مع غموض العبارات أو المفردات المدونة عند التعاقد ،وأن تحدد المسؤولية المدنية في قضايا حوادث المرور على ضوء نسبة الخطأ الذي يثبت في حق كل طرف مع ضرورة مراعاة القاضي دقائق الوقائع الثابتة ومايحيط بها من الظروف بنظر شمولي بلوغا الى مدى تحقق الاهمال المشترك أو عدمه على أن يراعى في جبر الضرر أن يكون بمقدار المتلف من المال وفيما ليس فيه تقدير من دية أو شئ مقدر لعضو من البدن فيكون احتساب حكومة العدل لنسبة العجز الذي سببته الجناية على العضو منسوبة الى الدية المقدرة للعضو المصاب، ودعت الدراسة الى الاستعانة بالخبرات الفنية في معرفة مقدار المتلف من المال وتقويمه وكذا الحال لمعرفة حجم العجز بالعضو المصاب من البدن ونادت بعدم المطل في الوفاء بالضمان جبرا للضرر وعلى المحاكم مراعاة مقتضيات هبوط القيمة الشرائية للعملة جراء تطاول أمد الوفاء وخلصت الدراسة الى أن قانون حركة المرور بولاية الخرطوم لسنة 2008 وقوانين المرور الولائية الأخرى وقانون التأمين والتكافل لسنة 2003 لم يصاحب اصدارها مواكبة للتطورات المتسارعة لحركة الحياة علاوة على عدم مراعاة قواعدها لما يحقق ترقية أنماط وسلوكيات أفراد المجتمع ، ودعت الدراسة الى تعديل تلك القوانين لتحقيق الغايات المنشودة منها . ومن جانبه، أكد د.مريال أواو يول وزير الدولة بوزارة المالية والاقتصاد الوطني على أهمية التأمين كصمام الأمان للانشطة الاقتصادية بما يوفره من حماية للانتاج وأدواته، وأبان أن القضاء يعتبر الركيزة الاساسية التى تستند عليها كل المجتمعات بلا استثناء في تحقيق العدالة وبسط سيادة القانون، ودعا الى ازالة التضارب في التشريعات التأمينية، وأعرب عن تطلع الوزارة الى ان يلعب قطاع التأمين دور اكبر في مراجعة اوضاع سوق التأمين ومايحتاجه من تشريعات تعيد هيكلته وتصحيح مساره، ولفت الى ان السودان رائد في صناعة التأمين التعاونى الاسلامي الذي انداح منه لبقية دول العالم بما فيها البلاد غير الاسلامية، ودعا الى تنشيط البحوث والدراسات واقامة المنتديات التى توضح الفكرة وتدفع عنها الشبهات. وطالب مريال قطاع التأمين بالاجتهاد بانتاج منتجات تأمينية جديدة تلبى احتياجات المواطن خاصة في المجالات التى لم تطرق بعد او طرقت تحتاج لمزيد من الجهد مثل التأمين الاصغر الذي نعول عليه في عملية التمويل الاصغر كأدوات فعالة لتخفيف وطأة الفقر الى جانب التأمين الزراعى والتوسع في تجربته حتى ينعكس أثره على الانتاج والمنتجين وتنداح فوائده لتصل المواطنين عامة، ووجه هيئة الرقابة على التأمين وشركات التأمين بدراسة محتوى وثائق التأمين بداية بوثيقة التأمين على السيارات التى يصف البعض أن شروطها مجحفة وتحتاج للمراجعة ، معرباً عن أملة أن تحقق هذه الورشة اهدافها الرامية الى المواءمة بين نظام التأمين والنظام العدلى. من جانبه اشار محمد حمد أبوسن نائب رئيس القضاء الى اجتهاد المحكمة العليا في تطبيق القوانين وأشار الى اجتهادات القضاء للوصول لفهم مشترك بين الاجهزة العدلية لصياغة القوانين وتوحيد الرؤى في المحكمة العليا لتعديل القوانين في المحكمة الشرعية وقانون الملكية الفكرية وقضايا الشركات وحيازة الاراضى بجانب توحيد الرؤى والتشريعات والتأمين وحركة المرور وشركات التأمين لزيادة الدور الذي تلعبه في حماية المواطن والمنازعات التى تصل الى المحاكم. ودعا رئيس اتحاد شركات التأمين واعادة التأمين السودانية عثمان الهادي ابراهيم الى تطوير النظام التأمينى والتعامل مع الأجهزة الاقتصادية والعدلية والقانون والمرور التى تقع اعباؤها على شركات التأمين من حوادث المرورالتى تتحمل دفع دياتها شركات التأمين ، هذا الفهم اذا استمر يؤدى لخروج شركات التأمين من هذا المجال ، داعياً الى تقريب الشقة في الممارسة في عمل التأمين مع الجهات التى تحقق العدل والقانون والمسائل القانونية . ورأت الورقة التي أعدها عميد كلية الحقوق بالجامعة الأردنية بعمان الدكتور غازي أبوعرابي تحت عنوان « النظام القانوي للتأمين في التشريعات العربية» أن النصوص القانونية التي تنظم عمليات التأمين متناثرة بين القانون المدني والقوانين الخاصة وبعض اللوائح مما رمى بآثار سالبة على استقرار الاجتهاد القضائي حول المنازعات التأمينية، وأرجعت الورقة ذلك الى التنظيم المبتور لأحكام التأمين الذي يقود القضاء لسد النقص لتطبيق القواعد العامة في نظرية العقد في القانون المدني والعرف التأميني بجانب أنه بحسب قاعدة تدرج التشريعات والتي تلزم بتطبيق القانون أولا ثم التشريع الفرعي « اللوائح» حيث ان المنازعات التأمينية عمليا ناتجة عن حوادث السيارات وللبت فيها، فان الأمر يقتضي الرجوع لنظام التأمين الالزامي على المركبات وقواعد المسؤولية المدنية في القانون المدني خاصة في المسائل التي لم يتطرق لها في اللائحة حيث يحدث في الغالب الأعم تعارض بين نظم التأمين الالزامي الذي يحدد سقفا معينا لمسؤولية شركة التأمين ولا يلزمها بتعويض جميع الأضرار وبين قواعد المسؤولية المدنية التي تلزم أن يكون التعويض شاملا لجميع الأضرار المادية والأدبية والجسدية لأجل هذا تتوزع الأحكام القضائية بين تطبيق نظام التأمين الالزامي وأحكام أخرى تطبق قواعد المسؤولية المدنية . وبناء على هذا تقول الورقة ان الفقه والقضاء بدآ في المناداة بضرورة توحيد تشريعات التأمين في قانون مستقل يتناول جميع الأحكام المتعلقة به ، ودعت الورقة الى تبني اعداد مشروع عربي موحد للتأمين الالزامي للمركبات استهداء بتجارب الدول المتقدمة في ميدان التأمين حتى يسهم في استقرار سوق التأمين العربي وازدهاره .