في خطوة وجدت الإشادة والاستحسان المشوب بالحذر من المختصين، أعلن ديوان الضرائب على لسان أمينه العام تعميم تجربة التقدير الذاتي على كل المؤسسات والهيئات والشركات بالمركز، اعتمادا على نجاح التجربة في مرحلتها الأولى. وأبان أن الاستجابة الكبيرة التي قوبل بها نظام التقدير الذاتي كانت المحفز لاستكمال وتعميم تجربته. ودعا إلى الاهتمام بالتوعية والتثقيف وبكل ما يعين على دفع التجربة إلى تحقيق مقاصدها، فيما ربط بعض ذوي الاختصاص في الشأن الاقتصادي نجاح تعميم التجربة بزيادة الوعي بأهمية دفع الضرائب وسط كافة الشرائح المجتمعية، وأن ذلك لا يتم إلا في ظل وجود ضمير وطني حي وسط القطاعات الدافعة للضرائب، وحذروا من ممارسة بعض الجهات تقديم مستندات وبيانات غير صحيحة عن إيرادات المنشأة التي يديرونها. فربط البروفيسور عصام بوب نجاح التجربة وتعميمها على جميع أرجاء السودان بنشر مزيد من الوعي بتسجيل كافة النفقات، سواء أكانت مدخلات أو مخرجات، وأن يرتبط الأمر بتجارب ميدانية يشترط فيها أن يسجل صاحب أو مدير المنشأة كل مبيعاتها ومشترياتها خلال العام، ففي معظم دول العالم يتعامل صاحب العمل بسجلات ينقل فيها كل مدخلاته ومخرجاته، ويتم التعامل معه وفقا لما جاء في السجلات، ويمكنه التعامل مع ضرائبه عن طريق حسابها، لأن التقدير الذاتي برأي بوب لا يقوم على الذاكرة، لذا لا بد من أن تكون هناك سجلات، لا سيما أن مسألة أن اقتناء جهاز حاسوب وطابعة صغيرة تعطي من يشتري منه سلعة أو خدمة إيصالا بذلك، وبالتالي يمكن حساب تقدير الضرائب ذاتيا على وجه صحيح، وهذا الاقتراح بافتراض أن الضمير مازال حيا وسط العامة، أما إذا كان الأمر غير ذلك، وافتقده الجميع، فيا دنيا عليك السلام. أما الدكتور محمد الناير فيرى أن تعميم تجربة التقدير الذاتي على الجهات والفئات من المؤسسات والهيئات التي يتوجب عليها دفع الضرائب، تعتبر خطوة إيجابية من شأنها زيادة الإيرادات الضريبية في حالة تفاعل القطاع الخاص مع طرحها واستجابة كافة قطاعات الأعمال وتجاوبها مع الديوان، بجانب إن كانت الجهات التي تتعامل مع النشاط التجاري ممسكة بدفاتر محاسبية تخضع للمراجعة الدقيقة، وأن تقدم إقرارا صحيحا بعيدا عن الميزانيات الوهمية، واذا ما اختفت الظواهر السالبة التي كانت تتم في السابق في إعداد الموازنات أو الحسابات الختامية، بحيث تكون واحدة منها صحيحة لأغراض الإدارة والملاك والأخريات «المطبوخة» من أن أجل تقديمها للضرائب وما شاكلها من الجهات المطالبة، وفوق كل ذلك أن تتم الإقرارات بناءً على استجابة لصوت ضمير حي، لاسيما ان ضرائب أرباح الأعمال انخفضت من 35% إلى 15% بغرض تسهيل مهمة دافع الضرائب وتهيئة المناخ المناسب لنجاح تجربة التقدير الذاتي. ويواصل الناير بأن كل هذه العوامل إذا توفرت وتم تخفيض الضريبة من 15% إلى 10% و5% لشركات المساهمة العامة تشجيعا لها، وإذا ما شملت المظلة الضريبية كل الذين يجب عليهم دفع الضريبة، فإن الربط سيتضاعف تماما، خاصة اذا ما تم التركيز على تجار السيارات والموبايلات الذين يديرون أعمالهم دون أن يكون لهم مكان ثابت باستخدام الجوالات والسيارات بعيدا عن أعين الرقيب الضريبي، بالرغم من تحقيقهم أرباحا طائلة، علما بأن القانون لم يستثنِ هذه الفئة، وحتى يتم الوصول إليهم يقترح الناير أن يعد ديوان الضرائب قاعدة بيانات شاملة تشملهم، وزاد وإن استدعى الوصول إلى هذه الفئة الاستعانة بالجهات التي يتعاملون معها. وضرب مثلا بتجار السكر أو الاسمنت أو اي نشاط، وقال من السهولة كشف تعاملاتهم مع الجهات التجارية المعروفة من الشركات، ومن ثم تطبيق القانون عليهم. أما الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز الفكي فيقول إن سياسة التقدير الذاتي سياسة اختطها ديوان الضرائب منذ أكثر من عامين، مستهدفة تكليف أصحاب الشركات والمؤسسات والأعمال بتقدير ضرائبهم ذاتيا، ومن ثم الاستناد على التقدير في المطالبة بالضريبة من قبل الديوان، وقد تم هذا المشروع بالاتفاق مع اتحاد أصحاب العمل الذي كانت تشتكي قاعدته من التقديرات التي يصفونها بالجزافية بواسطة مفتشي الديوان. ويزيد عبد العزيز إن المؤسسات والهيئات يقع عليها عبء كبير من المسؤولية في تقدير الضرائب، بكشف أو إيضاح موقفها من خلال الحسابات المنتظمة والمعتمدة من مراجع قانوني يقدمها في الوقت المناسب للديوان لتحصيل الضريبة بناءً على عليها، وفي تقديره أن هذا نمط متقدم وراقٍ لتطوير وتمتين العلاقة بين الديوان ودافعي الضرائب. ويقول يجب على الممولين بمختلف أنواعهم ومستوياتهم الحرص الصيغة بالالتزام بالشفافية والإفصاح لكي يطمئن الديوان على تقديراتهم الذاتية، ويصبح تحصيل الضرائب أكثر سهولة ومدعاةً للتعاون بين الطرفين، عوضاً عن التشاكس والاعتراضات والاستئنافات التي كانت في السابق. وختم عادل حديثه إلينا بأن هذا النمط من التحصيل مجرب في عدد كبير من الدول أقربها جمهورية مصر العربية.