الخرطوم(smc) أعلنت الأمانة العامة لديوان الضرائب أن العام المقبل سيشهد تطبيق التقدير الذاتي للضريبة, وتوطيداً للثقة بين الديوان والممول, ويعتبر التقدير الذاتي إحدى ثمرات برنامج الإصلاح الضريبي التي أقرته لجنة الإصلاح الضريبي والذي كونت مؤخراً بمشاركة لفيف من الخبراء والمختصين والقطاع الخاص السوداني. وبدأ ديوان الضرائب في تشكيل لجنة خاصة لإعداد القانون الذي يعتمد بشكل كبير على إعادة الثقة بين الديوان والممول, والتي تأثرت كثيراً جراء الشكوى بين الطرفين، حيث يرى الديوان أن الممولين يتهربون من تقديم الإقرارات الصحيحة لأرباحهم, الشئ الذي يكلف الديوان وقتاً وجهداً يقلل من تحصيل الضريبة بينما يرى الممولون أن الديوان لا يثق في المتعاملين معه فيما يتصل بالإقرارات التي يقدمونها لمنسوبي الديوان, مما أثار جدلاً كثيفاً بين الطرفين في فترات سابقة، إلا أن لجنة الإصلاح -والتي أشرفت عليها وزارة المالية الاتحادية- رغماً عن توقعاتها بانخفاض الإيرادات الضريبية في موازنة العام المقبل فالمالية ترى من الضرورة بمكان العمل على إنفاذ برنامج التقدير الذاتي للضريبة, والتي يمكنها على هذا القانون في الأعوام المقبلة ويحقق نتائج طيبة للدولة ممثلة في وزارة المالية. عموماً تحديات كبيرة تواجه الأطراف التي يشملها القانون في الديوان والممولين لتطبيق القانون وإنجاحه بصورة كبيرة. وأكثر ما يميز القانون الثقة الكبيرة التي سيوفرها بين الطرفين, فمن جهة يثق الممول في أن الديوان سيعامله بعدالة واحترام كان لا يجده في السابق, بينما يثق الديوان في أن الممول سيكون أميناً في الإعلان عن دخله الحقيقي, ولذلك سيتم اعتبار الإقرار الضريبي المقدم من الممول صحيحاً إلى أن يثبت العكس, وسيكون هذا هو أساس ربط الضريبة ويقول مصدر مأذون بديوان الضرائب: أن كل ذلك لا يمنع عملية الفحص التي يقوم بها الديوان إلا أنه عاد وقال إنها ستتم بطريقة جديدة من خلال عينات ومعايير يجري تحديدها الآن، وأوضح أن هذه التسهيلات والامتيازات التي وضعها القانون تجعل من المنطقي التشدد في تغليظ عقوبة التهرب الضريبي, ولن يجد الممول غير الملتزم أي تعاطف وإنما سيتم تطبيق القانون معه بكل حسم وردع حفاظاً على حقوق الدولة والمجتمع الذي يستفيد من مال الضرائب بصورة مباشرة وغير مباشرة. ويذهب الأستاذ عبد الرحيم حمدي وزير المالية والاقتصاد الوطني الأسبق بعيداً عن كل ذلك بقوله: أن هذا النظام عالمي ومعمول به في العديد من الدول مؤكداً نجاحه, حيث يقوم على علاقة ثقة بين الممول والديوان، مطالباً بضرورة وجود مراجعين من جهات مخول لها مثل المستشارين القانونيين, مشيراً لأحقية الديوان في مراجعته في حدود معينة، موضحاً أنه يوفر وقتاً وجهداً كبيرين على الديوان فضلاً عن تمكينه من تحصيل أموال الديوان في وقت مناسب. ولا يرى حمدي أي سبب لعدم نجاح هذا القانون إذا طبق بصورة عملية وجادة بوجود خبراء في هذا المجال بديوان الضرائب.. وفي ذات الاتجاه يقول نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان والخبير الاقتصادي دكتور بابكر محمد توم: إن هذا القانون هو أحد توصيات لجنة الإصلاح الضريبي التي أقرتها مؤخراً، مشيراً للتقدير الكبير الذي يوفره القانون للممولين باعتبارهم دافعي الضرائب فضلاً عن توفير المزيد من الثقة بينهم والدولة في كونها أصبحت تتعامل معهم بثقة, مؤكداً أن القانون يتطلب المزيد من الشفافية وسط الممولين لإنجاح التجربة. وطالب توم بضرورة تدريب العاملين للقيام بدورهم في إنجاح وإنفاذ القانون من خلال تقييم فورمات الممولين، إضافة لإلزام المحاسبين القانونيين الذين يقومون بمراجعة الشركات بالمهنية التي تفرضها مهنة المحاسبة والمراجعة وتحمل المسؤولية، وأشار إلى ضرورة وجود إعلام واعٍ يتمكن من إيصال وشرح المعاني العظيمة التي ستجنى من وراء القانون وتوقع رئيس اللجنة الاقتصادية بالإنابة بالبرلمان حدوث بعض الانحرافات في التقديرات الموضوعة، مستدركاً بالقول إمكانية الاستفادة من التجربة تدريجياً في إشارة لما صاحب تجربة القيمة المضافة عند إنفاذها، مشيراً إلى الثقة الكبيرة في القطاع الخاص السوداني ورجال الأعمال لسداد ما عليهم من التزامات ضريبية, وأوضح أن 70% من قيمة الضرائب تدفعها الشركات الكبرى، داعياً لإشراك القطاع الخاص في إنفاذ القانون، مبيناً أن ذلك يدفع للتعامل بشفافية وتحمل المسؤولية. وأيد القطاع الخاص السوداني القرار للثقة التي ستتوفر بين الطرفين. وأشار رئيس غرفة الصناعات الغذائية عبد الرحمن عباس إلى أن هذا القرار يصب في مصلحة القطاع الخاص في كونه يسهم في خفض العبء عن كاهله، مطالباً بضرورة التعامل بثقة وفقاً لما جاء في المنشور حتى ينساب القانون في الاتجاه الصحيح ويحقق مراميه، موضحاً أن ترك الأمر للتقديرات العشوائية سيؤدي بالقرار إلى التهلكة، منوهاً لتعاونهم الكبير لتحقيق ونجاح القانون، مبيناً أن على الديوان العمل على إزالة عدم الثقة بينه والممولين في التجارب السابقة وأن يحذو الديوان التعامل بمبدأ العدالة والمساواة. أما الدكتور عوض حاج علي رئيس مجلس تنظيم مهنة المحاسبة فقد أكد أن المراجع القانوني الممارس للمهنة في السودان له أعراف وتقاليد ونظم, إضافة لأخلاقيات المهنة التي يسير بها في إعداد تقاريره، مشيراً للمسؤولية التي تلقى على عاتقه حال وجود تقصير في تزويره للحسابات، يستدعي المساءلة القانونية ويصل الأمر لشطبه من سجل المحاسبين بالسودان فضلاً عن محاكمته جنائياً على مسلكه. وطالب حاج علي بإشراك المراجعين في القانون بحكم المسؤولية التي تليهم، مؤكداً ضرورة وجود مرشد لتطبيق القانون في كيفية تطبيقه إضافة لتحديد مسؤوليات العميل والمراجع في إجراء المخالفات, ونادى بإخضاع القانون لدراسة كاملة من قبل المهتمين، والمختصين، مشيراً إلى أن الديوان يكون أكثر اطمئنانا على سلامة العمل عند اعتماده على شهادة المراجعين لارتباطهم بأسس ومعايير المراجعة العالمية. وكشف رئيس مجلس تنظيم مهنة المحاسبة عن عقدهم لاجتماع مع أمين ديوان الضرائب لاحقاً لتحديد وجهة نظر المحاسبين في القانون. تبقى أن نقول إن التقدير الذاتي أحد ثمرات لجنة الإصلاح الضريبي التي ناقشت مؤخراً تجربة الإصلاح مستعينة بتجارب عدد من الدول, أبرزها ماليزيا ومصر, ولكن لا نتوقع النجاح في العام الأول للتجربة ونأمل أن يكون هذا العام عاماً للأساس للتقدير الذاتي على أن نستفيد منه في التبشير والتنوير عبر المنابر المختلفة, لإزالة الجفوة المرتبطة بأذهان الناس بين ديوان الضرائب والممولين, حتى تنجح التجربة وعلينا بالصبر فهل نصبر؟.