لا زال الشماليون بالجامعات الجنوبية عالقين ، شأنهم كبقية القضايا العالقة بين الشمال والجنوب ، حيث يأخذ الامر طابعا سياسيا تارة واداريا مرة اخري ، والطلاب في انتظار اجابة واضحة من الجهات المسؤولة ، التي يبدو انها لم تصل الي صيغة تخرجهم بها من الدوامة التي يدورون فيها منذ ان بدأت بوادر الانفصال تلوح في الافق ، فهل سيذهبون الي الجنوب ام سيتم توزيعهم علي الجامعات في الشمال ام هي الجامعة التي ستنشأ علي انقاض جامعة جوبا في منطقة الكدرو ؟ ، ويبدو ان لكل دلوه في هذا الامر فوزير التعليم العالي يري انه لا غرابه في ان يدرس الطلاب الشماليون بمدن الجنوب، فهناك آلاف الطلاب السودانيين الذين يدرسون في الخارج في مصر وماليزيا والهند وغيرها ... فلماذا لايدرسون في الجنوب ، بينما يري الشماليون ان الذهاب الي الجنوب في هذه الاوضاع غير المستقرة أمنياً واقتصادياً مخاطرة بحياة أسرهم وطلابهم لاسيما وان الاوضاع في الجنوب لم تستقر بعد ، وهناك امكانية لقيام جامعة تستوعب الكادر الاكاديمي والعمال ويدخلها سنويا 4000 من الطلاب الجدد فأي السيناريوهات اقرب للحل .. وهل سيفلح بالخروج بالشماليين بالجامعات الجنوبية الي بر الامان ؟ وقد اثار مقترح انشاء جامعة جديدة جدلا واسعا في الساحة ، بينما يراقب الطلاب الاوضاع بحذر شديد ، بعد ان اتجهت القضية لتأخذ طابعا سياسيا وتغشاهم موجة من التوتر بعد ان اعلن وزير الدولة بالتعليم خميس كجو كندا قيام جامعة تضم كل الطلاب الشماليين الذين يدرسون في جامعة جوبا وبحر الغزال واعالي النيل ورمبيك ، الان هذا المقترح لم يجد مساحته من التأييد من وزير التعليم العالي الذي ابدي رفضه للفكرة مبررا ذلك ان الجامعات التي تم نقلها هي جامعات قومية وليست حكرا علي الجنوب ونزحت الي الشمال بسبب الحرب وقتها كان عدد طلابها لايتجاوزون ال600 طالب والان قد وصل عددهم الي اكثر من 20000 طالب وبعد ان استقرت الاوضاع لابد من عودتها الي مقارها الاساسية . وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي بيتر ادوك قد حذر من تسييس قضايا التعليم العالي بما فيها نقل الجامعات الجنوبية ، ويتضح رفضه من خلال وصفه لقرار تكوين جامعة جديدة في منطقة الكدرو انه غير رسمي باعتبار ان وزارة التعليم العالي هي المعنية وليس أية جهة اخري، وهذا القرار لم يخرج من الوزارة وانما من المؤتمر الوطني ، وقال ان فكرة ترحيل الجامعات ليست بالوليدة وانما منذ العام 2002 ولكن لم يتم تنفيذها بسبب الحرب التي كانت مشتعلة في ذلك الوقت وتكرر القرار في العام 2007 لنقل ادارات الجامعات ولم يتم التنفيذ كذلك في العام 2008 حيث تم الاتفاق علي ان ترجع الجامعات الي ماقرها الاساسية بنهاية شهر ديسمبر من العام 2010 ، ونتيجة لبعض المماطلات واجهتهم صعوبة في نقل الجامعات ، وكان هنالك بعض الاساتذة الشماليين الذين يريدون البقاء في الخرطوم ولكن تم تغييرهم حتي تتم عملية التحويل كما يجب . ومن خلال حديثه لم يكن راضيا عن القرارات التي تتخذها وزارة التعليم العالي بالجنوب من بينها طلب الوزارة بالجنوب حصر القوة البشرية الجنوبية التي تعمل في الجامعات الجنوبية بإستثناء الشماليين وصفا اياها بالعشوائية وغير القانونية ، واعتبر ان توقيف ممتلكات جامعة جوبا بميناء كوستي من قبل السلطات الامنية ومنعها من الشحن امر خاطئ ، مؤكدا علي ان ارجاع الجامعات الي مدنها بالجنوب من اجل الاسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وان ماتم استهلاك سياسي ، وابان ان العمل علي حل القضايا مازال مستمرا ولن يتوقف حتي لو انتهت الفترة الانتقالية . واكد بيتر ان الطلاب الشماليين بالجامعات الجنوبية هم مسؤولية التعليم العالي واوضاع الاساتذة تختلف عنهم باعتبارهم موظفين لدي الدولة ، فهم يرفضون الذهاب الي الجنوب فما زالت هناك اعداد كبيرة من الطلاب الجنوبيين باقية في الشمال مازالو مستمرين في الجامعات التي انتسبوا اليها، كما ان هناك مجموعة كبيرة من الطلاب الجنوبيين سيجلسون لامتحانات الشهادة السودانية، وابدي استغرابه من هذا القلق غير المبرر من قبل الشماليين الذين من المفترض ان يواصلوا تعليمهم في الولاياتالجنوبية بطبيعة الحال ، وقال ان الجامعات قامت بنقل معداتها الي الجنوب علي حسابها الخاص ولم يتكفل احد بدفع مصروفات النقل ، وان وزارته طلبت من مكتب القبول اعداد احصاءات دقيقة للطلاب الشماليين بالجامعات الجنوبية، واكد ان التعليم العالي هو الرابط بين الشمال والجنوب وان ليس هناك من سبب يدعو لتسييس قضايا التعليم العالي وخلق اجواء مشحونة ، وبين رفض الوزير وقبول وزير الدولة يقف الطلاب علي طرف الهاوية ... وفي وسط هذه التعقيدات اصدر وزير التعليم العالي بيانا يؤكد فيه ان الجامعات التي تم نقلها قومية وتتسع للجميع . الا ان المبررات التي ساقها وزير التعليم العالي لم تكن مقنعة للجنة العليا لمتابعة اوضاع الشماليين بالجامعات الجنوبية التي انتقدت بيان الوزير ووصفته بالمتناقض لانه اكد علي قوميه هذه الجامعات ، واكدت اللجنة جاهيزيتها للعمل متي تم الاعلان عن قيام الجامعة الجديدة ، كما رفضت بإجماع منسوبيها الذهاب الي الجنوب . وطالبت اللجنة بالاسراع في تنفيذ ما اعلن عنه وزير الدولة بالتعليم العالي خميس كجو كندا وتعيين ادارة للجامعة الوليدة حتي تترتب الاوضاع الاكاديمية والادارية والمالية واوضاع الطلاب بحيث ان هناك 850 عضو هيئة تدريس و700 عامل ومايزيد عن 20 ألف طالب بجامعة جوبا من الشماليين ، وقال المتحدث باسم اللجنة حسن الطيب ان الاوضاع الان ليست كما سبق ويجب ان نضمن حقوقنا كطلاب واساتذة ، وان الظروف الراهنة في الجنوب غير واضحة امنيا واقتصاديا وهناك صعوبة لذهاب منسوبي هذه الجامعات من الشماليين الي جنوب السودان ، وان انشاء جامعة في هذا الوقت من واجبات المرحلة، مبينا ان اللجنة شرعت في تكوين لجان فرعية لوضع مقترحات الترتيب للجامعة الوليدة التي وصلت فيها اللجان الي دراسة دمج الطلاب ولجان صغيرة للتخصصات بجانب مسميات الكليات التي تختلف من جامعه الي اخري وان الجامعة تحتاج الي وضع برتكول، موضحا انهم لاتنقصهم الا رؤية واضحة حول تكوين الجامعة ، كما طالبت اللجنة بتحويل صرف مرتبات الاساتذة الي الشمال حتي لاتتضرر اسرهم ويبتعدوا عن القرارات التي وصفوها بالتعسفية، بالاضافة الي ان الحياة المعيشية في الجنوب مكلفة جدا ولايمكن للطلاب والاساتذة مجاراة الوضع هناك، كما رسم المتحدث باسم لجنة شئون الطلاب عادل محمد علي صورة للجامعة الوليدة المزمع انشاؤها لتنطلق في مارس المقبل، وقال انها يجب ان تكفل حقوق الطلاب والاساتذة ومراعاة التطورات الحديثة لمقرر التدريس الذي يجب ان يواكب المناهج العالمية . فيما قالت امينة الشئون العلمية بالاتحاد العام للطلاب السودانيين مذاهب ابراهيم انهم استطلعوا رأي الطلاب الشماليين بالجامعات الجنوبية من خلال بيان تضمن ثلاثة خيارات من بينها خيار انشاء جامعة جديدة الذي وجد تأييدا بنسبة 69% من قبل 4383 طالبا، ولكن المقترح وجد رفضا من وزير التعليم العالي بيتر ادوك، وقالت انه سيتم تسليم مذكرة لرئيس الجمهورية تتعلق بهذا الامر .