قفز معدل التضخم العام لشهر يناير الماضي إلى 16.7% مقارنة ب 15.4% لشهر ديسمبر بحسب مذكرة التضخم التي أصدرها الجهازي المركزي للإحصاء التي أشارت إلى ارتفاع وصفته بالطفيف في معظم مجموعة الأطعمة والمشروبات، فيما قصر مختصون الخروج من محنة التضخم ومعضلة ارتفاع الأسعار وتخفيف أثره السالب على المستهلك البسيط، على تبني الدولة لسياسة إعادة هيكلة كلية للاقتصاد السوداني عبر اتخاذ حزمة إجراءات إصلاح اقتصادي قائمة المنهجية والعلمية، بعيدا عن تأثيرات الجهوية السياسية، لتفادي تآكل رؤوس الأموال وبسط سبل معيشة سهلة للمواطنين، ومن ثم التقدم بطلب لإعفاء ديون السودان. ويقول البروفيسور عصام بوب إن المجتمع السوداني وجموع المتابعين تعودوا على تلقي الأرقام والبيانات التي درج على إصدارها الجهاز المركزي للإحصاء عن مؤشرات الفقر ودرجاته ومستوى الدخول المالية للأفراد، ومعدل التضخم الشهري الذي بحسب بيان الجهاز لشهر يناير انه سجل ارتفاعا، حيث زاد عن 15.4% إلى 16.7%، ومعنى هذا، بحسب رأي بوب، أن ثمة ارتفاعا في تكاليف المعيشية يعاني جراءها الشعب السوداني بمختلف سحناته وطبقاته الاجتماعية، وإن تفاوتت درجات التأثر، حيث يتأذى بصورة أكبر ذوو الدخول القليلة والمرتبات الضعيفة التي تتقاصر عن الإيفاء بالالتزامات المعيشية الضرورية من مأكل ومشرب وخلافهما. وقال بوب إنه بغض النظر عن صحة أو خطأ بيانات الجهاز المركزي للإحصاء بشأن التضخم، فإنها تعني إقرارا باستمرار عجلة التدهور وفشل السلطات وعدم قدرتها على كبح جماح غول التضخم وغلاء أسعار السلع الأساسية، الأمر الذي اعتبره مزيدا من إلقاء قدر من المعاناة وإضافة المزيد من الرهق المعيشي على كاهل المستهلكين. والشاهد على ذلك كما قال بوب، ما يعانيه المستهلك السوداني ومر شكواه من ارتفاع أسعار السلع المتلاحق بصورة تصاعدية عجز عن إدارك سرها حتى كادت تخبو في نفسه جذوة الاندهاش والاستغراب، حيث غدا يقدم على شراء السلع بأي سعر يطلبه التاجر، دون أن يطرف له جفن جراء ارتفاع أسعارها، رغم عدم قدرة الكثير من المواطنين على مجاراة ارتفاعها المتتالي. وأضاف بوب إنه إن لم تبدِ الجهات الرسمية الأرقام والحقائق بواقعية، إلا أن العبء والعنت والرهق واضح على محيا المستهلكين جراء ارتفاع تكلفة المعيشة اليومية. وزاد قائلاً إن التضخم أكبر عدو للاقتصاد وسيره بصورة طبيعية، وأن في وجوده وتسيده الساحة تنعدم فرص تقدمه وازدهاره لجهة أثره السالب عليه جراء عمله على تآكل القدرة الاقتصادية ورؤوس الأموال وضعف القدرة الاستهلاكية للمواطنين. ويرى بوب أن القضاء على التضخم الذي لطالما أرهق كاهل المواطنين والحكومات على حد سواء، يحتاج لعمل متكامل وجاد من السلطات الاقتصادية والسيادية بالبلاد، باتخاذ حزمة إجراءات وقرارات إدارية قوية قائمة على منهج اقتصادي قويم، بعيداً عن نير التأثيرات السياسية وإطلاق العبارات البراقة والخطب الرنانة والوعود الكاذبة التي قد ملها المواطنون جراء عدم قدرتها على إشباع رغباتهم ولن تستطيع. وختم بأن الحل للخروج من وهدة التضخم يكمن في إعادة هيكلة الاقتصاد كلية، وزاد قائلاً: «ربما كانت تلك الخطوة إن تم إنفاذها وتنفيذها مدخلاً للمطالبة بإعفاء السودان من الديون الخارجية.