جلست القرفصاء أمام شاشة فضائية الجزيرة وأنا أتابع احداث ثورة الشباب في مصر والتي انتصرت أخيراً وتوجت بتنحي الرئيس مبارك عن سدة الحكم والبدء في تنفيذ كل مطالب الشباب بتعديل الدستور وحل مجلس الشعب والشورى والبقية تأتي... وأسهمت قناة الجزيرة في نجاح هذه الثورة بقدرتها العالية على المتابعة والرصد والتحليل، وبالمقابل انهزم الاعلام الرسمي المصري وفتح الباب واسعاً لاعادة النظر في واقع الاعلام الرسمي العربي الذي مازال يعمل بعقلية السبعينات ونظرية (حارس البوابة) التي تجاوزها الزمن، فحينما كان ثوار الثورة المصرية في ميدان التحرير يتعرضون للحملة الشرسة، من (البلطجية) كان التلفزيون المصري يعرض مباراة لكرة القدم. وعندما كانت الفضائيات العربية تصور الملايين في المظاهرات كان التلفزيون المصري يقول ان عدد المتظاهرين في الشوارع مائة شخص، التلفزيون المصري تعامل مع الأزمة بغباء وصور الشباب الاحرار في ميدان التحرير بأنهم عملاء للغرب. ان الاعلام الرسمي العربي في ظل وجود فضائيات جديدة واعلام جديد مثل مواقع الفيس بوك والتويتر أصبح لا جدوى له ولا قيمة له مع طرقه التقليدية في المعالجة ويحتاج إلى مواكبة وإلى معالجات اعلامية أكثر مهنية وهذا الوصف ينطبق على التلفزيون الحكومي السوداني الذي مازال يحلق خارج السرب ويعرض خارج الزفة ومطلوب اعادة النظر في هذه الوسائط الاعلامية التي أصبح ضررها للحكومات العربية أكثر من نفعها. وفي جانب آخر عكست الثورة المصرية قدرة الأغنية الكبيرة على تحريك وجدان الجماهير وليس بالخبز وحده كان شباب ميدان التحرير يقاومون برد الشتاء القارص ولكمات البلطجية وهراوات الشرطة ورصاصها المطاطي، كانت هناك، الأغنية الثورية وسط الميدان والقصائد الحماسية وكلمات ليس كالكلمات من أحمد فؤاد نجم والابنودي وكانت روايات علاء الاسواني تعلى من الضمير الوطني وتطرد شبح الخوف والرهبة. وكان المثقفون يقودون الصفوف ، كان خالد يوسف بمواقفه الوطنية المخلصة وأجمل ما قاله خالد يوسف عقب انتصار الثورة المصرية لقناة الجزيرة رداً على سؤال القناة بأن هل سيكون هناك تصنيف للناس مع الثورة وضد الثورة خاصة وان هناك فنانة مصرية كانت قد صرحت بأن المعتصمين في ميدان التحرير يستحقون (الحرق بالجاز). رد خالد يوسف بأدب رفيع (بأن الثورات لم تكن للانتقام هي مع التسامح لأنه فعل نبيل، واضاف كل الفنانين هم منا وفينا وهم مصريون واذا كان هناك فنان كان يظن ان مصلحته مع النظام السابق ووقف معه لن نحاسبه واذا كان الناس قد حاسبوا أم كلثوم على غنائها للملك فاروق لما أصبحت سيدة الغناء العربي». ووقفت مع الثورة المصرية منى زكي وشريهان وشيرين ونجوم من العيار الثقيل نزلوا وامتزجوا بالجماهير وقدموا فروض الولاء للوطن. ثورة الشباب في مصر أكدت علو كعب الفن في مربع النضال وقدرته على التأثير والفضائيات العربية الاخبارية كانت تحرص على أخذ تصريحات الفنانين جنباً إلى جنب مع المحللين السياسيين في تطور نوعي اعاد الفنانين إلى واجهة التأثير ودحض حجج الذين ينظرون للغناء بأنه (صفقة ورقيص). أقدم تحياتي واحترامي لشباب الثورة المصرية وأقدم تعظيم سلام كما فعل المشير طنطاوي قائد المجلس العسكري الحاكم في مصر لشهداء الثورة. وأرجو أن تشرق شمس الحرية والديمقراطية على مصر الغالية التي نحبها وهي بألف خير وعافية.