انحسرت موجة الهواجس والمخاوف التي سيطرت على الجميع قبل وأثناء إجراء عملية استفتاء جنوب السودان لتقرير مصيره، التي انتهت بانفصال الجنوب عن الشمال، حيث انخفضت نبرة المخاوف لاسيما على الصعيد الاقتصادي، خاصة على صعيد قطاع العقارات الذي لم يكن بمنأى عن مجريات الأحداث، فقد تضاءلت حركة البيع والشراء فيه شأنه شأن سائر أسواق السلع والخدمات، حيث سرت بعض الشائعات بأن أبناء الجنوب قد أقدموا على عرض مساكنهم للبيع خشية لما تسفر عنه نتائج الاستفتاء من انفصال الجنوب، غير أن تجار العقارات دحضوا هذه الشائعات حينها، وأكدوا أن المعروض للبيع من منازل الجنوبيين بالعاصمة قليل جدا ولا يرقى للحجم الذي يتحدث عنه الناس، غير أنهم أرجعوا انخفاض أسعار العقارات والأراضي إلى قلة السيولة التي يعانيها قطاع كبير من الناس، مما قاد لضعف حركة البيع والشراء في سوق العقارات، علاوة على موجة الخوف التي انتابت المواطنين بسبب ضبابية الرؤية عما يسفر عنه استفتاء الجنوب، وأبانوا استمرار انخفاض أسعار العقارات بعد الاستفتاء، لا سيما بعد تمخضه عن انفصال الجنوب، حيث يتوقع أن تقدم فئة من الجنوبيين بالعاصمة على بيع منازلها والاتجاه نحو الجنوب. واشتكى التجار من قلة الطلب على الإيجارات رغم كثرة العرض، وعللوا انخفاض أسعار الإيجار بقلة السيولة وكثرة العرض. ويقول مدير مكتب نبتة للعقارات بجبرة خليفة يعقوب حسين، إن سوق العقار يشهد ركودا عاماً نسبة لحالة الخوف والهلع التي تسربت إلى نفوس الجميع من واقع ضبابية الأحوال قبل الاستفتاء، غير أنه بدأ يستعيد عافيته رويدا رويدا بعد انجلاء الاستفتاء، إلا أن قلة السيولة في أيدي المواطنين قادت إلى تباطؤ استرداده عافيته، الأمر الذي انعكس في انخفاض أسعار المنازل والقطع السكنية، وانسحب بدوره على الإيجارات، حيث كثرت البيوت المعروضة للإيجارات، وانخفض سعر البيت الجاهز بمنطقة جبرة الذي يتكون من ثلاث غرف وهول وصالون مع احتماله لبناء شقة بالطابق العلوي الذي كان سعره في حدود «330 340» ألف جنيه، فأ صبح في حدود «330 310» ألف جنيه. وألمح إلى تباين أسعار البيوت على حسب مساحة وموقع المنزل. وأشار إلى انخفاض سعر البيت بمدينة الشهيد طه الماحي إلى «255» ألف جنيه من «275» ألف جنيه، ووصل سعر القطعة «400» متر إلى «240» ألف جنيه بعد أن كان «255» ألف جنيه، والقطعة المميزة « ناصية » إلى «265» ألف جنيه من «285» ألف جنيه، فيما أبان أن سعر القطعة «300» متر بمربعات «15 18 19» بجبرة انخفض من «135155» ألف جنيه إلى «125135» ألف جنيه، بينما انخفض سعر القطعة «400» متر في مربعي «14 16» إلى «150» ألف جنيه، فيما وصل سعر القطعة «500» متر في منطقة الشارقة الى «230» ألف جنيه. وعن الإيجارت يقول يعقوب إن حركتها ضعيفة رغم كثرة البيوت والمنازل المعروضة، وأرجع ضعفها إلى قلة السيولة في ايدي المواطنين، حيث يفضل الغالبية العظمى منهم السكن في منازل ذات قيمة إيجار تتماشى ووضعهم المادي ومقدرتهم الاقتصادية، وتوقع استمرار الانخفاض في أسعار العقارات والقطع السكنية والإيجارت في ظل الكساد الذي يسيطر على الاسواق، بجانب موجة الغلاء التي طالت كل سلعة، مما انعكس سلبا على سوق العقارات والحركة فيه، إذ يتجه متوسطو الحال في المعيشة إلى تلبية الاحتياجات الضرورية جراء تناقص مدخراتهم. وفي أم درمان يقول مهدي البازار صاحب مكتب عقارات بشارع الأربعين، إن انخفاض عجلة البيع والشراء في قطاع العقارات مردها إلى قلة السيولة، وحالة الخوف والهلع التي سيطرت على الجميع جراء عدم وضوح الرؤية بعد الاستفتاء، ونفى أن يكون للمعروض من العقارات التي يملكها أبناء الجنوب دور في انخفاض أسعار العقارات لجهة قلتها. وأوضح أن السبب الرئيس في الانخفاض النسبي لأسعار العقارات قلة السيولة التي يعانيها قطاع كبير من المواطنين، بجانب أن أصحاب العقارات يحاولون الاحتفاظ بها، لا سيما في ظل تراجع سعر صرف الجنيه السوداني في مقابل العملات الحرة الأخرى. وتوقع أن يستمر انخفاض أسعار العقارت بعد انفصال الجنوب، لأنه عندها سيكون المعروض أكبر من العقارات التي يمتلكها أبناء الجنوب.