وقف «محمد عبدالرحيم « قبالة ساحة النيابة العامة في مدينة بنغازي حيث تجمهر الالاف من الثوّار المنتشين بما حققوه من انتصارات كان الجميع يهتف في انتشاء و في انتظار المزيد من رفقاء الدرب والنضال حتي يكتمل النصاب الذي حُدد من قبل المنظمين للتظاهرة «المليون « . وصف لنا « محمد « وهو أحد أفراد الجالية السودانية المشهد من حيث يقف فقال « لا يوجد في بنغازي أي منتمي لنظام معمر القذافي ، المدينة بأكملها الأن في أيدي الثوار والجميع في حالة فرح « . امتدت اقامة محمد لأكثر من عقدين في ذات المدينة لأجل ذلك هو يعتبر نفسه من زمرة أهلها خرج في المسيرة المليونية المنددة بخطاب القذافي ، مؤكداً أن جميع السودانيين في المدينة حتي الأن بخير لاسيما بعد أن استجاب الجميع لتوجيهات القنصلية والسفارة في طرابلس التي دعت الجميع لالتزام مساكنهم لحين إنجلاء الموقف . ويبدو أن الموقف لن ينجلي دون اراقة المزيد من الدماء خاصة وأن العقيد القذافي أكد أنه لم يستخدم القوة بعد ، ودعا كل مؤيديه للانتفاض والنزول الي الشارع . وبدا ان الجميع أخذ تهديداته علي محمل الجد خاصة وأن تصرفات الرجل كانت علي الدوام تتسم باللاعقلانية و لن يكون أخرها قطعاً ما توارد في مصادر الأخبار من استعانته بمجموعة من المرتزقة من اصول أفريقية لقمع الثوار داخل الحواري والمدن الليبية مستخدمين الرصاص الحي ، تم وقتها تحديد جنسيات بعينها كان من ضمن ما حُدد الجنسية السودانية . وبالتزامن مع تلك الأحداث كانت الحكومة السودانية وعبر لجنة تحقيق شُكلت من جهات مختلفة قد توصلت الي حقيقة مفادها تورط بعض العناصر من الحركات الدارفورية المسلحة في عمليات قنص المدنيين العُزل الناقمين علي نظام معمر القذافي . حيث أعلنت وزارة الخارجية علي الملأ ضلوع بعض من الحركات الدارفورية في أحداث ليبيا . فحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية خالد موسيى قال في تصريحات صحفية « وردتنا معلومات مؤكدة ووثيقة تفيد بمشاركة بعض من الحركات الدارفورية في الاشتباكات التي تجري في الجماهيرية الليبية « . ولوّح الجميع بتحديد حركة بعينها - العدل والمساواة - فقد أوت الجماهيرية الليبية في مايو من العام الماضي رئيس حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم ومن كان معه بعد أن أدارت له الجارة الغربية تشاد ظهرها ، ومنذ ذلك الوقت ظل الرجل بين ظهراني العقيد ، غير أن تحقيقات الحكومة السودانية الان أفضت الي أن المشاركين هم منتمون الي الحركات المسلحة دون الكشف عن انتماءاتهم أو الي أية حركة يُنسبون . . ويري كثير من المراقبين أن الحكومة أرادت من اسراعها بذاك الاعلان الاصطياد في الماء العكر وتحقيق كسب سياسي لاسيما وأن الحكومة الليبية رفضت طرد خليل أبراهيم من اراضيها والاذعان لطلب الخرطوم ، غير أن المتحدث باسم الوزارة خالد موسى نفي ذلك قطعياً وقال « هذا شأن داخلي يخص الحكومة الليبية وهو تصرف تُسأل عنه الحركات المسلحة « . وحتي تضمن سلامة رعاياها المنتشرين في كافة المدن الليبية والذين بلغ عددهم وفق رئيس جهاز السودانيين العاملين بالخارج كرار التهامي حوالي الخمسمائة ألف شخص .فقد أعلنت الحكومة براءة أفراد الجالية من تلك الممارسات التي لا تُمثل بأي حال من الأحوال توجهات الجالية السودانية حسب وصفها . بيد أن العنف ان بدأ لن يميز بين المنتمين للحركات والأخرين من أفراد الجالية المسالمين بل ان أهالي ليبيا يُكنون كل ذوي البشرة السمراء ب« السودانيين »، فكما حكي « محمد « لم يسمع حتي الأن تأكيدا من الحكومة الليبية بضلوع عناصر من الحركات في تلك المواجهات « دون أن ينفي وجود عناصر من دول أفريقية مجاورة في الأحداث ، وقال « الليبيون عادةً يُطلقون اسم سوداني علي كل الأفارقة في الجماهيرية ، وحتي الأن نعامل باحترام فقد عرف عن السودانيين التزامهم الصمت وعدم التدخل في شئوون الغير « ، ولأن الشعب الليبي استلهم ثورته من ثورتي تونس ومصر فان السودانيين لدى محمد في مأمن أيضاً من غضبة النظام الحاكم باعتبار أن السودان لم تقم فيه ثورة وبالتالي لم يتسبب في تأجيجها في دول أخرى . وكانت حركة العدل والمساواة قد سارعت بنفي ماورد من معلومات عن مشاركتها في أعمال القمع التي تقوم بها الحكومة الليبية ضد المحتجين في المدن الليبية المختلفة، حيث قال مسؤول العلاقات الخارجية بالحركة جبريل ابراهيم « ان الغرض من ذلك اشعال نار الفتنه بين الشعب الليبي والحركات المسلحة الموجودة في الداخل « ، مشيراً الي ان عدد الأفراد المنتمين للحركات لا يتعدى عشرة أشخاص .وزاد « الفتنة ستؤثر سلبياً علي كل أفراد الجالية السودانية باعتبار أن كل أصحاب البشرة السمراء سيكونون هدفاً للثوار « . وكانت مصادر موثوقة أكدت « للصحافة « ،ان بعض الأفراد المنتمين لدارفور في ليبيا يعملون في اللجان الثورية المنتمية للنظام الليبي، ويخدمون الحركات المسلحة الدارفورية في ذات الوقت .وأضاف المصدر « ابناء دارفور في ليبيا منعزلون عن بقية السودانيين وهم يعملون وفق مصالحهم الخاص ويخدمون أجندة الحركات المسلحة « . وخوفاً من غضبة الزعيم « كما يحلو للقذافي أن يُنادي »اذا فقد صوابه فان المراقبين بمن فيهم أهالي بنغازي يترقبون بحذر شديد ما ستسفر عنه الأيام القادمة حيث يتوقع الكثيرون شن هجمات انتقامية جزاءً وفاقاً لخروج المدينة عن عصا الطاعة ، ولكن حتي الأن فان المدينة تشهد هدوءاً كاملا ومحالا تجارية مغلقة الأبواب .