ما ان تغدت امريكا بحسني مبارك - سمسارها الرخيص وعميلها المخلص على حساب أمته- كي تقطع الطريق على غيرها من ان يتعشى عليه، حتى بدأ الحراك في اليمن والبحرين وليبيا والاردن، ولكن وتيرة الحركة في ليبيا بدأت بالتسارع غير المتوقع، وجاء الدور على القذافي الذي وصل لدرجة المذبوح الذي يتحرك الحركة الاخيرة، لأنه يتوقع ان لا تستقبله اية دولة، فإما أن ينتحر وإما أن يقاوم بكل ما لديه حتى آخر رمق ولا خيار ثالث أمامه، وواقعه الآن واقع زميليه بن علي ومبارك اللذين ذهبا بلا رجعة إلى مزبلة التاريخ مزبلة الخونة والعملاء. والمرجح ان تكون ست دول اخرى على الاقل مرشحة لأن تغير دول الغرب عملاءها فيها في هذه الفترة الوجيزة، بعد ان اصبح وجودهم بدون فائدة بل اصبح وجودهم يشكل عبئا عليها، وهم يشبهون خيل الانجليز عندما يكبر الحصان أوينتهي دوره يطخونه (يقتلونه)، لأن وجوده يسبب لهم خسارة، إذ يستهلك العلف الكثير بدون فائدة، وهذه الدول سيكون أكثرها في القسم الآسيوي، ولن تكون هناك دولة محصنة او في منأى عن التغيير، والتغيير في الرؤوس وليس في الذيول، وبعض الحكام بدأوا من الآن يتحسسون رؤوسهم ويتوقعون ان نهاية القذافي هي بداية نهايتهم، فبدأوا يحاولون عبثا الغاء بعض مواد دساتيرهم التي جعلت منهم آلهة مخلدين يعبدون من دون الله، وأعلن أكثر من واحد منهم انهم لن يرشحوا انفسهم لفترة رئاسية اخرى، وقام البعض بتغيير بعض وجوه الفساد ومحاولة اصلاح بعضا مما افسدوه، لعلهم بذلك ينالون رضا السيد الغربي ورضا شعوبهم من غير المنتفعين والمتكسبين من أزلامهم، ولكنهم لن يجدوا من يقبل بإشغال مناصب الفاسدين سوى من تلوثت يداه بالفساد، فهم قد أوصلوا الأمة إلى درجات من الذلة والمهانة لم تعرفها منذ وجودها، وأصبحت هذه الأمة تلعنهم صباح مساء وهم يلعنونها كذلك، وهؤلاء اقول لهم ناصحا أن يبحثوا عن ملاذ آمن لهم من الآن، او ان يقوموا بتسليم الحكم الى المخلصين لعلهم بذلك يكفرون عن عظيم ذنوبهم، وأما التابعون لهم بسوء فأبشرهم بأن الأمة لن تسامحهم على ما اقترفته ايديهم في حقها، ان لم يتوبوا من الآن، لأنه عند نهاية حكم اسيادهم لن ينفعهم ايمانهم ان لم يكونوا آمنوا من قبل. وإن الآلة القديمة الهرمة الفاسدة غير الصالحة التي تبعث وتنشر السموم والفساد لا ينفع معها اصلاح، بل لا بد من تغييرها كليا من جذورها، فإصلاحها يؤدي إلى إطالة عمر فسادها وإفسادها. وقد نجى الله بن علي ومبارك بأبدانهما ليكونا لمن بعدهما آية، فهل يتعظ حكام المسلمين -عبدة الغرب- من زملائهم الذين لم تستقبلهم الدول التي ضحوا بشعوبهم من أجلها، وها هو احدهم قد اسس مخيما للاجئين من الحكام المخلوعين الذين سيطالهم القصاص العادل عاجلا او آجلا، وسيعلمُ الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.