القوى الأجنبية وفى مقدمتها الولاياتالمتحدةالامريكية لا تتدخل لحل مشكلات العالم كما تدعي، الا أنها كانت قد سعت سعيا فعليا لحل مشكلة الصومال او فلسطين او العراق، وانما تتدخل هذه القوى من منطلق مصالحها المباشرة والاهتمام الامريكى بالثروات الطبيعية فى السودان، السبب الرئيسى لاهتمام هذه القوى بأزمة دارفور. وبالرغم من الدور الذى تلعبه الولاياتالمتحدة فى اقليم دارفور، الا ان هنالك رؤية غير واضحة حول الدور وحدوده وتأثيره، فقد اتسم التحرك الامريكى خلال السنوات الثلاث الاولى من عمر الصراع فى دارفور بالبغض والبطء، وارجعت SUSAN RICE فى دراسة أصدرها معهد بروكينجز ونشرها على موقعه الالكترونى بعنوان THE GENOCID IN DARFUR، ذلك الى ان الادارة كانت ترى ان الضغط على الحكومة السودانية قد يؤثر على تعاون الخرطوم فى مواجهة الارهاب، وربما يعرض الجهود الامريكية التى تتعلق بتوقيع اتفاق السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان للفشل. وشهدت العلاقات السودانية الامريكية تقاطعات مختلفة خلال عام 2004م، وذلك لظروف السودان الخاصة بالتوتر فى دارفور ومسيرة السلام، مما ادى الى متابعة الولاياتالمتحدة للاحداث ومن ثم مشاركتها من خلال رعايتها للمفاوضات والاوضاع الإنسانية فى دارفور. ويبدو ذلك واضحاً فى حجم الزيارات المتبادلة بين الدولتين، ومن تلك الزيارات: ٭ زيارة وفد الكونغرس الامريكى فى السابع والعشرين من يونيو2004م للوقوف على الاحوال الانسانية، وسير العمل بالمعسكرات فى دارفور، والتأكد من صحة الاتهامات الموجهة الى حكومة السودان. ٭ زيارة السيناتور الديمقراطي وراعي الحقوق المدنية بالولاياتالمتحدةالامريكية جسى جاكسون فى السادس والعشرين من اغسطس 2004م الى دارفور، للوقوف على الاوضاع، وحشد الموارد لتقديم الدعم اللوجستي، ويذكر انه حث على زرع الثقة وعدم التدخل العسكرى لحل الازمة، والسعى الى تجريد أسلحة المليشيات. ٭ زيارة مساعدة وزير الخارجية الامريكى للشؤون الافريقية 19/21 أغسطس 2004م. ٭ زيارة وفد مسلمي شمال امريكا خلال الفترة من 27/28 أغسطس 2004م. ٭ عند زيارة كولن باول لدرافور فى 29 يونيو 2004م والتى قابل خلالها الامين العام للامم المتحدة كوفى عنان الذى كان يزور دارفور فى ذات الوقت. وهذه الزيارة تعتبر اول زيارة لوزير خارجية امريكى للسودان منذ زيارة سايروس فانس عام 1978م، ويتضح الاهتمام الامريكى بمشكلة دارفور منذ بدايتها. وفى يوليو 2004م مرر الكونجرس الامريكى توصية نصت صراحة على اعتبار ما يجرى فى دارفور إبادة جماعية، وهو ذات المصطلح الذي درج على استخدامه فيما بعد كل من كولن باول والرئيس الامريكى جورج بوش الابن، وكذا كوندليزا رايس، واصبح هو المعتمد فى كافة التصريحات الرسمية الصادرة عن سائر المسؤولين الامريكيين، بل وحتى فى التحليلات السياسية الصادرة عن محرري الوكالات الاعلامية التابعة لمختلف انواع الادارة الامريكية. وفى شهرى أبريل وأكتوبر 2004م قدم الرئيس الامريكى شهادته للكونجرس الامريكى فى اطار قانون سلام السودان، بأن الحكومة السودانية والحركة الشعبية يتفاوضان جدياً من أجل إحلال السلام. وقد قامت الولاياتالمتحدة برفع اسم السودان إلى درجة الدول المتعاونة توطئة لرفع اسمه بالكامل عن قائمة الدول المهتمة برعاية الإرهاب، وأغلقت البعثة الدبلوماسية السودانية سفارتها في واشنطون خلال شهر أغسطس 2004م بسبب تنصل السلطات الأمريكية، الأمر الذي أثر على التزامات السفارة المالية تجاه موظفيها، والاتجاه لتسديد فواتير الخدمات الأخرى مثل الكهرباء والمياه والاتصالات. وقد أمهلت الخارجية السودانية السلطات الأمريكية فترة محددة حتى يتم حل المشكلة. وأشارت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها، إلى أنه وبحسب الاتفاقيات الدولية التي تنظم عمل السفارات الأجنبية فإن مسؤولية تسهيل عمل تلك السفارات هي مسؤولية الدولة المضيفة في المقام الأول، وهو الشيء الذي لم توفره السلطات الأمريكية، مما قلل من احتمال اتخاذ خطوات تهدف إلى سحب طاقم السفارة السودانية حال الوصول إلى طريق مسدود بشأن فتح الحساب للسفارة في واشنطون. «نواصل» ٭ باحثة المركزالعالمى للدراسات الافريقية