من العدل ان نقول بنجاح اللقاءات التشاورية التي أجرتها القيادة الاريترية مع قيادات جبهة شرق السودان ، ويتمثل النجاح في اتفاق الجميع على طي صفحة خلافات الماضي والبدء في مرحلة جديدة من العمل المشترك مع كافة الأطراف لتحقيق امن وسلامة واستقرار السودان ككل وإقليم شرق السودان بصفة اخص باعتبار أن كثيراً من الدوائر المعادية لاستقرار المنطقة برمتها بدأت تهتم بالأزمة في الشرق على خلفية نجاح مخطط فصل جنوب السودان . نعم ان زيارة المبعوث الأمريكي سكوت غرايشن لولاية البحر الأحمر حركت الملف باتجاه اسمرا لتحديد الرؤية المستقبلية لشرق السودان وما اذا كانت الأزمة ستتفاقم لتفجر الأوضاع ، إن القناعة السائدة لدى كثير من الدوائر تؤكد وجود نظرية المؤامرة في ما يتعلق بتقسيم السودان وان الأطراف الضالعة فيه متعددة بما في ذلك أطراف داخل الحزب الحاكم في السودان نفسه، وهو الأمر الذي لا يستطيع إنكاره احد فالأدلة موجودة وشاخصة وبالتالي تصبح مسؤولية الحفاظ على وحدة السودان مهمة عسيرة على القوى السياسية الوطنية والأطراف الإقليمية الصديقة ، ولذلك يربط كثير من المراقبين زيارة الرئيس البشير إلى اسمرا قبل أسبوعين ومبادرته بإضفاء المزيد من التحسينات على صعيد العلاقات بين البلدين بإلغاء تأشيرة الدخول من طرف السودان حتى يتمكن الاريتريون من الحرية الكاملة في الدخول إلى السودان كأشقاء لا تفصل الحدود بينهما ، يربطون بين الزيارة التي أعقبتها على الفور زيارة قيادات أحزاب جبهة الشرق لاسمرا بما أفضى بعد اكتمال المشاورات إلى تحريك ملف الشرق باتجاه ايجابي . وقد تمثل التحريك في الاتفاق على عقد مؤتمر تشاوري خلال شهر مارس القادم يضم الأطراف الثلاثة الخرطوم واسمرا وأحزاب جبهة الشرق والقوى السياسية الأخرى لشرق السودان من دون عزل لمناقشة الأوراق اللازمة لصناعة الأمن الدائم والاستقرار وسلامة الأراضي وتحقيق التنمية المستدامة ، إنها أوراق مهمة وتحتوي على تفاصيل مرغوبة من جميع الأطراف ولذلك من المتوقع أن تنشط كافة الأطراف هذه الأيام للإعداد لهذه الأوراق وبالضرورة ستتضمن الرؤية الجمعية لحلحلة مشاكل الشرق . أما على صعيد الخلافات حول تنفيذ بنود الاتفاقية فقد اتفقت الأطراف على تضمين وجهات النظر في الأوراق على ان تكون المحصلة النهائية إعادة هيكلة صندوق الإعمار ليتواءم والصورة المرسومة له حسب الاتفاقية بعد أن أجمعت كافة الأطراف على الخلل الكبير الذي لازم إنشاء وتكوين مشروعات الصندوق والتجاوزات المرصودة في أدائه . بيد أن أكبر مخرجات المشاورات التي جرت في اسمرا الأيام الفائتة هي التأمين على ان الحفاظ على الأمن الإقليمي في المنطقة يتطلب العمل المشترك بين كافة الأطراف من اجل تفويت الفرصة على القوى الخارجية الساعية لتأجيج الصراع عبر العديد من الأذرع بهدف تحويل استقرار المنطقة إلى نيران مشتعلة تتخذ من التمادي في نقض اتفاقية اسمرا للسلام مبرراً لتفجير الأوضاع وفي هذا تتحمل الحكومة السودانية المسؤولية الكاملة لنتائج عدم تنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق .