نعم تخطئ الحكومة السودانية خطأً فادحاً ان ظنت أن اهمال ملاحظات أحزاب جبهة الشرق تجاه أداء صندوق الاعمار سيمر مرور الكرام ، فالصندوق الذي أقرته اتفاقية اسمرا سمي صندوق الشرق وبالتالي لابد أن يكون مديره العام من أبناء الشرق يرتضيه الجميع ومشروعاته مرسومة بأيدي سكان المنطقة لأنهم الادرى باحتياجاتهم ومتطلباتهم الأساسية ، ان الصندوق اليوم يعيش عزلة وغيابا تاما ومن الواضح أن سياسة التهميش ما تزال تسيطر علي عقلية الطرف الحكومي الموقع علي الاتفاقية بحيث يوقع علي شئ أمام الوسيط والضامن الاريتري ثم يبدل الأمور بالداخل اعتماداً علي سياسة فرض الأمر الواقع متناسياً أن هذه السياسة كانت سبباً رئيسياً في تفجر الصراع المسلح في شرق السودان ، ان ما توصلت اليه جميع الأطراف في المشاورات التي جرت بأسمرا الأيام الماضية يعتبر اعلان مبادئ شامل واجب التنفيذ ، وبحسب افادات عبد القادر ابراهيم علي رئيس حزب الشرق للعدالة والتنمية احد مكونات جبهة الشرق وعضو مجلس ادارة الصندوق فان اعادة هيكلة ادارة الصندوق بما يفضي الي تسليم زمام القيادة فيه الي احد أبناء الشرق يعتبر خطوة أولى في الاتجاه الصحيح عوضاً عن مراجعة المشروعات المنفذة وتلك التي لم تنفذ وفتح ملف المسرحين من جديد باعتبار أن التقارير المرفوعة عن اكتمال الاجراءات المتعلقة بملف الترتيبات الأمنية تقارير يكذبها الواقع . إن قوي الشرق الموقعة علي اتفاقية اسمرا لم ترفع السلاح من اجل الحرب ولكن من اجل رفع التهميش واستجلاب التنمية ومن المهم ان تعترف الحكومة بأنها أخطأت مرتين في حق أهل الشرق مرة حينما فرضت العزلة والتهميش علي الاقليم بما أفضى الى افقار السكان وتعرضهم لكوارث صحية وبيئية وغيره. والثانية حينما وقعت معهم اتفاقية السلام لتمنحهم المكاسب باليد اليمني ثم تسلبهم ذات المكاسب باليد الشمال ، نعم ان الحكومة تقول انها تؤمن بمبادئ الاسلام ولكن الرسول الكريم يقول « من غشنا ليس منا » وهاهم ابناء الشرق يشتكون لطوب الأرض من ان الخرطوم خدعتهم ولم تنفذ كافة بنود اتفاقية السلام الموقعة بضمانة ورعاية الحكومة الاريترية، فهل ستستمر سياسة الانكار أم أن الحكمة والحق يقتضيان الايفاء بالالتزامات والوفاء بالعهود والمواثيق ، وعلي العموم فان المؤتمر التشاوري المزمع عقده منتصف أو أواخر شهر مارس القادم وما سيطرح فيه من أوراق سيكشف ما اذا كان الاقليم سيشهد توترات جديدة ام يسير علي درب السلام والتنمية والاصلاح كما يطالب أبناؤه بذلك . لقد كان لقاء اسمرا بين قيادات أحزاب جبهة الشرق فرصة طيبة لاستكشاف الأرضية الصلبة والمناسبة لاعادة توحيد هذه المكونات بما يقود الى توحيد الكلمة واقتلاع الحقوق والمكاسب المشروعة ، ان اقتلاع الحقوق يشبه عملية « اقتلاع الجذور » او ما يطلق عليه الاريتريون « فنقل منبع كل التحرير » اشارة الى تحرير مدينة مصوع الساحلية مرتين ، ان أحزاب جبهة الشرق يمكن أن تستفيد من هذه النظرية سلمياً بتحرير وتنفيذ ما تبقي من بنود اتفاق السلام من القيود التي كبلت بها دون حاجة الي رفع السلاح مجدداً طالما أن الحكومة ثابت الي رشدها وقررت الرجوع للضامن الرئيسي للاتفاقية للتشاور حول اقرب السبل لانهاء الخلافات حول الملف ، كما ان الرؤى التي تم طرحها من قبل الأحزاب في مشاورات اسمرا تصلح لان تكون نقطة الانطلاق الصحيحة باتجاه المؤتمر التشاوري القادم والذي ستقوده أحزاب جبهة الشرق دون اقصاء او عزل لبقية القوي السياسية في شرق السودان ومنظمات المجتمع المدني وشبكات التنمية القاعدية .