السكينة والسيف متلازمتا أدروب يستوجبهما الموروث الاجتماعي ولا تكتمل الشخصية الا بهما اضافة الى الخلال وابتسامته القادرة على احتواء الكون، واذا كانت موروثات القوم تقول إن السيف والسكين لليوم الاسود في ظل سيادة بياض النيات الا ان اليوم الاسود قد آن ، فدفاتر الشرطة والدراسات الاجتماعية تضع ولاية البحر الأحمر في المرتبة الثانية في جرائم القتل العمد، ساعد على ذلك انتشار الاسلحة البيضاء في ايدي المواطنين وهو امر زادت خطورته التحولات الاجتماعية وارتفاع نسبة العطالة بعد خصخصة الميناء وانتشار الفقر والغبن الاجتماعي . لقد ارتفعت اعداد من يطالبون السلطات المحلية باصدار قانون يحظر حمل الأسلحة البيضاء في الأسواق والاماكن العامة وذلك للحيلولة دون الاستخدام الخاطئ للأسلحة التي تسببت مؤخرا في ازهاق عشرة ارواح في أماكن متفرقة بالولاية ولاسباب مختلفة لاترقى جميعها الى الوقوع في براثن الشيطان وعدم السيطرة على التصرفات ومن ثم قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق . لقد اعادت جريمة القتل النكراء والبشعة التي شهدتها مدينة بورتسودان قبل يومين امام ناظر المواطنين وبالقرب من قسم الحوادث بمستشفى المدينة الساحلية التي لم تكن تألف مثل هذه الجرائم ،اعادت الحادثة مجددا مطالب المواطنين وعدد من المهتمين بضرورة تنظيم حملة توعية كبرى للتعريف بمخاطر حمل السلاح الابيض واستعماله بعيدا عن غرضه الاساسي والمتمثل في أنه إرث سامي المضامين يرمز للعزة والشموخ والفخر والكبرياء والشجاعة وليس قتل الآخرين والعزل ،ويرى الفريق شرطة عثمان فقراي أن حمل الأسلحة البيضاء من العادات المعروفة في الشرق وهي ترمز للفخر وللدفاع عن النفس في ذات الوقت ،وقال إن هذه ثقافة قومية مؤثرة وكبيرة لايمكن ان تندثر مهما كانت الدواعي ،ويضيف :ولكن عند تعارض العادات والتقاليد مع المصلحة العامة وظهور سلبيات لها طبيعي ان يعاد النظر فيها وتقنينها ومعلوم ان درء المخاطر مقدم على جلب المنافع ،ومعالجة ظاهرة حمل الاسلحة في الاسواق والطرقات للحيلولة دون وقوع جرائم قتل ليس بالأمر الصعب. وهنا أقول رغم وجود أمر محلي بحظر حمل الأسلحه في الاسواق صدر قبل عقود غير انني ليس من انصار تطبيقه نصا بل روحا وذلك مراعاة لخصوصية المنطقة وان السلاح الابيض ثقافة ،ويجب ان يقوم تعامل السلطات عبر التوجيه والارشاد والزام من يحمل السلاح بكتابة تعهد بعدم حمله في الاسواق والأماكن العامة، كما يجب ان يكون لقيادات الإدارات الاهلية دور في هذا الامر وذلك لتأثيرهم الكبير على أفراد القبائل المختلفة بالمنطقة ،وعلى منظمات المجتمع المدني بالولاية قيادة حملات توعية كبيرة للتنبيه بضرورة عدم استعمال السلاح الابيض في قتل الآخرين ..ويقول قيادي فضل حجب أسمه أن الغبن الذي يشعر به البعض والظلم الذي حاق بالكثيرين من جانب الدولة وحكومة الولاية وإنتشار الفقر والبطالة كل هذه الاشياء حقائق ماثله ولكنها ليست اسبابا مقنعه لوقوع البعض في جرائم القتل العمد التي نهى عنها الدين الاسلامي ،وقال إن حكومة الولاية تبدو في وادٍ ورعاياها في وادٍ آخر وانفصالها عن المجتمع وعدم اهتمامها بقضاياه ودراستها وتحليلها من أكبر نظام حكم لايلا الذي كان عليه ان يبحث عن الاسباب التي وضعت الولاية في المرتبة الثانية على مستوى السودان في جرائم القتل ،وأشار الى ان مثل هذه الأرقام والحقائق ضد السياحة التي تستحوز على كل اهتمام حكومة الولاية ..من جانبه أشار الزميل احمد محمود ود احمد مشرف قسم الجريمة بصحيفة بورتسودان مدينتي الى أن كل جرائم القتل التي وقعت في الولاية خلال الفترة الماضية لم تأتِ لدوافع قبلية بل نتيجة لخلافات شخصية واسباب يعتبرها الكثيرون غير مقنعة ولاترقى لإرتكاب جريمة قتل ،وقال ان شرطة الولاية مهما اجتهدت فلن تستطيع رغم جهودها الكبيرة والمقدرة ان تمنع وقوع جرائم القتل التي تحتاج محاربتها كما اشار الى تضافر مجهودات المجتمع وحكومة الولاية مع الجهات الامنية ،وكشف ود أحمد عن عدم وجود جريمة غامضة وقال ان شرطة الولاية تنجح دائما في الوصول سريعا الى الجناة ولم تسجل جريمة قتل ضد مجهول ،وناشد جامعة البحر الاحمر ووزارة الرعاية الاجتماعية والشرطة والجهات ذات الصلة بعقد سمنار لتناول ظواهر القتل العمد والبحث عن اسبابها ومعالجتها.