قد زرت بورتسودان في الايام السابقة وذلك ضمن فريق تلفزة البطولة الافريقية للمحليين ووجدت ان بورتسودان ما تزال تتمسك بتفردها وسحرها وجاذبيتها وتراثها واناسها الطيبين. وقد حللنا بفندق اوكيل وقد وجدنا اصحابه والعاملين فيه اناسا يحملون صفات انسان الشرق كرما وبشاشه. اوهاج علي ومحمد موسى اوكير وفي اول يوم بجوار الفندق عزمني محمد موسى اوكير جبنة ابو تكة وابو تكة تطلق على الجبنة التي يبيعها الرجال وبعد ذلك تناولنا جبنات عند سميرة وصفا ووجدنا ان للجبنة طقوسا وبخورا في ثغر السودان ويا بنية سوي الجبنة فوق ضل الضحاوية الجبنة التسويها حالف ما بخليها فنجان جبنه بشمالو يسوى الدنيا بحالو وفي عروس البحر الجبنة في كل مكان وفي كل ركن من سوق المدينة ومن احيائها إن كان في ترب هدل او ديم الشاطي وتناول القهوة دلالة على تمسك انسان الشرق بثقافته المحلية وتراثه، وأن شرب القهوة او الجبنة جزء من الحراك اليومي لانسان الشرق وهي ميزة من ميزات اهل الشرق وقبائله الضاربة في قدم التاريخ، وهي الامرأر والهدندوة والارتيقا والبني عامر والحباب ونجد ان القهوة لكل هذه القبائل تمثل خصوصية في الاتراح والافراح ونجدها في السي لاند وفي البيتش والذي اصبح يحمل اسم شواطيء بورتسودان انارة وألقا وسمرا وانسا في كل مكان من جنبات المدينة التي تضج بالحياة وانت تسمع مرحبا دبايو اتنينا التي ادهشت البرتقاليين الذين جاءوا للسودان ضمن فريق اسبورت فايف واصروا على ان يمتلكوا عدة صناعة القهوة، وذهبنا بهم لمدينة عرب واندهشوا لبساطة الانسان البجاوي واتقانه لصناعة الجبنة بل لقد استخدموا مساويك الاراك بدلا عن الفرشاة والمعجون. وديم مدينة عرب قلعة سياحة بتفرده في صناعة السيوف وجفير السكاكين وسوط العنج موجود في كل مكان في السوق، ورغم ان سوق مدينة عرب هو سوق السلات اي الشية على الحجر ففيه الاكسسوارات المرتبطة بأنسان الشرق من قهوة وسيوف وشوتال واسواق بورتسودان مرتبطة بهوية الشرق وتكوين الانسان في زيه من السديري وملامحه وفي احتفال المولد عند السي لاند تجد تمازج جميل بين كل الناس ان كانوا من الشرق وانحاء السودان المختلفة وهنالك قواسم مشتركة بينهم الا ان الشرق يحافظ على عاداته وتقاليده وينقلها للاجيال.. ولم يتأثر الشرق بالعولمة وضياع الهوية بتلاشي الثقافات واختفائها.. وقد جسد الشاعر البجاوي ابو امنة حامد نشاط انسان الشرق الابداعي ويقول: انا بطبعي ملول لا احب الاستكانة او الجلوس في مكان واحد لفترة طويلة. وهنا اشارة الى ان البجاوي يعشق حرية الحركة ورفضهم لكل امر مقيد وقد مثلهم في خريطة العالم العسكري البطل القومي الفذ الامير عثمان دقنة، امير الشرق عندما جندل الغزاة في الشرق وتحدث عنه العالم كصاحب استراتيجية عسكرية وقتالية متفردة وانه اول من حطم المربع الانجليزي. وانسان الشرق صاحب ضمير نقي وبسيط في حياته وفي حله وترحاله يعشق حياة البادية ويحمل في جرابه مستلزماته. ويبدو انه يحتفل بكل ما تحتفل به مدينة بورتسودان وقد ازدانت طرقاتها وفنادقها ومنتدياتها بالبطولة الافريقية للمحليين ولبس الاستاد حلة زاهية من العمران والتجديد والطلاء والاضافات التي تمثلت في غرف اللاعبين والحكام وكبار الضيوف، وقد شاهدنا قبل بداية البطولة واثناءها حركة خليل عثمان وزكي حاج علي وامير حسون ومحمد جعفر وهم يستقبلون الضيوف ببشاشة انسان الشرق ويعدون المكان الاستاد لتكون الافتتاحية جاذبة وقد ابدع طارق بركة في حفل الافتتاح في بساطة الاحتفال ورمزيته واحتوائه على مكونات ثقافة انسان الشرق من ابداع تمثل في اداء فرقة السماكة والفرق الشعبية المختلفة واستخدام الزي الذي يرتبط بالشرق والرقصات المعبرة التي جسدت هوية السودان، وقد بزّ حفل الافتتاح في بورتسودان حفل الخرطوم الذي اعتمد على الاضاءة فقط لكن في بورتسودان تحركات المجموعات من الفتيات والفتيان في اداء جماعي نال التصفيق والصفير اعجابا من الحضور وادهش ضيوف البلاد وعلى رأسهم عيسى حياتو رئيس الاتحاد الافريقي وقد شرف كل مسؤولي الولاية البطولة وكانوا حضورا بقيادة الوالي محمد طاهر ايلا ووزرائه وكان حضور الجمهور مشرفا وقد كانت البطولة في بورتسودان تظاهرة كروية ثقافية وقد خرج الضيوف بانطباع جميل عن بورتسودان وساكنيها.. والاحتفالات بكورنيش النيل تركت اثرا طيبا عن فن الشرق ويظل سيد دوشكا ومحمد البدري وعادل مسلم وكل فناني الشرق مبدعين يشدون اوتار المغني في الشرق وتصدح كلماتهم ان كانت باللهجات المحلية او العربية يلامسون احساس الانسان السوداني.. ويظل سوق السقالة في البر الشرقي مكانا لصناعة السمك وقد شهد السوق اضافات عمرانية جديدة يتم فيها تناول الاسماك ومن اشهرها الناجل والقهوة ايضا مصاحبة للطعام كسمة اساسية من سمات الشرق. وفزي وزي لاهلنا في الشرق ودبايو ادروب وعوجات كيها وسلام عليكم كعمار للشرق وصيادين وبحارة ومناولين ومخلصين وتحية لكل من قدم للشرق عرقا وابداعا وكرما، وتحية لمحمد سليمان الحلو ذلك السوداني الذي تشرب بحب بورتسودان وصار جزءا من حراكها المعرفي، وللاخ انور ولموسيقى القوات المسلحة ببورتسودان التي شاركت في مهرجان الافتتاح في عروس البحر بورتسودان وسلام لكل الاهل بالشرق في سنجنيب وعقيق وعروس وسواكن جزيرة الاحلام وشاهد التاريخ على عظمة انسان الشرق فلتمخر البواخر عباب البحر ناشرة ثقافة انسان السودان بحارة ومثقفين وهم يحملون ملامح الشخصية السودانية ذات الوعي المعرفي الذي يشكل سوداننا وطنا بين الامم ان كان من ديم النور او من اية بقعة من بقاع سوداننا.. وتحية للاعب الاسطورة الطاهر حسيب الذي تابع البطولة واشاد بتنظيمها ولترتار وكوبري وكل رياضيي بورتسودان وفنانيها ولاوكير السلام.