ربط خبراء حالة كساد سوق العقارات وارتفاع أسعارها بالإطار الاقتصادي الكلي بالبلاد وما يعانيه من أزمات داخلية أو تداعيات أزمات خارجية مما قاد لخلق حالة من عدم الثقة لدى المستثمرين المحليين والخارجيين من الولوج في دنيا العقارات في ظل الأثر التصخمي على القيمة الحقيقية للنقود مما قاد لرهبة وسط المستثمرين في الادخار في الأصول العقارية في وقت تباينت فيه أسعار العقارات والقطع السكنية بالعاصمة القومية . يقول صاحب عقارات نبتة بجبرة خليفة يعقوب إن أسعار الأراضي والعقارات بالمنطقة شهدت ارتفاعا كبيرا وأنه لا يعرف سببا رئيسا أوجوهريا لارتفاعها رغم حالة الكساد والركود التي تحكم قبضتها على مفاصل السوق فحرمته من الانطلاق وأوضح يعقوب أن أسعار القطع السكنية في مربعات (15-18-19) قفز من (140-145) ألف جنيه إلى (165-170) ألف جنيه للقطعة وفي مدينة الشهيد طه الماحي ارتفع سعر القطعة الناصية من (280-285) ألف جنيه إلى (300-310) ألف جنيه ووصل سعر القطعة العادية إلى 285 ألف جنيه فيما ارتفع سعر القطعة 300 متر بحي الأندلس من 16 ألف جنيه إلى 24 ألف جنيه وكذا الحال بحي الشارقة حيث وصل سعر القطعة الناصية 300 ألف جنيه من 255 ألف جنيه وأضاف خليفة إن التجار عزفوا عن شراء الأراضي لجهة عدم تحقيقهم ربحا من شرائها حيث ان المعروض من التجار وأصحاب القطع أضحى متساويا في قيمة العرض المطلوب وأبان أنه لا يعلم سببا منطقيا لتفسير حالة سوق العقارات بالبلاد حيث أنه يعاني من الكساد والركود وفي نفس الوقت لم تشهد الأراضي انخفاضا في أسعارها بل ظلت تواصل الارتفاع . وفي أمدرمان وبمنطقة الصالحة يقول يوسف دفع الله حمد النيل صاحب مكتب عقارات بحي القيعة إن أسعار الأراضي غير المسجلة (الحيازات) تشهد استقرارا وكذا الأراضي المسجلة التي لا يسكنها كثير من أبناء جنوب البلاد وأوضح يوسف ان سعر القطعة 500 متر بمنطقة الصالحة مربعات (1-10) السكنية يتراوح بين (50-60) ألف جنيه وسعر القطعة في منطقة القيعة شرق يصل إلى 85 ألف جنيه وينخفض كلما قربت القطعة من البحر وابتعدت عن شارع الأسفلت الرئيس حتى تصل إلى 55 ألف جنيه فيما يتراوح سعر القطعة بمنطقة هجيليجة بين (40-65) ألف جنيه وفي منطقة العقيدات يقول يوسف إن سعر القطعة 600 متر يتراوح بين (25-60) ألف جنيه فيما وصل سعر القطعة بحي الجامعة إلى 17 ألف جنيه ويتراوح في مربع 50 بين (45-65) ألف جنيه وختم يوسف أن السمت العام لسوق العقارات بالعاصمة هو الكساد والركود لجهة تخوف أصحاب رؤوس الأموال من الدخول في استثمارات غير مأمونة في ظل التغيرات السياسية التي تنتاب الأمة العربية قاطبة فترمي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية بالبلاد . وبحي العمارات يقول صاحب مكتب عقارات العمارات بشارع الصحافة شرق عمر عبد الرحمن إن أسعار العقارات بالمنطقة تتباين تبعا لموقع القطعة السكنية حيث أن البعض يفضل الأحياء الحديثة لإمكانية التوسع فيها رأسيا وآخرون يحبذون الأحياء القديمة لعراقتها وقربها من مركز العاصمة ولفت إلى استقرار أسعار العقارات بصورة عامة وانخفاض قيمة الإيجارات لكثرة المعروض وألمح إلى أن أصحاب رؤوس الأموال يحبذون الاستثمار في العقارات وليس الاستثمار في مشاريع الإنتاج الحقيقية (الزراعة والصناعة) لبيروقراطية الإجراءات في الأخيرة وصعوبة الحصول على التصديق وعلو كعب الضرائب والأتاوات والرسوم المفروضة على المشروع ومنتجاته .وقال عمر إن هذا الحال حدا بالكثيرين للاستثمار في العقارات والأراضي مما قاد لخلق وفرة في المعروض منها للايجار إذ أن بالعاصمة ما ينيف عن 1000 شقة معروضة للإيجار فانخفضت قيمة الإيجارات بصورة عامة حيث أن ما كان يعرض للإيجار في السابق بواقع 4 ألف دولار انخفض إلى 2.5 ألف دولار والذي ب10 ألف دولار تدنى إلى 6 ألف دولار وكذا أسعار البيع إذ انخفض سعر العقار 600 متر بحي العمارات من 1.7 مليون جنيه إلى 1.2 مليون جنيه ووصف عبد الرحمن ما يجري بسوق العقارات بالمعضلة الاقتصادية الاجتماعية لما تمسه من جوانب اقتصادية وما تفرزه من تداعيات اجتماعية . وعلى صعيد الخبراء يقول البروفيسورعصام بوب إن السودان يعاني من أزمة اقتصادية داخلية حقيقية واكتواء بآثار أزمات عربية وعالمية لها ردود أفعال سالبة على مستوى أداء الاقتصاد السوداني على رأسها تباطؤ حركة وتدفق رؤوس الأموال وحجم الاستثمارات جراء عدم اليقين مما تنجم عنه التداعيات السياسية على الاقتصاد لاسيما على القطاع الزراعي والصناعي مما قاد لخلق فقدان الثقة في هيكل الاقتصاد السوداني وضعف إقبال صغار المستثمرين على الدخول في أي نشاط اقتصادي حقيقى، فاتجهوا مع الأثر التضخمي على القيمة الحقيقية للنقود للاستثمار في قطاعات تقل فيها فرص الخسارة فعمدوا إلى شراء الأصول العقارية وأرجع بوب قلة الإقبال على شراء العقارات إلى ضعف تدفق رؤوس الأموال وزاد أن محافظتها على أسعارها نسبيا وارتفاعها في أحايين كثيرة دليل على الرهبة في الادخار في الأصول. وختم بقوله إن ما يحدث في سوق العقارات أشبه بالمتناقضة الاقتصادية وتوقع تفاقمها في ظل استمرار السياسات الاقتصادية الحالية .