في اللحظة التي يحتفل فيها العالم بغرس بذور المحبة احتفالا بعيد الام فان حالة من الاحتفال يشوبها الخوف تسيطر علي الامهات السودانيات، حالة استمرت سنوات والبنادق تشهر وترتفع اصواتها التي سكتت في الجنوب ليتردد صداها هذه المرة في دارفور ، وبالرغم من ان اكثر من ست سنوات مرت علي الاتفاقيات الا انها اتفاقيات لم تكن بقادرة علي ان تضع حدا للسلاح خارج الاطر الرسمية، وتحديدا السلاح المملوك للدولة من خلال القوات المسلحة او الشرطة والذي تسهل عملية السيطرة عليه دون ان يشكل خطورة في المقابل فان الحديث عن انتشار الاسلحة بات من المهددات الكبيرة للاستقرار في البلاد ،الا ان هذه المهددات بدأت في طريقها للازدياد والصحف تحمل امس في اخبارها ايقاف السلطات الانغولية سفينة أمريكية وهي تحمل شحنة أسلحة تتكون من صواريخ مضادة للطائرات وذخائر ومعدات عسكرية في طريقها لجنوب السودان عبر كينيا، التي كانت السفينة في طريقها اليها، ويضاف هذا الخبر لمجموعة من الاخبار وعدد من السفن التي تم ايقافها وهي تحمل شحن سلاح في طريقها لجنوب السودان الذي ينتظر التاسع من يونيو ليبقي دولة قائمة بذاتها لها كامل الحقوق في ان تحصل علي ما تريد من سلاح وفقا لمنطلقات القانون الدولي الذي ينظم العملية الا انه وفي نفس اليوم حملت الصحف خبرا اخر يتعلق هذه المرة بالجزء الاخر من الدولة في الشمال حيث ابدت الحكومة ممثلة في وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين تحذيرا من خطورة انتشار السلاح في السودان وتشاد جراء الاضطرابات الأمنية التي تشهدها الجارة ليبيا، مشيراً الى تأثر البلدين بما يجري هناك على الصعيدين الأمني والاقتصادي . وقال حسين ان وزارته ترصد الموقف في ليبيا وانعكاسات تسرب السلاح من مخازن القوات المسلحة الليبية، لافتاً الى أن أزمة دارفور سببها الرئيسي انتشار السلاح بأيدي المواطنين وهو الامر الذي يغذي ثقافة الخوف العامة من عملية انتشار السلاح في البلاد، اضف الي ذلك ان اي زيادة قد تفاقم من الاوضاع المضطربة اصلا، ولم ينحصر التحذير في الجانب الحكومي فقط فقد وصلت الامور من تحذير مصدره هذه المرة المعارضة في الشمال والتي قالت انها ترهن أية خطوة لها في انجاز عملية التغيير مؤجلة انفاذ شعارها الداعي لاسقاط النظام بخوفها من تفاقم الاوضاع الامنية وتحديدا انتشار السلاح في وجود الحركات المسلحة وهي مهدد اخر يمتلك السلاح في السودان وتحديدا في اقليم دارفور المضطرب مما يعني ان خطرا محدقا بات يتهدد البلاد ، ويقول الدكتور الطيب حاج عطية الخبير في مجال النزاعات في افريقيا ان السودان بوقوعه في اكثر من نظام نزاع افريقي في اقليم البحيرات وفي اقليم نزاع القرن الافريقي واقليم نزاع غرب دارفور هذه العوامل تزيد من عملية الحصول علي السلاح واستخدامه ، مضيفا ان الثقافة المحلية في بعض مناطق السودان تدعم مثل هذه الاتجاهات الا ان الامر يعود بشكل اساسي لضعف في السلطة . وعمليات حصر السلاح في المقابل ان ثمة عامل اخر يتعلق بالسلاح وتحديدا في ظل تواجد حالة من التوتر بين المكونات المختلفة في الدولة السودانية والعدد الكبير من الحركات المسلحة، وعامل اخر يرتبط هذه المرة بعلاقة الشريكين التي لم يتم بعد فك الارتباط بينهم، وهو الامر الذي ورد في تقرير نشرته صحيفة التايمز. والتي أشارت الى أنه رغم كل هذا مازالت هناك مشكلة رئيسية قائمة وهى أن أحدا من الجنود لم يضع سلاحه من الناحية العملية، وانضم وانخرط بشكل كامل فى الحياة المدنية، موضحة أنه منذ بداية برنامج تسريح الجنود واعادة دمجهم فى الحياة المدنية منذ حوالى 4سنوات ، لم يكمل أكثر من 400 جندى الرحلة واندمج فى الحياة المدنية وذلك وفقا لويليام دينج دينج رئيس لجنة تسريح الجنود الذى قال ان هذا أقل بكثير من نسبة 1 % من الأعداد التي وافقت على ذلك وهناك مخاوف من أن يتعطل البرنامج الذى يستهدف تحويل العسكريين الى مدنيين وهو الامر الذي يفسر حالة الصراعات التي تضرب الجنوب الان بحسب تحليل استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الدكتور محمد حمدنا الله عبد الحافظ ، والذي اجاب «للصحافة» عن العلاقة بين تدفق السلاح وعملية الاستقرار السياسي، مشيرا الا ان النقطة الفارقة في علاقة الحكومة بالمكونات الاجتماعية الاخري هي احتكارها لادوات العنف وتحديدا السلاح وان اي وجود للسلاح في يد جهة اخري هو اختلال في المعادلة يدفع ثمنه الاستقرار السياسي، مشيرا الا ان عوامل كثيرة ساهمت في انتشار السلاح بالسودان ،ولكنه يحلل الامر بالعودة الي مدي التأثير الذي تلعبه المؤسسات الاجتماعية الاخري وتحديدا الاحزاب السياسية، مضيفا ان ضعف تلك القوي الحزبية قاد بشكل او اخر الي تنامي المكونات الجهوية والتي بدأت تعبر عن حقوقها وتطالب بها عبر اساليب العنف والتي تتطلب توافر السلاح وهو امر لم تعد عملية الحصول عليه صعبة طالما ان المصانع تنتج فانه لابد من وجود مشترين وفقا لقانون العرض والطلب الاقتصادي ، ويضيف عبد الحافظ ان هذا الامر سيكون له تأثيرات ولابد من ايجاد معالجات له وهو امر يمكن انجازه من خلال قيام الدولة بدورها في عمليات التنمية الاقتصادية وفقا لفرضية الاستقرار والسلام ، وان أية عملية بعيدة عن هذا الاتجاه سيكون مصيرها الفشل ولن تقود الي نتيجة ملموسة ، قبل ان يشير الي حالة التشاكس التي تميز علاقات الشريكين وأبيي التي صارت علي بعد خطوة من الانفجار وهو ما يتطلب حسما تاما للقضايا العالقة وفقا لثقافة التفاوض. معادلة الاستقرار في مقابل السيطرة علي السلاح التي طرحها محدثي السابق جعلتني ابحث عن آلية يتم من خلالها السيطرة علي السلاح او التقليل منه في ظل وجود ارقام ضعيفة لمثل هذا النوع من المجهودات ، وفي بالي الذي يحدث الان في ليبيا من عدم استقرار وتحذير وزارة الدفاع من انتقال اسلحتها الي دارفور التي لم تضع بعد المفاوضات الجارية لها حلا . خبير امني ، فضل حجب اسمه، قال ان عملية وصول السلاح الليبي لدارفور بات حقيقة يصعب التغلب عليها الان خصوصا في ظل طبيعة التضاريس والحدود المفتوحة بين الجانبين هذا غير عملية عدم الاستقرار في دارفور هذا ان ابعدنا فكرة ان من يحملون السلاح في دارفور لا يحملونه الان مقاتلين في ليبيا هذه العوامل وغيرها مثل تواجد تجار السلاح وطبيعة دارفور نفسها تجعل من عملية الوصول مرحلة وقت ليس الا ، ودور النظام الليبي نفسه في الصراع في فتراته السابقة وهو امر وبحسب حديثه يحتاج لحركة مضاعفة من قبل الحكومة لكبح جماحه وهو ما يعني بالطبع خطوة اولي في سبيل كبح جماح حالة عدم الاستقرار وايقاف حالة الصراع بتجفيف مكوناته وهو امر يبدو صعبا الان بالرغم من امنيات الامهات السودانيات بسلامة فلذات اكبادهن ولكن ليس بالامنيات وحدها يأتي الاستقرار ويعود السلاح ليكون في موقعه الطبيعي وعند اهله الذين يدافعون عن سيادة الوطن ويحمون قانونه ....