أصدر مجلس الوزراء برئاسة البشير الخميس الماضي قرارات شجاعة يمكن ان نصفها بانها ضربة البداية لمحاربة الفساد داخل دواوين الحكومة ، فقد اصدر السيد الرئيس قراراً بايقاف ( سرقة المال العام )عبر احاييل الحوافز التي ظل يصرفها وكلاء الوزارات ومن لف لفهم طيلة السنوات الماضية من عمر ( مجلس الوزراء ) الموقر ، نعم مارس اغلب اعضاء المجلس ووكلاء الوزارات عملية صرف الحوافز لعام ولعامين دون ان يرمش لهم جفن باعتبار ان المال مال الحكومة وليس مال الشعب السوداني ولكنهم اليوم ومع شيوع الوعي الاممي بالجرائم المرتكبة بواسطة الحكومات ضد الشعوب اكتشفوا فضيلة الاعتراف بالذنب وقرروا ايقاف النهب المصلح كما سماه الرئيس البشير عن طريق الحوافز وبرأي ان هذه خطوة متقدمة ولكن ينبغي ان تستتبع بخطوات اخرى مطلوبة . لقد ساهمت الحوافز السابقة في بروز اثرياء جدد نعم ولكن من المهم ان نفهم ان تلك الحوافز المنهوبة ساهمت عبر عمليات التدوير في تثبيت ارجل اولئك الاغنياء الجدد فصنعت منهم مليارديرات جدد ماكانوا يعرفون هم او آباؤهم ما الدولار وما اليورو وما القصور والفلل والمزارع ، ومن المهم ونحن نتكلم عن محاربة الفساد ان نعمل على استرداد تلك الاموال المنهوبة عبر الحوافز ولا نقول عفا الله عما سلف ، ان سياسة عفا الله عما سلف يمكن العمل بها في حالات بعينها ولكن حينما يتم نهب المال العام ووضعه كودائع في البنوك باسماء المسؤولين واقربائهم او تكوين شركات واسواق كبيرة وسوبر ماركت وعقارات بواسطة هذا المال فنحن نتحدث عن نهب مقنن مع سبق الاصرار والترصد ويتوجب علينا استرداده وليس فقط اصدار القرارات بايقاف هذا الاسلوب . نعم يجب ان تكون حكومة البشير اكثر جديةً في محاربة الفساد ليس بتسميته فقط وانما باتخاذ الاجراءات الكفيلة بردعه وبما يضمن اعادة المال العام المنهوب الى مكانه ولتكن المسألة بمثابة تكريس ثقافة وطنية لمحاربة كافة اشكال الفساد في كافة الحقب السياسية والحكومات المستقبلية ، نعم يجب ان تعمل الحكومة على محاربة ثقافة الإفلات من العقاب بعد ان تعود كثير من المسؤولين على الاستهزاء بالقرارات الصارمة التي كانت تصدر من حين لآخر من بعض المتنفذين النظيفين فيطورون اجراءات جديدة لإفراغ القرارات الصارمة من مضامينها والاستمرار في سياسة ( الخم ) ، ان الحوافز المصروفة مقيدة في سجلات المالية والمراجع العام فلماذا يتم ايقافها دون استردادها ؟ انه سؤال جوهري طالما ادركنا بعد فوات الاوان ان الجهاز التنفيذي للدولة كان ضمن منظومة الناهبين للمال العام ، ان وزارة المالية الاتحادية تعلم جيداً ان مسألة الحوافز الخرافية ليست هي الجريمة الحكومية الوحيدة التي ساهمت في مفاقمة الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد وافرزت حالة الغلاء المؤثرة على حياة ومعاش المواطنين ، هنالك العديد من الجرائم الرسمية ما تزال ترتكب ضد المال العام وعلى وزارة المالية الاتحادية تبيينها والكشف عنها بدلاً من الإختباء خلف اصدار قرارات ( تقليص الصرف الحكومي ) والاعلان عن نهج تقشفي جديد . نحن نشجع قرارات يوم الخميس ونثمن هذا النهج الجديد باعتباره خطوة نحو العودة القسرية لنهج الدولة السودانية التي اندثرت معالمها تحت اكوام سنوات الفساد وتغيرت ملامحها بحيث بدا وكأن الفساد هو الاصل والنزاهة والشفافية مفردات غريبة طواها النسيان. ونتمنى ان تتواصل اجراءات محاربة الفساد بالاسراع في تكوين مفوضية مكافحة ومحاربة الفساد ومنحها الصلاحيات الواسعة لمطاردة الاثرياء الجدد بما يمكنها من استرداد اموال الشعب السوداني المنهوبة .