دعت وزيرة الدولة بالاعلام سناء حمد العوض، الي قيام دولة مدنية تستوعب كافة فئات المجتمع السوداني، وتكوين حكومة تضم كل ألوان الطيف السوداني حتى تستطيع مواجهة المرحلة القادمة بعد انفصال الجنوب، وطالبت بضرورة الفصل بين الدولة والحكومة وتقوية الاحزاب واشراكها في الحكم، ودعت للاستفادة من اخطاء الماضي في التجربة السياسية، ومحاسبة الحكام والاحزاب والسياسيين، وان لا تكون الدولة حكراً لحزب بعينه، مشيرة الي ان «الجمهورية الثانية» فرضها الواقع السياسي، وباتت واقعاً لا مفر منه، وشددت علي التعاطي معها بافق وابعاد واسعة. وقالت في منتدي حول «الجمهورية الثانية والدعوة للتغيير» أمس بالمركز القومي للانتاج الاعلامي، ان الدولة السودانية الان تتشكل وفقاً لمعطيات جديدة، ومواجهة بمتغير سياسي داخلي ومتغير جغرافي بعد انفصال الجنوب. ابتدرت المنتدي، الاستاذه سناء حمد العوض، وزيرة الدولة بالاعلام، التي دعت للتعاطي مع دعوة «الجمهورية الثانية» بافق وابعاد واسعة، لأن الدولة السودانية الان تتشكل وفقا لمعطيات جديدة، بعد أن قلصت «نيفاشا» جزءا من مساحة السودان بانفصال الجنوب، في وقت تتشكل فيه خريطة العالم العربي بشكل جديد نتيجة الثورات التي تشهدها المنطقة، واشارت الي ان الحالة السودانية تندرج تحت متغيرين، متغير سياسى داخل الدولة، ومتغير جغرافى، وقالت سناء، ان الدولة السودانية ذهب نصفها بفعل الانفصال، والمتبقي منه يقوم علي ثلاثة عناصر رئيسية هي «الدين، العرق، واللغة» ، وقالت ان اللغة ليست مصدر خلاف بين مكوناتها سوي انها آلية لدي مجموعة من السياسيين، واضافت «ان اختلاف اللغة ليس هاجسا اما الحديث عن العرق فالسودان كان نموذجا لتصاهر الاعراق وكان ممرا لكل القبائل، وقالت لا تستطيع اية قبيلة في السودان ان تجزم بانها عربية، لان جميع قبائل السودان مختلطة. وقالت الوزيرة ان نسبة المسلمين فى السودان حوالي 86%، وبانفصال الجنوب بلغت 97%، واشارت سناء الي ان السودان دخل مرحلة انتقالية، وبداية قيام دولتين، دولة أُم، وهى دولة السودان، والدولة الوليدة، دولة جنوب السودان، التي اختار لها اهلها اسم دولة الجنوب، ودعت سناء الي التعايش بين الدولتين بعد أن اصبح الانفصال امراً واقعاً، وارجعت حالة الغبن التي سادت في الفترة الماضية الي الاستعمار الذي عمل علي تعميق الهوة بين الشمال والجنوب من خلال سياساته الاستعمارية. واشارت الي ان السودان منذ تاريخه القديم المتمثل في «حضارة كوش» لم يخضع الى حكومة مركزية، الا فى العهد التركى المصرى، ومابعد الاستقلال، وحينما جاءت مرحلة المهدية كان الحلم ان يتم تأسيس دولة نتيجة للتظلمات التى عاشها السودان فى تلك الحقبة، كان خلال تلك الحقب القرار السياسي بيد الحاكمين ولا يشرك فيه الشعب السوداني. وقالت وزيرة الدولة بالاعلام، ان السودان من حيث المساحة بعد الانفصال يأتي فى المرتبة السادسة عشرة عالمياً، وقالت ان مساحة السودان المستثمرة كانت حوالي 10%، وان جميع موارد السودان كانت تذهب للحرب، واضافت «لنبنى دولة جديدة لابد ان نضع سياسة لذلك، وان لا تكون الدولة ملكا لحزب، ودعت لمحاسبة الحكام والاحزاب والسياسيين والمعارضين، وقالت الهدف الاعلى ان نكون دولة مستقرة» ، وقالت سناء: اذا استطعنا ان نفصل بين الدولة والحكومة فمن المؤكد سنضمن مستقبل الاجيال القادمة بدولة جديدة خالية من الشوائب، ودعت المواطنين الا يتركوا الدولة للسياسيين والاحزاب، ولابد من الضغط عليهم باعادة هيكلة ونظام الدولة لخلق جسم لصالح المواطن، واضافت «اذا لم نفصل بين الدولة والحكومة سنرجع الى مربع الحرب والتشرذم». ودعت سناء الي قيام دولة مدنية واشارت الي ان كثيرا من الدول اليسارية استخدمت الدولة المدنية التي استمدت من عهد عمر بن الخطاب عندما اخذ من الروم دفتر الحساب ولم يعط اعتبار انهم مسيحيون، ونظر اليها بانها تجربة انسانية لابد من الاستفادة منها، لذلك لابد من الدولة المدنية التي تعزز وتلتزم بوجود احزاب قوية، واضافت «لابد ان نطالب بحكومة بها شركاء، غير ذلك يبقى ليس لدينا قيمة، ولابد من مخاطبة قيادات الاحزاب لان لديهم رغبة فى القيادة، وكذلك مخاطبة المواطن لان له دور حقيقى وعنصر لايمكن ان يتجاوزه السياسيون والاحزاب، وقالت لابد ان نأخذ افضل مافى ماضينا ولانقف نتحسر لان العالم يتقدم، ودعت الوزيرة الي ضرورة فصل الدولة عن الحكومة، وتقوية الاحزاب واشراكها فى الحكم، مشيرة الي ان الجمهورية الثانية فرضها الواقع السياسى لذلك باتت واقعاً لامفر منه، ولقيام دولة حديثة لابد من الاستفادة من الاخطاء السابقة، وان تهتم بالعلماء والتيارات المتعلمة بعيدا عن السياسة، ولدينا مجموعة من المنتمين الى الاحزاب المختلفة لكن لهم عقول منفتحة لذلك دعونا نتصالح معهم ونخرج خارج مربعات الاحزاب، واضافت «دعونا نخرج الدولة من مساحة الخلاف». من ناحيته، قال الاستاذ النور احمد النور، رئيس تحرير صحيفة «الصحافة» في المنتدي، ان السودان منذ استقلاله يعتبر مشروعا وطنيا، لكنه انهار بانفصال دولة الجنوب، لذلك مطالبون برؤية عاجلة لانقاذ مايمكن انقاذه، واضاف «للاسف ليس للحاكمين رؤية واضحة لادارة السودان»، لكنه لم يستبعد ان تكون لهم تصورات ذهنية لذلك، وابان النور ان دولة السودان الجديدة بات لديها واقع سياسى وجغرافى واجتماعى جديد لذلك لابد ان ننظر في كيف نحكم السودان فى هذه المرحلة، وكيف نعالج الغبن الذى يحدث من التطورات السياسية، ودعا الي معالجة ذلك بالاتفاق علي عقد اجتماعي جديد، محذرا من تجاهل تطلعات المواطنين لانها من الممكن ان تفجر بركانا في الشارع يمكن ان يضيع السودان، وقال النور ان الفرصة مواتية لتدارك ذلك، ولابد من طرح حوار وطنى، والان فى المسرح السياسى ثورات عربية سنكون واهمين اذا قلنا لم تؤثر علينا، لذلك لدينا فرصة فى السودان للتغيير بازالة التشوهات ، مشيرا الي ان الجمهورية الثانية تحتاج الى صياغة عقد اجتماعى ومشروع وطني جديد. من جانبه، وصف القيادى بحزب الامة حسن اسماعيل، دولة السودان الجديدة بانها مريضة بداء السكرى الذى بدأ يقطع مساحة السودان، ودعا اسماعيل الى ممارسة الديمقراطية الحقيقية لان ليس لدينا خيار غيرها وان يكون الدرس الذى خرجت به النخب السياسية، وقال «اذا اردنا ان ندير دولة جديدة معافاة تحتاج الى عناية وجرأة» ، وقال حسن ان الفترة الماضية يجب ان نستلهم منها العبر والدروس خاصة انفصال الجنوب الذي جاء نتيجة لرفضنا للاخر، ودعا للاستفادة منها فى تكوين الدولة الجديدة، وتخوف من ان تكون الجمهورية الثانية امتدادا للجمهورية الاولي، واضاف «علينا ان نجلس بكل جرأة لاستئصال الشوائب من الجمهورية الثانية، التي اعتبرها فرصة ومدخلا لممارسة السياسة فى السودان بشكل سليم، وقال يجب ان نتفق ان السودان لايدار الا ديمقراطيا، وحمل مسؤولية الأزمات التى تمر بها البلاد الي ممارسة السياسة الخاطئة من قبل القوى السياسية المختلفة. وقال القيادى بالحزب الاتحادى الديمقراطي محمد المصطفى، ان المرحلة القادمة تتطلب حكومة قومية، حسبما اشارت الوزيرة لكنها لم تتطرق الي الآلية التي تقوم بها الحكومة، فى حين لازال المؤتمر الوطنى يحاور قوى الاحزاب، وقال المصطفى ان القطاع الزراعى حتى العام 1999م كان يشكل اكثر من 71% من اقتصاد السودان لكن بعد البترول حدث فى القطاع الزراعى انهيار لان الدولة اعتمدت فى سد العجز على البترول فقط حتى حدثت الطامة الكبرى بانفصال الجنوب الذى سيأخذ النصيب الاكبر من البترول، وبعدها بدأت الحكومة تبحث عن النهضة الزراعية، واعاب المصطفى، على المؤتمر الوطنى تجاهله للمواطن والاحزاب باعتقاده بانه الاذكى، واضاف «لكن هذا مفهوم خاطئ لدى المؤتمر الوطنى لذلك لابد للمؤتمر الوطنى من ادارة الحوار بعقلية جديدة وليس بتمكينه فى الحكم الى اطول فترة دون مراعاة مصلحة السودان». فيما حذر القيادى بحركة تحرير السودان محمد ابوبكر، من العواقب التى تترتب على السياسة التي تنتهجها الحكومة، وابان ان التهميش هو الذى دفع بحركات دارفور لرفع السلاح فى وجه الحكومة، داعيا الى عملية بناء الثقة بين القوى السياسية السودانية للمحافظة على وحدة السودان.