هل سيفضي الحوار الذي تديره الحكومة عبر مستشارية الامن مع بعض القوى السياسية الى صياغة مشروع وطني وقومي لنظام الحكم في السودان ؟ برأي ان الحوار الجاري الآن يفتقر الى بعض الاركان الاساسية المتمثلة في الحركات المسلحة في دارفور والاحزاب المعارضة في الشرق وجنوب كردفان والنيل الازرق بالاضافة الى بعض القوى السياسية الفاعلة مثل الشيوعي والشعبي . نعم لا يمكن ان نسمي الحوار المنقوص او الانتقائي بالحوار القومي ، يمكن ان نطلق على ما يجري ( تفاهمات ) او مشروع صفقات ثنائية تأخذ الشكل الجماعي بحيث يتم تجميد بعض ازمات البلاد الى اجل غير مسمى ولكن من المهم ان تدرك القوى المشاركة في الحوار الاستراتيجي ان هنالك ازمات مستفحلة لا يمكن الإفتئات عليها وما لم تحل هذه الازمات عبر الحوار مع الاطراف ذات الصلة فإن الحصاد سيكون صفراً كبيراً . ان المغزى من الحوار اي حوار هو التوصل الى رؤية مشتركة حول قضايا بعينها وبرأي ان اكبر ازمة مؤثرة على امن واستقرار السودان هي ازمة البحث المستمر عن الاجابة على السؤال الجوهري ..كيف يحكم السودان ؟ ..نعم نحتاج لمعرفة الطريقة الآمنة التي نتمكن عبرها من تثبيت نظام حكم يأخذ طابع القومية التي لا تتزحزح رغم تعاقب الاحزاب الحاكمة على سدة الحكم عبر الانتخابات الحرة النزيهة ، ان الصراعات المسلحة في المناطق المتأزمة سببها اختلال كفة ميزان السلطة وشيوع الفتن العنصرية والقبلية والجهوية وانتشار المظالم والمحسوبية على حساب القومية والنزاهة والشفافية . ان فتح ابواب الحوار مع جميع السودانيين بلا تمييز هو المدخل نحو سودان خالٍ من النزاعات وبالتالي فإن العقلية التي ضغطت بإتجاه عزل بعض ابناء السودان من المشاركة في هذا الحوار هي عقلية مريضة تريد انتاج الازمة ومن الواضح انها لن ترعوي حتى تشرب من الكأس الذي يدور حالياً في المحيط الاقليمي عبر الثورات الجالبة للعقل..انها عقلية الفراعين الذين لا يؤمنون حتى يروا العذاب الاليم وفي الزمن الضائع مثلما فعل فرعون مصر وهو يعالج سكرة الموت غرقاً . ان كلمة حوار تعني فتح المجال للجميع ليقولوا كلماتهم ويعبروا عن افكارهم ويسمعوا اصواتهم في القضايا المصيرية فلماذا يريدها البعض نادٍ للتفاهمات المشتركة حول قضايا بعينها لا تتخذ الطابع القومي ، ان الحوار الجامع مثل المؤتمر الدستوري الجامع يجب ان يشارك فيه الجميع ويتفقوا عبره على ميثاق لصيانة ما اتفقوا عليه فاذا عزلت قوى من دون بقية القوى فهو ليس حواراً جامعاً سمه ما شئت الا كلمة جامع لان مخرجاته لن تكون ملزمة الا للذين شاركوا فيه فقط فهل ثمة عبقرية في الاستمرار في سياسة الإقصاء ؟ ونرى ان الحوار الجاري بين الحكومة وبعض الفرقاء يعتمد اساساً على ( التفاهمات ) والصفقات وهي امور لا تقدم للبلاد سلاماً ولا استقرارا والصحيح ان تتم الدعوة عاجلاً عبر آلية توافقية الى مؤتمر قومي جامع لمناقشة كيف يحكم السودان دستورياً وبالتالي سياسياً والاستراتيجية القومية للدولة في كافة جوانبها حتى اذا خرج احد على نظام الدولة او تمرد اقليم من الاقاليم ونكص عن الميثاق القومي الجامع هبت كافة جوانب البلاد وليس حكومة الحزب او حزب الحكومة للذود عن حمى الوطن .