السلام عليكم ورحمة الله كان لي شرف التعرف على شخصكم الكريم قبل عام تقريبا وكنت وقتها في جريدة السوداني، إذ زرتك ومعي مقال لك عن فيضانات دنقلا، وذكرت لك بعض أنشطتنا من خلال رابطة دنقلابجدة وتكررت زياراتي لما لمسته منكم من أهتمام بقضايا المنطقة النوبية وكنت أتوقع أن تدلي بدلوك في قضية أراضي الشمالية التي انتزعتها إدارة السدود لما لقلمك من وزن ثقيل وما زلنا نؤمل في ذلك، وارسل لك مقالا في نفس الأمر عله يجد مساحة للنشر بعمودك المقروء؛ لأن الأمر جد خطير، وما ضاع حق وراءه مطالب التحية والتقدير لشخصكم الكريم أحمد شرفي /جدة أسامة التعاون احمد محمد شرفي لم تكن ( أوير وو ألودا ) التي أستمعنا أليها ونحن نزور صديقنا في القولد صديق عبدالرحيم هي بداية تاريخ الزراعة في الشمال، فقد ألف اهلها الزراعة منذ الأزل علاقة ضاربة فى عمق التاريخ أمتدت الى 7 آلاف سنة وصحبتهم مدخلات الزراعة الى مدافنهم تأكيدا لتلك العلاقة الوطيدة، وهم من نقلوا هذه الحرفة الى مختلف بقاع السودان وعلموها الناس إذ أن كل تلك المجتمعات التي تحولت من الرعي والسلب والنهب وخلافه الى الزراعة تحولت على أيدى أبناء الشمال وما أدل على ذلك اكثر من تلك المصطلحات الخاصة بالزراعة والتي أستعصى عليهم ترجمتها فأبقوا عليها نوبية بعد تكبد مشاق أضافة الألف واللام والزراعة هي التي بذرت روح التآخي والتعاون والإلفة بين أهل الشمال ليصدر الحكم الثنائي شهادة التسجيل رقم (1) فى سجلات التعاون بأسم شركة مشو الزراعية كأول عمل تعاونى فى السودان سنة1935 وتوالت بعدها المؤسسات التعاونية الزراعية وغيرها فى الشمال لتبقى الشمالية مصدر الغذاء الرئيسي للسودان وسلة غذاء أهلها من القمح والفول ولم تنتكس الزراعة فى الشمال الا فى عهد النهضة الزراعية والبنك الزراعى والتقاوى الفاسدة الى أن جاء عهد سد مروي ليحكموا على أهل الشمال بالفشل فى مهنة الأجداد وصدر القرار الجمهورى رقم 206 لعام 2005 والقاضى بأيلولة أراضى الشمال الى وزارة الكهرباء والسدود ليذهب بآخر أمل مرتجى للنهوض بالولاية التى تفتقر لأبسط مقومات التجارة وتخلو تماما من الصناعة، وكنا نامل فى أن تصيب الولاية بعض النجاح بالاستثمار فى أراضيها ولكن لا مناص من أن تبقى الولاية فى ذيل الولايات وتحت رحمة المركز تعطى قليلا وتمنع كثيرا والسد فوق ظهورها محمول وليبقى أبناؤها فى المهاجر والمنافى يستجدون الآخرين مما فاض عليهم من رزق أعطوهم أو منعوهم، وأطاحت بلدوزرات السدود بكل من حاول أن يعيق مسيرها وبقى فى مناصبهم القابضون على (حبال بدون بقر ) ورغم أن أنجازات السدود فى كافة مناطق أعمالها صحبتها حوافز وتعويضات مجزية بلغت استبدال القطاطى ببيوت مجهزة فى النيل الأزرق وعوضا عن أن تنال الشمالية حصتها المعلومة من عوائد الكهرباء والرى وخلافه لقاء قيام السد بأراضيها كانت المفاجأة والمكافأة أن تفقد أراضيها وآخر مصادر دخلها ولا أحد ينكر إنجازات وزارة الكهرباء والسدود ووزيرها الهمام اسامة عبدالله التى تخطت النيل وفروعه وعمت بنفعها البلاد فقامت الحفائر والسدود فى الشرق والغرب الا أن قرارا يتخطى مواطن الولاية وحكومتها ومجلسها (التشريفى ) لن يكون مقنعا مهما بلغ بأرض الشمال من أعمار إذ ستبقى طريقة نزع الأرض من أهلها وأيلولتها للسدود هى عنوان الإنجاز ليصبح كجبة الدرويش تبدو ثقوبها وأن سار فيها باختيال ( ولا تمشِ في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )، ولكن المؤكد أن الأرض ستعود يوما بكاملها لأهلها إذ لايصح الا الصحيح وإن لم تسترد اليوم عذراء جرداء فغدا تعود مخضرة تسر الناظرين، وإن غدا لناظره قريب، وليت السدود وإدارتها أكتفت بمد الترعة الرئيسية الى مناطق الاستهلاك بآلياتها وإمكانياتها الضخمة وتقاضت من الولاية أجر ما تضخ فى الترعة من مياه وتركت أمر استصلاح الأراضي واستثمارها لأربابها فى عمل تعاوني متكامل عملا بقول الخالق عز وجل (وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان) صدق الله العظيم