مما يحفظ للخليفة العباسي عبدالله المأمون بن الخليفة هارون الرشيد من أعمال جليلة إهتمامه بالترجمة وتطويره لمركز الإشعاع العلمي والمعرفي الذي اسسه الرشيد تحت اسم ( بيت الحكمة ) ليكون حاضنة اكبر مكتبة في ذلك الزمان ومحلاً لترجمة الكتب من اللغات القديمة الى اللغة العربية اثراءاً للمعارف ولذلك برع عدد كبير من المهتمين في هذا المجال وخلدوا اسماءهم بحروف من نور ومن اشهر المترجمين في العصر العباسي - ثيوفيل بن توما الرهاوي - جورجيس بن جبرائيل - يوحنا بن ماسويه - الحجاج بن يوسف الكوفي - ثابت بن قرة - حنين بن اسحق - اسحق بن حنين الذي اهتم بترجمة علوم الطب ، كما حفظ التاريخ للمأمون اهتمامه بالنسخ وصناعة الكتب وعلوم الفلك ، هذه المقدمة مطلوبة حين الحديث عن النشاط العلمي والادبي الكبير الذي تقوم به جامعة السودان المفتوحة عبر إدارة البحوث والتخطيط والتنمية التي يتولاها الشاب النشط والاديب المترجم الاريب د. فضل الله اسماعيل علي صاحب اشهر كتب الترجمة في مجال ادب الرحلات وهو ضرب راقي من ضروب الترجمات والآداب الانسانية . اهداني د. فضل الله اسماعيل مشكوراً ترجمته من الفرنسية للعربية لكتاب ( يوميات رحلة الى مروي في سنتي 1821 و 1822 ) لمؤلفه الفرنسي لينان دو بلفون ، الكتاب مطبوع بطريقة جميلة وجاذبة ولكني لم اجد الفرصة للاطلاع عليه الا اثناء رحلة جوية طويلة من القاهرة الي جنيف والحق اقول انني التهمت الكتاب التهاماً فقد كانت الترجمة احترافية ادبية تضع القارئ امام الوصف الدقيق للمؤلف للاشياء بل تجعل القارئ يتحول ويتقمص شخصية المؤلف نفسه ويعيش معه تفاصيل الرحلات الانسانية التي نفذها بين طيات التاريخ في ازمان سحيقة داخل ارياف ومدن السودان القديم ، ان الترجمة الصادقة هي آلة الزمن التي تعبر بك من العالم المعاصر لتعيش تفاصيل التاريخ..انها ضربٌ من السحر ولذلك وجدتني حين الفراغ من مأدبة د. فضل الله اسماعيل اتحدث لرفيقي المسافر عن روعة الحدث متمنياً ان يطلع على هذا السفر اكبر عدد من القراء لعموم الفائدة . ولحفظ لحقوق الكتاب المذكور راجعه د. علي احمد قسم السيد وقامت بمراجعته لاغراض التجويد أ.د. سامية بشير دفع الله مما يؤكد ان جامعة السودان المفتوحة التي تأسست في العام 2005 - اول مدير لها كان بروفيسور عبدالقادر محمود عبدالله - تم تأسيسها على ارضية صلبة من المعايير العلمية الامر الذي يبشر بمستقبل زاهر لكافة انشطة الجامعة وفي كافة مجالاتها ، علمت من الاخ د. فضل الله ان هنالك كتب اخري ترجمت للعربية بواسطته وهي الآن في طور المراجعة واجراءات الطباعة منها كتاب ( رحلة الى مروي والنيل الابيض 1819-1820-1821) وكتاب ( رحلة من مصر الي اثيوبيا 1670-1698 ) لمؤلفه الفرنسي بونسيه وهو مبشر مسيحي كان يقوم برحلات استكشافية واستخبارية لصالح مخططات الغرب في افريقيا . ان الترجمة عمل مفيد يعطينا خلاصة الآداب الانسانية ويحشد لنا شتى صنوف المعرفة ولذلك نشكر جامعة السودان المفتوحة بقيادة الدكتور رحمة عثمان محمد مدير الجامعة على اهتمامهم بأدب الترجمة خصوصاً ترجمة ادب الرحلات لما في ذلك من ابعاد علمية ومعرفية واستراتيجية ترتبط بمجمل الحراك القومي الذي تتبناه الدولة للنهوض بالسودان ليتبوأ مكانه بين الامم المتقدمة في كافة المجالات ، كما لا يفوتني ان اشكر د. فضل الله على الهدية القيمة التي اهداني اياها فقد وجدتها افضل صديق وانيس في الغربة وبين طيات السحاب .