قبل أكثر من قرن، أنشد الشاعر المصري رحمه الله حافظ إبراهيم، شاعر النيل قصيدةً حول اللغة العربية، ناعيا فيها حظها بين أهلها، لكثرة الأخطاء، ولعدم اهتمام أهل اللغة العربية بها وأنشد قائلاً: رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلةٍ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي هكذا كانت اللغة العربية قبل أكثر من قرن، فكيف حالها اليوم، بالطبع أسوأ، ولنقف عند تعبير الشاعر «أنا البحر في أحشائه الدر كامن» لله درها اللغة العربية، لغة القرآن ولغة الحساب يوم الحساب، فاللغة العربية مليئة بالدرر، والجواهر «ليس المجوهرات» ولكن أهلها هجروها إلى لغات لم تتصل برواة، وليس لها تاريخ مثل العربية. ولا بأس أن نعرج قليلا ونذكر بعض الأخطاء الشائعة، التي للأسف الشديد نجدها كثيرا في الصحافة العربية ومنها عبارة: «إنشاء» الله والصحيح إن شاء الله ، لأن كلمة إنشاء مصدر وفعلها أنشأ ينشئ إنشاءً، أما شاء فمصدرها مشيئة. ومن الاخطاء الشائعة قولنا: الأعضاء متواجدون في المكان، والأصح موجودون لأن «يتواجدون» أي أصابهم الوجد، وكذلك نقرأ كثيراً عبارة «إعلان هام» وهام هنا خطأ ،لأنها من همّ يهمّ فهو هام، أي مبادر، فيصبح معنى الجملة بذلك «إعلان مبادر!!» والأصح إعلان مهم. ولأ نعفي أنفسنا نحن العرب جميعا من الأخطاء، فكلنا شركاء في تدمير اللغة العربية، وكذلك لا نعفي أنفسنا، نحن السودانيين من الأخطاء الشائعة، ومنها عدم قدرتنا على نطق حرفي القاف والذال بطريقة صحيحة، فننطق القاف غينا وننطق حرف ال«ذ» مثل حرف «ز». أما السعوديون فمعظمهم لديه مشكلة في نطق حرف الضاء، فهم يبدلونها بحرف الظاء، فيقولون للضابط: ظابط ولكنهم بارعون في نطق حرفي الثاء والذال. لكن المصيبة الكبرى هي تأثير العمالة الآسيوية غير العربية على اللغة العربية، فاصبح العرب الخليجيون والمقيمون معهم يجارون الهنود والبنغالة في تحطيم اللغة العربية، فرأينا لغةً هجيناً لا تمت للعربيةِ بصلةٍ، وقد يقول قائل إنها لغة العامة، الدارجة التي لا تؤثر على لغة التعليم والتدريس، ونقول لا، فالإنسان ابن بيئته ويتأثر بمن حوله، فعندما ينشأ أطفالنا وهم يسمعون ويتداولون هذه اللغة الهجين، فإن لسانهم سيتأثر سلبا بها. ألم أقل لكم إن العرب يدمرون العربية. ولنرجع لكتاب الله وسنة نبيه والشعر العربي الرصين «ديوان العرب» حيث نجد العربية محفوظة، فسبحانه تعالى يقول «إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون» ومادام الله تعالى تعهد بحفظ القرآن الكريم، فإن اللغة العربية لغة القرآن محفوظة بمشيئة الله تعالى. [email protected]