3-1 هنالك بعضُ الأخطاءِ اللُّغوية الشائعة في أوساطنا الإعلامية والتي تحتاج إلى المراجعة والمعالجة ، حيث أن بعضاً منها قد يتسرب إلينا أحياناً من خلال اللغة الدارجة والعاميَّة ، يحكي الشيخ الدكتور الطريفي عليه رحمة الله والذي كان محاضراً بجامعة القرآن والعلوم الإسلامية ومن أعلام اللغة العربية بالسودان ومن أئمة المذهب المالكي ، والذي كان يعد مرجعاً في الفقه والحديث وعلم اللغة ، يحكي لنا موقفاً طريفاً حدث له فيقول أنه كان يمشي أمام جامعة الأحفاد فإذا بمجموعة من طالبات الجامعة يمشين إلى جواره فقالت إحداهنَّ: ( كدي أشاغل ليكم مولانا دا ) قال : فسمعتُها تقول ذلك : فقالت : يا مولاَّنا الساعة كم ؟ قال : فنظرتُ إليها فإذا هيَ لا حول ولا قوة إلا بالله .. كاسيةٌ عاريةٌ مائلةٌ مميلة نافشة شعرها ذكرتني بتلك المرأة التي نادت النبي (ص) ليلة عُرجَ به إلى السموات، فقلتُ لها يا بُنَيَّتي .. إنَّ الساعةَ عِلْمُها عندَ ربي وما أراكِ إلا إحدى أشراطُها وعلاماتُها. كان د. الطريفي كثيراً ما يصحح أهل الإعلام والصحافة في بعض الكلمات التي يحرص على نطقها نطقاً صحيحاً، فكان يقول لهم لا تقولوا مكتب القُبُول بضمِّ القاف التي هي جمعُ قُبُل وهو ما يلي الدُّبُر بل الصحيحُ أن تقول مكتَبُ القَبُول بفتحِ القاف .. قال تعالى ( فتقبَّلَها ربُّها بقَبُولٍ حسن ) صدق الله العظيم. وإبان حرب الخليج جاءت صُحُفية إلى د. الطريفي تستطلعه عن رأيه في وجود قواعد الأمريكان في المنطقة العربية فقالت له: ( يا شيخنا نريد أن نعرفَ رأيكم في التَّوَاجُدِ الأمريكي في المنطقة ) فقال لها لا يا بُنيتَّي .. ليس الصحيح التواجد في المنطقة بل الوجود في المنطقة حيث كلمة التواجد من الوجد وهو شدة الشوق ( والأمريكان لم يكونوا في يوم يشتاقون إلينا ) أما كلمة الوجود فترتبط بالمكان ولعلَّ هذا هو الذي تعنينه، فمثلاً الصحيح قولنا لا يسمح بالوجود داخل القاعة بدلاً عن ( لا يسمح بالتواجد داخل القاعة ) والتي يفيد معناها أنه لا يسمح بممارسة الحب والوجد داخل القاعة !!!!! أيضاً من الأخطاء اللُّغوية السائدة في الأوساط الإعلامية قولنا مثلاً ( هذا ما تناولتهُ الأجهزةُ الإعلاميةُ المختلفةُ ) أو نقول ( وهذا ما تناولتهُ مختلفُ الأجهزةُ الإعلاميةُ ) والفرق بين الإثنين هو أننا عندما نلحق كلمة مختلفة بالإسم الموصوف يكون الإختلاف هنا إختلاف تضاد أي أن الجهاز (أ) ضد الجهاز (ب) وأن (ب) ضد (د) إلخ ولكن عندما نقول في الثانية مختلف الأجهزة الإعلامية فالإختلاف هنا إختلاف تنوُّع يعنى أن هنالك عدد من الأجهزة المتنوعة والمتعددة (أ) و (ب) و (ج) إلخ . وكذلك من الأخطاء الشائعة نطق أسماء الآلة : فبدلاً عن مِكنَسة نقول مَكْنَسة بفتح الميم ، وبدلاً عن مِشْرحة نقول مَشرحة ، وبدلاً عن مِكواة نقول مَكواة وبدلاً عن مِلْعقة نقول مَعلقة وبدلاً عن مِنضدة نقول مَنضدة إلخ ومن الشائع عندنا أننا نسمِّي المكان الذي نتوضأ فيه تارة بمكان الوضوء وأخرى بالمُوَضَّأة!!!! والصحيح أن نقول المِيضَئَة ، وبدلاً عن المُصَلَّى يجب أن نقول المَصْلَى ، وبدلاً من الآذان ( النداء الذي يرفع للصلاة) لنقل الأذان بهمزة القطع لأن الآذان من الأذن التي يسمع بها قال تعالى ( أم لهم آذانٌ لا يسمعونَ بها ). وأخيراً هذه همسة في أذن الإعلامي الكبير عمر الجذلي الذي نسمع صوته يترددُ خمسُ مرات في اليوم والليلة، خمسة في الإذاعة وخمسة في التلفزيون وهو يقدم الدعاء بعد الأذان ( اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامَّة والصلاةُ القائمة آتِ محمدٍ الوسيلةَ والفضيلة..... إلخ ) فيا أستاذي الجليل عمر لا تقل آتيييييييي بالمد هكذا بل يجب عليك أن لا تمد التاء بل تعطيها فقط مقدار حركة واحدة وهي الكسرة ، شأنها في ذلك شأن الضمة والفتحة أما الذي تفعله أنت هو مد يصل إلى أربع حركات وأكثر فهذا خطأ، وعليه نرجو ثم نرجو من قادة إعلامنا الموقرين تغيير هذه الدعاء المسجَّل من أجل التصحيح وسلامة اللُّغة حتى لا نوصف من الغير بعدم المبالاة في التعامل مع الفصحى كما فعلت إحدى بناتنا التي بُعثت للخارج ممثلة للسودان في مِهرجان للقرآن في أمارة الشارقة حيث قرأت ( إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدرِ وما أدراك ما ليلةُ القدر ) فقرأتها بالغين بدلاً عن القاف فغيرت المعنى تماماً وسط دهشة الجميع ، فعلينا أن نفرق بين القاف والغين ، والسين والثاء ، والزاي والذال ، ونفخم الظاء ونرقق الراء إن كانت مكسورة أو قبلها مكسور أو ساكنة قبلها مكسور ونفخمها في حالة الفتح والضم أو ساكنة مفتوح أو مضموم ما قبلها. فعلينا تصحيح هذه الأخطاء يا أهل الإعلام حتى لا نكون من أولئك الذين قال عنهم شاعرنا الجميل عبد القادر الكتيَّابي : أصبحتُ من حقِّي أمارسُ لعبةَ التفكيرِ بالألوانِ فى كلِّ المحافل وأقول لا .. للغث لا .. أو مثل نُقَّادِ الضرورةِ قد أجامل حتَّى ولو رُفع المضَافُ إليه ِللدَّوْرِ الأخيرِ وجُرَّ بالرَّمضاءِ فاعل ماذا يَهُمُّ قرارتي أفلستُ أستلِمُ المقابل فالنَّحْوُ لا ولدي ولابنتي ولا أناسيبويهِ والشعرُ لا ديني ولا وطني ولا رزقي عليهِ mahammed mahammed [[email protected]]