٭ عمد عالم الابحاث فارس زمنا طويلا يبحث في كيفية إحداث هزة علمية تجلب له اسما عظيما ومكانة كبيرة في امجاد العلماء، الذين لمع اسمهم في التاريخ وتحدث المهتمون عنهم في معالي الاشراف. ولما كانت المدينة التي يعيش فيها في منطقة تواجه خطر الزلازل باستمرار، وأتت أخبار قديمة تقول بأن هزة زلزالية عظيمة ستدمر المدينة دمارا هائلا، فكثف ابحاثه عن تلك الزلازل حتى يكون له المجد فيها. والاشراف هي في الاصل واجهات الجبال، التي الفها الناس. قال عنترة بن شداد العبسي: واذا الامور تحولت ألفيتهم عصم الهوالك ساعة الزلزال وهم الحماة اذا النساء تحسرت يوم الحفاظ وكان يوم نزال ٭ ولكن فارس لم يتخذ وسائل البحث الصحيحة اذ كان يبحث عن وسيلة تمكنه من اختراع جهاز او آلة يستطيع بها التعرف على وقت حدوث الزلزال، وذلك قبل ساعات أو ايام من حدوثه، ويكون قد اخبر الناس بذلك. ٭ اهتم فارس بأن ينافس باختراعه جهاز ريختر الذي يقيس قوة الهزات الزلزالية ولكن لا يستطيع تحديدها قبل حدوثها، وهو يعتبر ان الدرجات الاعلى من ثمان، درجات مدمرة، وهو المتوقع لمدينته. واحضر عددا كبيرا من الحيوانات يجري عليها التجارب منها فيل وضبع وقطط وكلاب وحيات وفئران، ولكنه اخيرا اقتنع بابعادها جميعا وترك منها فأرا ذكيا، واحدا كان يستجيب بسرعة للمعاملات والاحداث، وكان يهتم به كثيرا وقد اطلق عليه اسم «سُرسُر» ٭ الاسم فارسي، اخذ عن الفرس، وعممت على الخيل، وهو المقاتل على ظهرها. قال عنترة بن شداد العبسي: اذ يتقون بي الأسنة لم اخم عنها ولكني تضايق مقدمي ولقد شفي نفسي واذهب سقمها قول الفوارس ويك عنتر اقدم ٭ الفوارس جمع فارس، ولم اخم اي لم اخادع. ٭ وهو اذ ذاك يعلم ان العلم لا يتم بالخم ولا يمكن للعالم ان يكون كما يقولون «بتاع خم». ٭ عندما صعب البحث على الباحث، لهث في تعلم السحر حتى يجد طريقة للتخاطب مع الفأر، حتى استطاع ذلك اخيرا وقد اعد اشياءه ووجد بوادر استجابة الفأر سرسر، وكان في ذلك يرى انه انتصر انتصارا عظيما سيسبق العلماء وينظر اليهم نظرة كبرياء، وهو الآن قد استطاع الحديث والكلام مع الفأر، سرسر، وقد واجهه بأول سؤال: اريد منك ان تعلّمني كيف تعرفون توقيت وقوع الزلازل قبل حدوثها؟ رد «سرسر» بعجرفة: لماذا؟ قال فارس: لاجل انقاذ المدينة يا صديقي. قال الفأر مستنكرا: انقاذ المدينة!؟ نحن خاصة لا نواجه مشكلة نستطيع الهروب في الوقت المناسب والنجاة بارواحنا. قال فارس: ولكن علينا ان ننقذ المجتمع البشري. ضحك سرسر ساخرا واتبع ضحكه: والمجتمع البشري ماذا لديه للفئران! غير القتل؟ المجتمع البشري يقتل بعضه اكثر من قتل الفئران هل تحسبون ان الارض فقط لكم. عليكم من الآن ايقاف اي اعلان لقتل الفئران. هل رأيتم فئران يقتلون فئران؟ عجبا. ٭ عاد وآض فارس الى اوضته، حزينا وأسفا على النتيجة الفاشلة لمخاطبة الفأر، ولكن عاد وترجاه، والفأر ما يزال يعاتبه ويوبخه على سجنه في ذلك القفص، وتعذيب الفئران اثناء التجارب، حتى وصلا لاتفاق شرح بموجبه الفأر ووضح قدرة الارانب على الاستجابة القوية للكوارث بسبب جهازها العصبي شديد الحساسية. فاحضر الارنب وزوده باجهزة قياس تتعقب وتتبع الهزات الارضية. الفأر يشرح للعالم ماذا تخبئ القياسات من احداث، وكما ان العالم كتم ذلك عن العلماء كتم، سرسر، موعد الهزة القوية القادمة حتى اخذت الفئران بالتكاثر وضاق بها الناس من كثرة حوادثها وشدة سوءاتها. ٭ «الاوضة» التي لدى العالم كلمة فصحى ارى انها من الفعل آض، وفي صرفها آض، يئيض ايضاً. ومنها آض اوضا وكذلك اوضة. وهي مثل عاد عودة وعودا، وفي صرفها عاد عيدا «العيد» وفيها راع «بمعنى عاد.. يريع ريعا» وراع بمعنى فزع.. يروع روعا» قال طرفة بن العبد البكري: تريع الى صوت المهيب وتتقي بذي خصل روعات أكلف ملبد تريع اي تقبل وتعود، والمهيب هو المنادي والروعات الافزاع. لم يفلح العالم حتى اتت الهزة الكبرى، وقد هرب وقتها الفأر سرسر، وترك له افادات تاه فيها، واخذت العالم الحيرة والندم وهو يرى المدينة مهدمة وانتشرت الفئران وسيطرت على المدينة سيطرة تامة، وخرج يتأمل المباني المنهارة ويتأمل قول ابي الطيب المتنبي: تبكي عليهن البطاريق في الدجى وهن لدينا ملقيات كواسد بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد ....والحديث يطول