كان وصول القابلة الى احد البيوت يعد حدثاً فريداً ينتظره الجميع، نساء ورجال فتيات وأطفال، فذاك الحضور المهاب دائماً ما يبشر باقتراب كائن حى جديد لينضم الى الاسرة على يد «القابلة» التي تستقبل اولى صرخات الوجود، ومن ثم تبشر بالذى اكتحلت عيناه بنور الحياة «ولد» او بنت، وعندها تنطلق الزغاريد لتشق عنان السماء فرحاً بالمولود الجديد خاصة اذا كان الطفل الأول للأسرة، وطوال السنوات الماضية ظلت «الداية» تمثل مصدرا موثوقا للنساء، ليس فيما يليها من قضايا الحمل والولادة وصحة الوالدة والمولود، بل تعدتها الى ابعد من ذلك واضحت خبيرة في الشؤون الاجتماعية بشكل عام. الا انه تغيرت كثير من المفاهيم واضمحلت الصورة النمطية «للداية» بعد انتشار المستشفيات والتخصصات الطبية فى هذا المجال، ولكن مازال دورها حاضراً ومؤثراً فى الأرياف القصية والقريبة التى لم تطالها ايادى الصحة الانجابية والخدمات الصحية المكتملة، و»القابلة» حتى الأن تؤدى دورها فى المجتمع وتظل محاطة بذلك الحضور الذي يلعب دورا مهما في تهدئة نفسية الوالدة وطمأنتها بأنها في أيد أمينة، وكغيرها من المهن المختلفة، كانت فى اغلب الأحوال ترث عملها عن والدتها او واحدة من افراد اسرتها، حيث تركن النساء بحياة ابنائهن لهذه الخبيرة بكل تلطف، لانها تعتني بهم وبأمهاتهم وتقدم نصائحها لينمو طفلا سليما معافى عبر العديد من النصائح المتوارثة جيلاً عن جيل، وتتمتع بشخصية قوية تخطف الاضواء فى اي وسط نسائي توجد فيه، بل وتعد احد أهم المرجعيات، خاصة في القرى والتجمعات البعيدة عن المدن ولا تقل في ذلك عن العمدة او المسؤولين الرسميين في المنطقة. ويوافق هذا اليوم الخميس 5 مايو من كل عام الاحتفال ب «اليوم العالمي للقابلات» تقديراً لأساهماتهن المقدرة فى المجتمع ودورهن العظيم فى انخفاض نسبة وفيات الأمهات والأطفال فى العالم، وتجدر الأشارة الى ان صندوق الأممالمتحدة للسكان يولى اهتماما كبيرا بقضايا الطفولة والأمومة والصحة الانجابية وتعزيز دور المرأة فى المجتمع ويساهم بشكل مقدر فى دعم البرامج الوطنية التى تعنى بتطوير مهارات القابلات ودعم الكوادر الصحية فى هذا المجال من اجل تحقيق شعار «ان يكون كل حمل مرغوب فيه، وكل ولادة هى ولادة آمنة، وكل مولود بصورة صحية ومعافاة»، وفى هذا اليوم بالتنسيق مع ادارة الصحة الانجابية الاتحادية يوجه المدير التنفيذى لصندوق الأممالمتحدة للسكان الدكتور بابا توندى اوشويمن عدة رسائل وهى «القابلات المؤهلات هم مفتاح لحماية ارواح الأمهات والأطفال حديثى الولادة» و «القابلات يسهمن فى تعزيز الصحة الانجابية للأفراد والأزواج» و»الاستثمار فى القابلات هو استثمار فى صحة الأمهات والأطفال»، وتأتى مناشدة المهتمين بالصحة الانجابية بضرورة تدريب القابلات بحيث ان تتم كل ولادة تحت اشراف قابلة متدربة، ولايتم ذلك الا بتضافر الجهود الشعبية والمحلية والدولة عن طريق المجالس التشريعية واللجان الشعبية بدعم الفكرة فى الأحياء والقرى بتأهيل القابلات، واوضح تقرير صندوق الاممالمتحدة للسكان الاخير ان اكثر من ثلث النساء فى البلدان النامية يضعن مواليدهن بمفردهن، او فقط بوجود قريبات لهن فى مرحلة من اخطر المراحل، وفى البلدان الأشد فقراً تحظى نسبة قليلة تصل الى 13% من اجمالى حالات الولادة بمساعدة من جانب قابلات او اختصاصيين من ذوى المهارات، واثبتت التقارير انه فى كل يوم تموت «1000» امرأة، ويموت «5500» من الأطفال حديثى الولادة فى الأسبوع الاول لولادتهم نتيجة لفقدان الرعاية الطبية الكاملة، وحالياً يصل النقص الى قرابة «350000» من القابلات المتخصصات ما يؤدى الى وفاة الأمهات وأطفالهن نتيجة مضاعفات يمكن تجنبها بسهولة بتوفير اختصاصى الصحى، والقابلات هن البطلات المغبونات اللاتى لا يقدرن حق قدرهن فى مجال صحة الأم والطفل، ومن المنتظر فى هذا العام 2011 يركز صندوق الاممالمتحدة للسكان على الدور الحاسم الذى تؤديه القابلات فى انقاذ الأرواح وتدعيم النظم الصحية الوطنية، بالتعاون مع اكثر من 20 من الشركاء فى هذا المجال، والتوسع فى البرنامج مع اتحاد القابلات الدولى والمعنون ببرنامج «الاستثمار فى القابلات» لتغطية «30» بلداً، ومن ثم اصدار اول تقرير من نوعه عن حالة القابلات فى العالم.