اوصى المشاركون في ختام المؤتمر الاول لتطوير العمل القانوني المدني بالوحدات القانونية باجهزة الدولة، بتفعيل وسائل تنفيذ الفتوى الصادرة عن وزارة العدل واعادة النظر في لائحة النائب العام للتحكيم بين أجهزة الدولة لسنة 1983م لاستيعاب المستجدات التي طرأت على الوزارة وتلبية رغبات الافراد، بجانب العمل على تكوين وحدة تحكيمية بوزارة العدل تحت اشراف الادارة العامة للشؤون المدنية والرأي، تختص بمسائل التحكيم وتأهيل المحكمين بالتنسيق مع مراكز التحكيم وكليات القانون لمنح شهادات معتمدة. وصوب المتحدثون انتقادات حادة لبعض أجهزة الدولة ذات الصلة بنزاع ما، واتهموها بالتماطل في تنفيذ قرارات التحكيم الصادرة ضدها، قبل ان يقروا بصعوبة التعامل معها في معالجة قضاياها لعدم حرص ممثليها على الظهور امام المحكمة أوالتنسيق بينها وبين المستشار القانوني المباشر للدعوى، مشيرين الى ان كثيرا من هذه الجهات تعتبر القانون مجرد ترف، وان المستشار القانوني تابع لها اداريا وفنيا، ولا بد أن يأتمر بأمرتها لقاء ما يتمتع به من مخصصات مالية لا يجدها في وزارة العدل. وناقش المؤتمر الذي استمر لمدة يومين في حضور وزير العدل محمد بشارة دوسة ثلاث أوراق، تحدثت الاولي عن دور صياغة العقود الحكومية في حماية المال العام، وتطرقت الثانية للتحكيم باعتباره آلية لفض المنازعات بين اجهزة الدولة وبين اجهزة الدولة والافراد، واستعرضت الورقة الأخيرة معوقات ومشكلات العمل القانوني بادارة الشؤون المدنية، وكيفية وضع الرأي والفتوى القانونية موضع التنفيذ. وأقرَّ المستشار بروفيسور إبراهيم محمد أحمد دريج في ورقته «التحكيم آلية لفض المنازعات بين أجهزة الدولة وبين أجهزة الدولة والافراد» بوجود ثغرات في لائحة النائب العام للتحكيم بين أجهزة الدولة الصادرة في عام 1983م، مشيرا الى انها ظلت ولمدة «30» عاما بدون تعديل او اضافة او حذف لموادها التسع. وقال دريج إن التطورات التي طرأت على تطور التحكيم محليا ودوليا تستدعي تعديل هذا القانون، لمعالجة النقص والقصور المتمثل في عدم مواكبته تاريخيا مع قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 1973م، وعدم وجود مدة محددة باللائحة لحسم النزاع. واتهمت الورقة بعض الجهات في أجهزة الدولة بالتماطل في تنفيذ قرارات التحكيم الصادرة ضدها. وأكدت وجود إشكالية في تعيين المحكيم الذين في غالب الاحوال ينتمون الى المؤسسات المتنازعة. ودعا دريج وزارة العدل الى تعديل لائحة النائب العام لاستيعاب ما طرأ من مستجدات. وشدد على ضرورة عقد ورش تدريبية للمستشاريين بالادارات القانونية المختلفة، لتبصيرهم بالمسائل المتعلقة بضوابط صياغة شرط ومشارطة التحكيم والاجراءات العملية للتحكيم، كما طالب بتكوين وحدة تحكيمية بالوزارة تحت اشراف الادارة العامة للشؤون المدنية والرأي، تعنى بمسائل التحكيم وتأهيل المحكومين بالتنسيق مع مراكز التحكيم. وركزت ورقة رئيس شعبة القضايا والرأي والمستشار العام السابق بوزارة العدل سيد محمد حسنين الكيال، على مشكلات ومعوقات العمل القانوني بادارة الشؤون المدنية، وقدم فذلكة تاريخية عن ادارة المحامي العام التي تدير ست شعب تتمثل في اولا شعبة الرأي وهي تختص بابداء الرأي القانوني لاجهزة الدولة في جميع المسائل القانونية ذات الطابع المدني، ثانيا شعبة المقاضاة بالقانون الخاص المكلفة بتمثيل اجهزة الدولة في التقاضي والمنازعات واجراء التسويات، ثالثا شعبة الشؤون الدستورية التي تتولى التقاضي في الشؤون الدستورية، بجانب ثلاث شعب أخرى هي الاحصاء والمتابعة والفتوى. وصنفت الورقة معوقات ومشكلات العمل القانوني، الى معوقات داخلية وخارجية، وتلخصت الداخلية في قلة عدد المكاتب المجهزة بصورة معقولة ومقبولة، وقلة الكادر البشري المتركز في «قلة الكادر القانوني مقارنا بحجم العمل وقلة الكادر الاداري وقلة العمال»، هذا الى جانب الافتقار للوجود الأمني لحفظ النظام وحراسة المكاتب وحماية العاملين تحسباً من انفلات بعض مقدمي العرائض، وقلة المعينات المادية من قبل الوزارة لتسهيل العمل، وشح الدعم المعنوي، وقلة فرص التدريب الداخلي والخارجي. وقال الكيال إن حركة تنقلات المستشارين من والى هذه الإدارة تتم دون استشارة المحامي العام بصورة غير مدروسة، بالاضافة الى ان غالبية المستشارين المنقولين لهذه الادارة تنقصهم الدراية بالعمل المدني. وطالب الكيال باضفاء مزيد من الاحترام للمستشار ووظيفته، وعدم السماح بالتشهير بسمعتهم. وأشارت الورقة إلى أن المستشارين يحتاجون الى دعم معنوي، وذلك في مواجهة الاتهامات الكاذبة والتصرفات الملتوية من قبل رجال الخدمة المدنية بسبب قضايا اجهزتهم امام المحاكم، أما المعوقات الخارجية فقد تمثلت في التصرفات التي تبدر من جهات ذات صلة بالنزاعات، مثل مقدمي العرائض ومحاميهم، اذ يصر بعضهم على طلب الاذن بالمقاضاة قبل مرور الشهرين من تاريخ الانذار، وقبل أن تتم الدراسة القانونية. وأقرَّ الكيال بصعوبة التعامل مع بعض أجهزة الدولة، إذ تتعمد عدم الرد على العرائض او مساعدة مستشارها القانوني بمده بالمعلومات والوقائع التي يستند اليها ليتمكن من الدراسة السليمة والرد على المحامي العام، اضافة الى عدم حرص ممثليها على الظهور امام المحاكم عند نظر نزاعها، والتنسيق بينها وبين المستشار القانوني المباشر للدعوى، وقال الكيال ان كثيرا من هذه الجهات تعتبر القانون مجرد ترف، وان المستشار القانوني تابع لها فنيا وادرايا، وعليه ان يأتمر بامرتها لقاء ما يتمتع به من مخصصات مالية لا يجدها في وزارة العدل. وانتقد الكيال عمل الإدارات القانونية خارج الوزارة، ووصف أداءها بعدم الانضباط المهني وميله للجهة المنتدب اليها ومجاملتها. وفي ما يتعلق بكيفية وضع الرأي والفتوى القانونية موضع التنفيذ، طالب الكيال بفتح دعوى جنائية بموجب المادة «95» من القانون الجنائي في مواجهة كل من يرفض تنفيذ الفتوى الصادرة من وزير العدل، مشيرا الى انها ملزمة ولا يجوز تخطيها بأية حال من الاحوال، اضافة الى فتح دعوى جنائية بموجب المادة «77» من القانون الجنائي ضد المسؤول الذي امتنع عن تنفيذ الفتوى، مما ادى الى صدور احكام ادت بدورها الى اهدار المال العام وتبديده، كما طالب بحظر وحسم كل مستشار قانوني يظهر في المحاكم نيابة عن الجهاز المعني في نزاع صدرت بموجبه فتوى ضده، واوصى الكيال بضرورة زيادة الكادر القانوني المؤهل والمدرب على العمل المدني، وتهيئة مزيد من فرص التدريب الداخلي والخارجي، والعمل على تدعيم مبدأ تكافؤ الفرص للعمل بالإدارات القانونية خارج الوزارة، وامداد هذه الادارة بكادر امني للحراسة، والتركيز على الجانب المهني الصرف عند معالجة كافة القضايا، ودون استدعاء جانب آخر حتى يؤدي ذلك التركيز إلى علو كعب العدالة بالدولة.