في مشهد إنساني بالغ التأثير، احتجت عائلات تضم أمهات وزوجات واطفال حديثي الولادة، على استمرار اعتقال وحبس ذويهم من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي، وأعلنوا تضمانهم مع المعتقلين بالاضراب عن تناول وجبة الافطار امس بدار حزب المؤتمر الشعبي في ضاحية الرياضبالخرطوم. ونظم المضربون اعتصاما لساعات، قدم فيه محمد يوسف لبس احد ابناء المحكومين بالسجن لمدة 15عاما فيما سمي ب»المحاولة الانقلابية» عام 2004م، خطابا نيابة عن اطفال المعتقلين، وجه فيه انتقادات لاذعة لنظام «الإنقاذ»، وحمل الحكومة مسؤولية إعتقال آباء الاطفال المضربين عن الطعام، معتبرا ان ذويهم تم حبسهم ومحاكمتهم دون أي ذنب، وقال «لقد تعرض ذوونا لقهر النظام بعد اندلاع مشكلة دارفور»، داعيا ما وصفهم ب»ضمير العالم الحي» وكافة الخيرين ووسطاء محادثات سلام دارفور للضغط على نظام الانقاذ لاطلاق سراح المعتقلين والذين امضوا سنوات طويلة رهن الحبس. ووزع بيان على الحضور عبارة عن رسالة من اطفال المعتقلين يحتوي على عبارات عاطفية مؤثرة ومناشدات انسانية، كما صدر بيان عن اسر المحكومين بسبب قضية دارفور، رأى ضرورة معالجة الازمة بصورة عاجلة وعاقلة، وحمل البيان الحكومة مسؤولية تفاقم الازمة نتيجة تصرفاتها الامنية والعسكرية التي اثرت انسانيا على مواطن الاقليم ودفع الثمن غاليا على روحه وحريته، كما دفعت البلاد ثمنا في استقرارها السياسي الذي تحيط به الآن قرارات الشرعية الدولية في قضائه بالاضافة الى الاحتقان الداخلي حسب نص البيان. ووجه البيان رسالة الى وسطاء محادثات السلام بالدوحة والشركاء والمجتمع الدولي بالانتباه الى الوضع الانساني البالغ التعقيد لعائلات المعتقلين والمحكومين بسبب قضية دارفور، معتبرين أن ذويهم تمت محاكمتهم واعتقالهم بموجب قانون الامن الذي لم يوفر لهم محاكمة عادلة بل ادى ذلك الى وفاة بعض الارواح في المعتقلات ولم تتمكن اسرهم من ملاحقة الجناة. جدير بالذكر ان المعتقلين من حزب المؤتمر الشعبي هم حمدي جبريل أحمد، نقد الله خليل أحمد سعيد ( غير مسموح بزيارته)، الدومة ادريس حنظلة، احمد عيسى محمد ، والأخيران لم يتمكن ذووهما القريبون من زيارتهما لاقامتهم خارج الخرطوم، واحمد ضحية عبد الرحمنو ياسر محمد آدم جمعة. والمحكومون على خلفية ما سمي ب»المحاولة الانقلابية» هم: يوسف محمد صالح لبس، ابراهيم آدم هارون، عبد الحليم آدم، يوسف نورين حجر، على احمد الطيب، موسى الخضر، خالد عثمان حاج ابراهيم، عوض صديق فقيري، عبد المنعم الجاك، انور عبد الرحمن، عبد الكريم احمد علي، احمد محمد زين. وتقول السيدة ثريا الامين والدة المعتقل خالد عثمان حاج ابراهيم، إن ابنها تم اعتقاله اثناء قضائه فترة دراسته الجامعية بجامعة النيلين منذ عام 2004م، وأن ابنها استطاع خلال فترة حبسه إكمال دراسته الجامعية والتسجيل للدراسات العليا، كما حفظ القرآن الكريم، وانتقدت والدة المعتقل الحكومة، ووصفت استمرار اعتقاله وآخرين، مكايدة من قبل اشخاص في الحكومة لحزب المؤتمر الشعبي، وقالت إن اضرابها عن الطعام رسالة موجهة للوسطاء والعالم الخارجي وليس من اجل الحكومة، واضافت: إذا كان ابني عضوا في حركة العدل والمساواة لتم الافراج عنه، كما دعت الناخبين للامتناع عن التصويت للمؤتمر الوطني في الانتخابات. من ناحيتها، ابلغت»الصحافة» غادة عبد الله عبد الرحمن، أن استمرار اعتقال زوجها عبد المنعم الجاك، تسبب في وضع انساني بالغ التعقيد لاسرتها، خاصة وان للمعتقل خمسة اطفال من بينهم طفل لم يشهد ولادته، ولا يعول هؤلاء أحد رغم مساندة أشقاء المعتقل واشقائها، بينما أعربت والدة المعتقل سعدية الرضي عبد الماجد في أملها أن يرى ابنها النور قريبا. وطالبت شقيقات المعتقل موسى اسحق آدم، المنظمات الانسانية والوسطاء الدوليين، بالضغط على الحكومة للافراج عن المعتقلين في اسرع وقت، ونادت مريم والهام اسحق، أن شقيقهن ظل قبل اعتقاله يقوم بكفالة جميع افراد الاسرة ويعتني عاما بأبنائهن، وقلن إن موسى قاتل في الجنوب لمدة 18 عاما وضحى بكل ما يملك من اجل وطنه ولكن كان جزاؤه السجن. وخلال مخاطبته المضربين، أعرب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي عن أمله في أن تحرك صور عائلات المعتقلين وأطفالهم الضغوط الخارجية للافراج عن المعتقلين والمحكومين، وندد بإستمرار اعتقالهم رغم توقيع اتفاق الدوحة الاطاري، وقال» كنا ننتظر فرجا ولكن قبضة القساة تركت المعتقلين مثلما هم»، معتبرا أن العالم الذي تجاوب مع قضية دارفور بسبب صور المآسي الانسانية وليس لأسباب استراتيجية كما يقول بعض الواهمين، معتبرا أن الاوضاع في الاقليم هي التي تسبب في هياج الشعوب والضغط على حكوماتهم للاعتناء بالقضية، موضحا ان انظار العالم تحولت الآن من دارفور إلى كوارث ومآسي في مناطق أخرى من العالم. إلى ذلك، كشف الأمين السياسي للحزب كمال عمر، أن حزبه يعتزم إنشاء تحالف قوي لصالح قضية دارفور خلال الانتخابات المقبلة، داعيا وسطاء محادثات الدوحة ومن وصفهم بالمجتمع الانساني الدولي للضغط على الحكومة لاطلاق سراح المعتقلين سياسيا والمحكومين بسبب قضية دارفور. وكان الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، قد خاطب عائلات وذوي المعتقلين والمحكومين، مؤكدا أن مئات الاسر تدفع الثمن غاليا بسبب سياسات النظام الامنية القمعية، معتبرا أن المعتقلين لم ينالوا حقهم الشرعي والقانوني في الاعتقال أو المحاكمة العادلة، ورأى أن كل المحاكمات التي جرت منذ إندلاع ازمة دارفور كانت تفتقر لاسس المحاكمات العادلة، ووصف المحاكمات بانها جائرة وتمت وفق قواعد خاصة لم تراع فيها الدساتير وقانون الاثبات والقانون الجنائي. واتهم السلطات بممارسة الاعتقال ونزع الاعترافات القضائية بالقهر مما اودى بحياة عدد من المعتقلين، وترحم على ارواح (شمس الدين ادريس وعلي البشير وابو الريش). وقال إن الاضراب عن تناول الطعام قصد به توجيه رسالة اولى وتقديم نموذج من نماذج التضامن والوقوف مع اسر المعتقلين، وذكر أن هذه الصور الاحتجاجية ليس للحكومة ولكن للمفاوضين بالدوحة والمجتمع الانساني الدولي للضغط على الحكومة للافراج فورا عن المعتقلين والمحكومين، وأضاف أن هؤلاء ضحية للازمة بدارفور التي اعتبرها قد غيرت من تركيبة السودان السياسية وقادت البلاد نحو الاحتقان السياسي واثرت على النسيج الاجتماعي في الاقليم. وشدد على أن المؤتمر الشعبي دفع ثمنا غاليا منذ اندلاع الازمة بدارفور، لكن قيادته واعضاءه قدموا نموذجا للصمود والمواقف الداعمة لأهل دارفور.