قرأت مقالاً في عمود بالمنطق بعنوان: «النوبيون الدناقلة والميدوب». يقول كاتب المقال ان الميدوب هم في الأصل دناقلة، نزحوا أو هاجروا إلى منطقة شمال دارفور وأن في لغتهم كلمات أصلها دنقلاوية أو هي نفس الكلمات، وضرب أمثلة لبعضها إذا افترضنا أن هجرتهم قد مضى عليها ألف وأربعمائة عام. والسؤال هو: هل تكفي هذه الأعوام لخلق لغة جديدة وعادات جديدة وألوان جديدة للبشر اضافة إلى أساليب حياة جديدة. أنا لا أعلم علم اليقين كم يحتاج شعب ليتغير سحناً ولغة؟ لعلها عشرة ألف عام!؟ والحقيقة انني لم أرد أصلاً تفنيد تلك المعلومات ولكن تذكرت معلومة في غاية الأهمية. وهذه هي القصة: ذهب عالم أجناس وألسن ألماني إلى قبيلة الميدوب عام 1963 وقضى بينهم شهوراً يتكلم معهم فلا يفهمونه وعندما يتكلمون هم كان يفهم كل ما يقولون. كان هذا العالم متخصصاً في اللهجات الجرمانية القديمة. وقد أكد ذلك العالم أن الميدوب كانوا يتكلمون لغة جرمانية قديمة وقد فهمها ورسخ عنده ذلك يقيناً. وفعلاً ان من يحاول قراءة نصوص باللغة الألمانية قبل مائة وستين عاما فإنه لا يفهمها، لقد تبدلت اللغة الألمانية الحديثة تبديلاً هائلاً وبقت القديمة عند تلك القبائل المهاجرة. وقد ذكر ان قبيلة الميدوب ما هي إلا نهاية مطاف طويل لقبيلة جرمانية رعوية اتجهت غرباً إلى بلاد الفال (فرنسا) ثم جنوباً حيث عبروا البحر إلى الشمال الاولفي واخترقوا الصحراء (أو مروا على الدناقلة!) ثم إلى مكانهم هذا في شمال دارفور. هذا ما أردت أن أوضحه تعميماً للفائدة وحثاً للباحثين في اللغات والأجناس لمزيد من الجهد والعطاء وما أكثر ما خفى لدينا. وأذكر أنني التقيت مُسناً من القبيلة لعل ذلك كان في الفاشر، سألت الرجل أن يذكر بعض المسميات بلغتهم. وقد سألته تحديداً عن نطق كلمة «ابنة» فقال إنها: «دودا» وفي الألمانية هي: «توختا» وهنا الصوتان متقاربان وقد يكون انها في الماضي كانت كذلك وغير الزمان والعلماء اللغة الألمانية إلى ما هي عليه الآن. آمل أن يعطينا آخرون من هم أعلم منا بجديد في هذا الشأن. ودمتم دكتور/ أحمد شريف - طبيب - الخرطوم المحرر: شكراً أخي د. أحمد شريف على هذا الاجتهاد وإن كان لي من اضافة فهي ان هنالك مفردتين نوبيتين أشار إليهما كاتب المقال ليستا وقفاً على اللسان الدنقلاوي وإنما هما من صميم اللغة النوبية بلسانيها المعروفين، الكنوز والدناقلة من جهة والمحس والسكوت والحلفاويين من جهة أخرى وهما مفردتا (دسي) وتعني أخضر و(قيلي) وتعني أحمد فضلاً عن تطابقات عديدة أخرى قد تبلغ في مجملها ما يُقدَّر بنسبة (70%) من مجمل اللغة النوبية. عووضة