الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان فتح لنا أحضانه بملايين الأفدنة.. فماذا تمثل كيلومترات حلايب..؟!
د. السيد البدوي رئيس الوفد الشعبي المصري إلى الخرطوم ل «الصحافة»:
نشر في الصحافة يوم 14 - 05 - 2011

٭ قبيل مغادرة الوفد الشعبي المصري الخرطوم بساعات قليلة، التقت «الصحافة» برئيس الوفد د. السيد البدوي الذي كان يكابد عناء الإرهاق من برنامج الزيارة المزدحم بالغث والسمين، ولأن الساعة كانت قد جاوزت حينها الثانية صباحاً، فقد ارتأى الرجل أن يتحدث معنا لدقائق معدودة، على وعد بلقاء آخر. وكان أن تحدث الرجل معنا عن برنامج الزيارة والاهداف التي حملها وفده معه الى الخرطوم، إلا أن تشعب القضايا واختلاط الملفات السياسية والاقتصادية بين الخرطوم والقاهرة جعل من تلك الدقائق ساعة ونيفاً.. وفي هذا الحوار نقل لنا البدوي بعضا مما دار فى لقاءات وفده مع المسؤولين التي تمت بعيدا عن اعين الاعلام.
٭ كيف وجدتم الخرطوم في هذه الزيارة؟
الخرطوم جميلة كعادتها، والشعب السودان بصراحة ومن غير مجاملة قريب الى انفسنا وكان كعادته كريما لأبعد الحدود معنا، وما لسمناه هنا من حب الى مصر والمصريين لا تترجمه الكلمات، ونحن بصفتنا مصريين نبادل ذلك بحب اكبر. وكنت اتحدث مع احد من رافقوني الى هنا بالامس، وقلت له انني على قناعة بأن ما يربطنا بالسودانيين اكبر مما يربطنا باي شعب آخر فى العالم، فالامر عندي يتعدى روابط الاخوة العربية والافريقية والدينية.
٭ علمنا أن لقاءاتكم مع الحزب الحاكم اتسمت بنوع من الصراحة والمكاشفة غير معهود في لقاءات الاشقاء؟
المكاشفة والمصارحة هي اساس اي بناء سليم، وهي ايضا استعادة علاقة تاريخية على اساس سليم، فالعلاقة بين الشعبين المصري والسوداني علاقة متميزة، ونحن تربطنا صلة دم ورحم ومصاهرة مع الشعب السوداني الذي هو امتداد للشعب المصري وكذلك الشعب المصري هو امتداد ايضا للشعب السوداني، لكن الانظمة الحاكمة هي التي فرقت بيننا. وثورة «25» يناير كانت ثورة ربانية، فقد أراد الشعب الحرية والاستقلال فاستجاب القدر، وهذه الثورة اعادتنا الى حضن السودان الشقيق الذي ابعدنا عنه، فنحن لم نبتعد عن السودان كما ظللت اقول طيلة برنامج الزيارة، فنحن أُبعدنا عنه. ويرجع ذلك في اعتقادي الى ان العالم كله يعلم انه اذا توحد مصر السودان سياسيا واقتصاديا وانسانيا، فسوف يصبحان أكبر دولة في العالم، ومن هنا فإن القوى الامريكية والاستعمارية والغرب يقفون للحيلولة دون ذلك التوحد بين مصر والسودان. وجئنا في هذه الزيارة لننقل الى شعب السودان رسالة من مصر الحديثة والجديدة التي قامت ونشأت بعد الثورة، جئنا لنقول لهم: نحن اشتقنا اليكم، وعدنا لكم مرة اخرى، ولن يستطيع كائن من كان وحاكم من كان، ان يفرق بيننا مرة اخرى، ولتقم علاقتنا على الاحترام المتبادل والتكامل الاقتصادي المتبادل، وعلى المصالح المشتركة. وهذه الرسالة نحملها الى شعب السودان الشقيق ونحن نعلم أنه سيستجيب لها.
٭ ما هي أبرز القضايا التي تمت مناقشتها في هذه الزيارة؟
من أهم القضايا التي نوقشت في هذه الزيارة، قضية الحريات الأربع التي طبقت من الجانب السوداني ولم تطبق من الجانب المصري، ونحن نحمل رسالة من هنا الى المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى القاهرة تقول بادروا على الفور بتنفيذ هذه الاتفاقية التي اتفقنا عليها، واحترموا هذه الاتفاقيات وطبقوا الحريات الاربع كما يطبقها اخوتنا في السودان. كما تناقشنا أيضا في ما يخص مشكلة حلايب، وهذه المشكلة كادت تصل الى حل في عهد الرئيس السابق، وذلك بأن تتحول هذه المنطقة باتفاق مشترك بين الرئيس البشير والرئيس السابق حسني مبارك الى منطقة تكامل اقتصادي، وهناك كما أخطرنا من قبل اخوتنا فى الحزب الحاكم، مذكرة مقدمة بهذا الشأن لدى السلطات المصرية. وعندما نعود الى مصر سيكون لنا لقاء مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة ووزير الخارجية نبيل العربي، لحثهم على المضي قدما فى ازالة هذه العقبة البسيطة. فالسودان قد فتح لنا احضانه بملايين الافدنة، فلماذا نفسد هذه العلاقة بعشرة آلاف متر مربع، خاصة اننا نسعى الى وحدة وادي النيل، ولن نترك هذه المسألة البسيطة تقف عقبة في طريق وحدة وادي النيل. وتحدثنا ايضا عن الاستثمارات في السودان والاستثمارات المشتركة بين رجال الاعمال المصريين والسودانيين، وقررنا في هذه الإطار عقد مؤتمر اقتصادي في يوليو القادم، يضم مجلس أصحاب الأعمال السودانيين والغرف التجارية ومجلس رجال الأعمال المصري، وذلك بوجود الوزراء التنفيذيين في الدولتين، في ما يتعلق بالاستثمار والتجارة والصناعة، لبحث المشروعات المشتركة التي يمكن أن يقوم بها الجانبان، كما توصلنا أيضا لتكوين ملتقى لأحزاب وادي النيل، على أن تكون له امانة دائمة، واتفق على ان يكون اول اجتماع للملتقى في شهر يوليو القادم، وذلك بهدف تفعيل التواصل الشعبي بين البلدين. كما طلبنا مليون فدان صالحة للزراعة من نائب الرئيس علي عثمان طه، على أن تخصص لشركة مصرية غير هادفة للربح، تقوم باستصلاح هذه الأراضي وتسلمها لأسر سودانية ومصرية بمساحات مشتركة، بحيث نوجد حالة من التلاحم والانصهار بين الشعبين المصري والسوداني، ويتم توزيع عائد هذه الاراضي على النحو التالي: ثلث للأسرة المصرية وثلث للأسرة السودانية والثلث الأخير لادارة المشروع والإشراف على العملية. وستتم فى القريب العاجل زيارة لنا الى الولاية الشمالية لتحديد موقع الأرض التي سنقيم عليها هذا المشروع. وتطرقت المباحثات إلى الأوضاع بشرق السودان، ووقف وفدنا على الاحتياجات العاجلة للإقليم فى مجالات التعليم، وتم الاتفاق على توأمة بين الجامعات المصرية وجامعات شرق السودان، كما تم فى هذا الإطار التأمين على أهمية وجود الازهر الشريف، وقد ابرزت هذه المباحثات ان الازهر باعتباره مؤسسة تعليمية دينية مطلوب في شرق السودان، وسننقل نحن من جانبنا هذه الرسالة الى شيخ الأزهر الذي لا اعتقد انه سيتأخر أبداً عن تلبية هذا الطلب. وقد كان من ضمن وفدنا أحد أهم رجال التعليم البارزين في مصر، وقد وعد بإرسال خبراء في التعليم، وتبرع بخمسين منحة جامعية مجانية لخمسين دارسا سودانيا في الجامعة التي يمتلكها. وقد بدأنا في اقامة مصنع دواء في سوبا، بحيث يتم توطين الدواء المصري في السودان، وإن شاء الله سنصل الى انتاج نسبة عالية، تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواء فى السودان خلال بضع سنوات. كما ان هذا المصنع سيوفر خلال 18 شهر حوالي «1000» فرصة عمل لاشقائنا في السودان.
٭ كيف كان لقاؤكم بالسيد الرئيس، هل كان بروتكوليا كما وصفه احد اعضاء وفدكم، ام انه قد حوى اشارات خاصة لقضايا البلدين؟
في الحقيقة لقد كان لقاء ترحاب وتعبير عن مشاعر المودة والمحبة التي تجمع بين مصر والسودان، من جانب السيد الرئيس عمر البشير، ونحن نعلم انه احد ابطال حرب أكتوبر التي حررت سيناء من الوجود الصهيوني، كما أنه يكن لشعب مصر محبة خاصة، وكان البشير اول رئيس عربي يأتي الى مصر بعد الثورة، ولقد تحدث الرئيس فى لقائه بالوفد عن وحدة وادي النيل. وكان هذا اللقاء حميميا ووديا. غير ان الحوارات حول القضايا الاساسية التي تمت بعيدا عن اجهزة الاعلام، كانت مع الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني، وتحاورنا ومعنا وزراء في مختلف المجالات، وكان حوارا صريحا وشفافا وكاشفا لاشياء كثيرة، ولقد خرجنا بعد هذا الحوار ونحن سعداء جدا بهذا الزيارة للسودان.
٭ سمعنا أن هناك توترات سادت هذا اللقاء تحديداً؟
اطلاقا، الصراحة ليس فيها توتر. والمصارحة والمكاشفة كانت في اطار المودة والمحبة، فنحن ظُلمنا من النظام السابق وظلم السودان ايضا، وبالتالي فإن المعاملة من قبل النظام المصري السابق للشعب السوداني، نحن غير راضين عنها، بدليل انه بمجرد رحيل النظام السابق عاد الشعب المصري الى الشعب السوداني فورا ودون تردد.
٭ هل أنتم على ثقة من صدق النوايا المشتركة تجاه هذه المشاريع؟
الشعب السوداني شعب واضح وصريح ونقي، واذا قال فعل، أليس كذلك؟
٭ كيف استطعتم فى زيارتكم لإثيوبيا أن تحققوا ما لم يحققه النظام السابق.. وهل يعني هذا خطأ السياسة المتبعة فى السابق؟
على فكرة لم تكن على طاولة المفاوضات فى اديس ابابا مصر لوحدها، فقد كان السودان معنا عندما تحقق ذلك. ولذا عندما قرر تأجيل التصديق على الاتفاقية الاطارية لحين انتخاب برلمان جديد في مصر وحكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للبلاد، علق هذا الأمر مع تشكيل لجنة من الخبراء المصريين والسودانيين والإثيوبيين، لدراسة مشروع سد الألفية، والتأكد من ان السد لن يؤثر على انسياب مياه النيل. والافضل من ذلك بنظري تأكيد ملس زناوي على الفائدة التي ستعود علينا فى مصر والسودان من هذا السد، وقد قال زناوي عندما تعرف مصر والسودان مزايا سد الالفية التي تعود على البلدين، سيساهمون في انشاء سد هلانة الذي سيوفر كهرباء للسودان شمالا وجنوبا، كما انه سيوفر كهرباء بسعر رخيص لمصر، وعندها يصبح بإمكان مصر أن تصدر الغاز الذي تستخدمه الآن في توليد الكهرباء.
٭ هل توخيتم فى هذه الزيارة التأكيد على الموقف السوداني الداعم لكم فى ملف المياه؟
نعم، واطمأننا على أن مصير مصر والسودان واحد، ولذلك تحديدا كان السودان حاضرا دون أن يمثل من خلالنا بوصفنا وفدا مصريا فى أديس.
٭ كيف تصف لقاءاتكم مع القوى السياسية بعد هذا الانقطاع الطويل؟
الحكومات الديكتاتورية كانت تتعمد التباعد بين القوى السياسية فى البلدين، والتاريخ النضالي والمشرف لهذه الاحزاب التى تعبر عن شعب وادي النيل لم يكن يُحترم للأسف من قبل الشموليين. ونحن فى حزب الوفد تربطنا علاقات قديمة بالسيد الإمام الصادق المهدي، كما تربطنا بالسيد محمد عثمان الميرغني علاقة قديمة جداً، فالتزاور مستمر مع الحزبين منذ عهد النحاس باشا. ومازالت الزيارات بين حزب الوفد واحزاب الامة والاتحادي الديمقراطي والمؤتمرالوطني مستمرة. وعلاقتنا بالاحزاب السياسية السودانية علاقة قوية وعظيمة جدا، واستقبلنا من الشعب السوداني فى هذه الزيارة استقبالا فاق توقعاتنا جميعا. وانا اعلم جيدا حب السودانيين لمصر بمثل ما نحبهم نحن ايضا، ولكني لم اكن اتصور ان يكون الاستقبال بهذه الحفاوة وكرم الضيافة والمشاعر الودية الصادقة التي لم نجدها في اي مكان آخر، ان الشعب السوداني مختلف عن كافة شعوب الأرض، ومشاعرنا تجاه السودان تختلف عن مشاعرنا تجاه أية دولة في العالم، وهذا الكلام ليس للمجاملة، لأننا نتحدث الى صحيفة سودانية، تعال يا أخي إلى مصر واسأل، نحن عندنا السودان ومصر بلد واحد، شعب واحد ومصير واحد، والمصريون يحبون السودانيين أكثر مما يحبون بعضهم البعض.
٭ كيف وجدت المشهد السياسي السوداني.. وما هي رؤيتك الخاصة لما يجري فى بلادنا؟
فى حديث لي مع بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني، اكد لي ان السودان في طريقه الى تطور ديمقراطي كبير جدا، وقالوا إن السودان لن يقبل بغير الحرية، وانه على المدى القريب سنرى هذا على ارض الواقع.
٭ هل تعتقد أن ما وجدته من انقسام في الجسم السياسي السوداني يمكن رتقه على المدى القريب؟
نعم، أنا متأكد من ذلك. وهذا بعد ان التقيت بقيادات حزب المؤتمر. ووجدت أن لديهم من الذكاء ما يكفي لتدارك أية مشكلات في السودان. وهذا الشرخ الموجود هو طبيعة الديمقراطية. وانا لم أبقَ الفترة الكافية التى تمكنني من استشفاف طبيعة المناخ السياسي في السودان. الا ان المعارضة هي المصابيح التي تضيء الطريق امام اي حزب حاكم، وتكشف مواطن الفساد. وأنا أعتقد أن الخلاف الموجود بين المعارضة والحزب الحاكم في أي دولة ان كانت ديمقراطية ليس شرخا، بل هو ظاهرة صحية للديمقراطية التي من أساسياتها التنمية والاستقرار.
٭ الشعب السوداني مهموم للغاية بما يحدث في مصر ما بعد الثورة.. كيف تصف لنا الأوضاع هناك الآن؟
كان من الطبيعي بعد ثورة «25» يناير ومع غياب الامن واتساع حجم الحريات، ان تبرز قوى التقدم والتحديث والتغيير على الساحة وان تتحرك بحرية، كما كان من الطبيعي ان تطفو قوى الثورة المضادة والقوى اليمنية والسلفيون، والذين كانوا على صلة بجهاز أمن الدولة السابق ان يظهروا ايضا ويتحركوا بحرية، وهذا طبيعي ومنطقي، خاصة ان قوى الثورة المضادة وقوى السلفيين بدأت تهدد المجتمع وتثير الفتن، وما حدث في امبابة من صدام بين المسيحيين والمسلمين واستمراره ليوم كامل، لا بد أن يدفع السلطات القائمة لمواجهة هذه القوى. وبالفعل أحيل «190» من الذين شاركوا في احداث الفتنة للمحاكمة، لكن العلاج لا يمكن أن يكون علاجا امنيا فقط، فلا بد من تنفيذ الروشتة التي اتفقت عليها كل قوى المجتمع المصري خلال السنوات الماضية، لمعاجة اسباب الفتنة الطائفية، خاصة أن هذه الاسباب معروفة وكيفية معالجتها معروفة، فالنظام السابق كان يرفض لأنه يستخدم الفتنة الطائفية لمصالح يعرفها، وأظن أن على السلطة القائمة الاستجابة لهذه المطالب والقيام بتنفيذ هذا البرنامج للقضاء على مسببات الفتنة الطائفية، وهناك أسباب حقيقية فعلا لهذه الفتنة يجب مجابهتها. وانا اعتقد ان الجمع بين المواجهة الامنية الحاسمة لهذه التعديات والقضاء على المسببات الاخرى بالسياسة الحكيمة امر بالغ الاهمية.
٭ ما هي قضايا المرحلة القادمة فى مصر؟
المرحلة القادمة مرحلة في غاية الصعوبة، فمن المنتظر أن يتم خلالها صدور عدد من القوانين، منها قانون الانتخابات الذي يمهد لانتخابات مجلسي الشعب والشورى، ثم نواجه ايضا قضايا اخرى تحتاج لاتفاق حولها، مثل كيفية قيام أحزاب جديدة، وهى العملية التي فرضت عليها القيود، وذلك بتعديل قانون الأحزاب، وانتخابات رئاسة الجمهورية ثم الجمعية التأسيسة. كل هذه قضايا مهمة جدا والمفروض ان يتم حوار حقيقي حولها حتى الآن.
٭ وكيف تصف المناخ الذي يتم فيه هذا الحوار؟
المجلس العسكري ومن بعده مجلس الوزراء يصدران قرارات دون اي تشاور مع الأحزاب السياسية. ورغم ان المجلس كون لجنتين للحوار مع القوى السياسية، إلا أن هذه اللجان كما يبدو لنا لتضييع الوقت وليست لحوار حقيقي.
٭ هل هناك ما يشير الى رغبة المجلسين فى حدوث اتفاق مع القوى السياسية؟
لا .. على الاطلاق «شكلا كلو كلام»، هم يستدعون بعض رؤساء الأحزاب لكي يستمعوا لهم، لكنها ليست بمشاورة حقيقية.. فقانون الاحزاب صدر دون ان يعرض او يسمع رأي الاحزاب فيه، ولم يعرض على احد، تماما مثل اللجنة التي عدلت مواد الدستور التي تم الاستفتاء عليها. والدستور المعدل والاعلان الدستوري الذي عرضوه، وقانون الاحزاب وقانون منع التظاهر والتجمهر والاضراب، وفي الطريق قانون حسن سير الأحزاب، كل هذه القوانين الاحزاب لا تعلم عنها شيئا، وليس هناك حوار حقيقي، وقد كونوا لجنة ووعدت بمناقشة كل القضايا، وبعد أول اجتماع قالوا لنا إن اختصاص اللجنة هو إعداد مشروع دستوري يعرض على الجمعية التأسيسة ليساعدها في الاتفاق على الدستور.
٭ «مقاطعا»: هل هذه رغبة في تقديم الدعم لقوى سياسية محددة؟
من الصعب قول ذلك، وانا لا افهم موقفهم، هل هم لا يفهمون ام هو موقف معادٍ للاحزاب، ام انها مناورة للاستمرار. وحقيقة نحن لا نفهم ماذا يريدون بالضبط.
٭ هل يتم ذلك لتجيير المرحلة القادمة لصالح الإخوان على حساب قوى اليسار والليبرالية المصرية؟
لا أعلم ، ومن الصعب تفسير ذلك.
٭ لماذا خسرت القوى السياسية بأكملها معركة التعديلات الدستورية فى مواجهة الإخوان؟
لا.. لم تخسر، لقد تفاجأنا بتكوين لجنة لإعداد هذه التعديلات، لجنة لا يوجد فيها تمثيل سياسي الا للإخوان المسلمين. واللجنة كما هو متوقع اجرت اجتماعات سرية للغاية، وبعد الفراغ من مهمتها سلمت الاقتراحات للمجلس العسكري الذي اصدرها وقام باعلان الدعوة الى الاستفتاء. ولقد ظللنا نحن نقول إن تشكيل اللجنة من الاساس خطأ وعمل جانبه الصواب. وهذا في نظرنا عمل اقصائي متعمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.