أصدرت وزارة الصحة السعودية قائمة بالدول الموبوءة بالحمى الصفراء، وقد أتى السودان في الصدارة، وهو امر بات يتكرر في كل عام عندما تصدر الاشتراطات الخاصة بموسم العمرة والحج، ومنذ سنوات لم يطرأ تغيير على الوباء، فهي أرقام موجودة لدى وزارة الصحة السعودية، لم يطالب الجانب السوداني بتغييرها، وهو يعني ضمناً التسليم بأن البلد موبوء. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه الى ابعد مدى، فأي سوداني مقيم في السعودية ومهما تطاولت سنوات إقامته، فهو ملزم وجميع أفراد أسرته بالفحص عن مرض الايدز كلما يريد تجديد الإقامة لمدة عام أو عامين. وهو أمر بالغ الحرج بأن تصطحب زوجتك وأبناءك ان كانت إقامتهم منفصلة الى المستشفى لفحص الايدز، واللافت أن هذا الأمر يطبق فقط بحق السودانيين، وربما تكون للجهات المعنية في وزارة الصحة والجوازات في السعودية مبررات بأن النسب الصادرة عن وزارة الصحة السودانية عالية. وهي التي دفعت الجانب السعودي لمثل هذه الإجراءات. اما الجانب السوداني سواء أكان السفارة السودانية اوجهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج أو وزارة العمل، فإنه لم يحرك ساكناً، في حين أن أي تحرك فاعل ستكون له نتائج ايجابية من قبل السعوديين، لذلك يجب الإسراع في توضيح كثير من الحقائق المهمة التي من أبرزها أن السودان الآن أصبح دولة في الشمال وأخرى في الجنوب، وتبعا لذلك تقلصت نسب الإصابة بالايدز التي لا يخفى أن نسبها اعلى في الجنوب، كما أن في السودان معامل يأتي في مقدمتها «معمل إستاك» وهو يعنى بفحص دقيق لكل من يريد العمل خارج السودان، ولا يمكن أن يمر أي شخص مصاب بأي مرض ناهيك عن الايدز الخطير، وبالتالي جميع السودانيين الذين يصلون الى دول الاغتراب وخاصة السعودية لا يحملون أي نوع من المرض، ورغم ذلك تجرى عليهم فحوصات شاملة داخل السعودية قبل استخراج الإقامة، ولكن الاعتراض يجب أن يكون على إلزام فحص الايدز لسودانيين أمضوا عشرات السنوات داخل الأراضي السعودية، وبصورة تتكرر مع تجديد الإقامة، وهذا أمر يصعب تبريره. ويجب أن يكون للأجهزة السودانية دور حاسم، خاصة أن العلاقات بين الخرطوم والرياض توصف دائماً بأنها في أحسن حال، فالمغترب يريد أن يشعر بأن حكومة بلاده قريبة منه، وهو يعاني كثيراً في دول الاغتراب، دون ظهر يحميه. وألا تكتفي الوفود الرسمية القادمة من السودان بلقاءات «باردة وباهتة» مع الجانب السعودي، ولا تخرج الا بالقول «إن السعودية تدعم السودان في المحافل الدولية».. فهناك حزمة من قضايا المغتربين ينبغي أن تُعالج بصورة نهائية، قبل أن نُخدم في تلك المحافل. آخر الكلام: عندما يغلق باب ينفتح آخر، لكننا غالباً ننظر طويلاً وبحسرة إلى الباب المغلق، حتى أننا لا نرى الأبواب التي تُفتح لنا.