لعل ما قدمه وزير المالية والاقتصاد الوطني في تقريره عن أداء الموازنة ربع السنوية وما صرح به محافظ البنك المركزي عن تأثير انفصال الجنوب على مستوى أداء الاقتصاد الكلي بالشمال ينبئ بوضوح عن أنه ما زالت تداعيات وإفرازات انفصال الجنوبيين ترمي بظلالها على كل الأصعدة لا سيما الصعيد الاقتصادي حيث كثرت تحذيرات وإرشادات المختصين اقتصاديا للجهات المسؤولة لاتخاذ التحوطات اللازمة لتلافي أي خلل يطال الاقتصاد السوداني جراء انفصال الجنوب بسبب نقصان الموارد التي على رأسها مورد النفط المساهم الأكبر في توفير النقد الأجنبي واستقرار سعر صرف الجنيه السوداني وتوفير السلع والخدمات اللازمة لتسيير حياة المواطنين ولتخفيف تأثر اقتصاد الشمال من انفصال الجنوب رغم السياسة التقشفية التي انتهجتها وزارة المالية في الموازنة الحالية . وقد تعالت أصوات كثير من الخبراء بوضع موازنة بديلة موازية للموازنة العامة للعام الحالي 2011 تحسبا لانفصال الجنوب فلم تجد دعوتهم الأذن الصاغية وزادوا أن ما تتبعه الوزارة والدولة في الشمال لا يعتبر موازنة بديلة لجهة أن الموازنة السابقة تصلح للنصف الأول من العام الحالي واحتياج حكومة الشمال لإجراء تعديلات على بنود صرف وإيرادات النصف الثاني عبر إعادة هيكلة اقتصادية وإدارية عامة عمادها تطبيق سياسة تقشف وترشيد الصرف وضبط الإنفاق الحكومي والتوسع في إنتاج النفط والتعدين خاصة الذهب بالشمال وزيادة الإنتاج والإنتاجية والانفتاح على العالم الخارجي لجذب الاستثمارات وقللوا من آثار وتداعيات انفصال الجنوب على الاقتصاد الشمالي على الأقل في النصف الثاني من العام الحالي. ويقول البروفيسور عصام بوب إن فكرة وضع موازنة بديلة بناء على واقع الظروف التي يمر بها السودان جراء الانفصال الذي فقد الشمال قسما كبيرا من مورد النفط الذي يشكل عماد موارد الموازنة العامة مما يتطلب إعادة النظر في حسابات الموازنة عبر ضبط الإنفاق الحكومي وإعادة النظر في المنصرفات العامة في ظل الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها، الحكومة وعلى الحكومة إدارة موازنة العام الحالي عبر خطة طوارئ تضم مصفوفة تتضح فيها المدخلات والمخرجات ومن ثم عمل السيناريوهات والمشاهد البديلة لا سيما أن عائدات النفط ستنخفض بما يزيد عن 70%. ومن جانبه قال الاقتصادى الدكتور محمد الناير إن الدعوة إلى وضع موازنة بديلة قد طالب بها المختصون قبل إجازة الموازنة العامة للعام الحالي ومعرفة نتيجة الانفصال إلا أن الحكومة لجهة التزامها بنصوص الاتفاقية غضت الطرف عن الاستجابة لمطالبتهم، وقال إن ما يلزم الحكومة بعد انتهاء الفترة الانتقالية في التاسع من يوليو القادم ليس إعداد موازنة جديدة بل مجرد تعديل على الموازنة الحالية التي يستمر الصرف على ومن بنودها بحسب التقديرات الكلية للشمال والجنوب في النصف الأول من العام الحالي ومن ثم بعد انفصال الجنوب تظهر بعد الإشكاليات المقدور على تخطيها على موارد الموازنة. وتوقع الناير أن ينخفض مستوى الإنفاق بمعدل 5 مليارات جنيه ليصبح الصرف في حدود 10 مليارات والإيرادات في حدود «8-9 » مليارات جنيه في النصف الثاني . وبهذه المعادلة يقول الناير لن تكون هناك مشكلة وإن كان ثمة معضلة ستكون في توفير موارد النقد الأجنبي الأمر الذي يتطلب القيام بعمل متميز بكل إمكانيات الدولة لخلق استقرار سعر الصرف وترشيد الطلب عليه علاوة على زيادة الإنتاج وتفعيل سياسة إحلال الواردات بالإنتاج المحلي والوصول للاكتفاء الذاتي ومن ثم التصدير بالإضافة لإسراع الخطى في زيادة رقعة الاستكشافات النفطية والمعدنية بالشمال لا سيما في مجال إنتاج النفط والتعدين عن الذهب لتوفير موارد للنقد الأجنبي بجانب الانفتاح على العالم الخارجي عبر تسهيل إجراءات الاستثمارات وبسط الحوافز .