رفضت الحكومة تحصن رئيس الحركة الشعبية بجنوب كردفان عبدالعزيز الحلو بجبال النوبة واطلاق اشتراطات للتفاوض مع الحكومة الاتحادية، وقالت إنها لن تسمح للحركة الشعبية بممارسة العمل السياسي بالشمال بعد 9 يوليو، الا تحت مسمى جديد. واكد والي الولاية أحمد هارون والجيش استعدادهما للدخول في تسوية مع الذين يديرون المعارك في جنوب كردفان، ووضع الاخير ثلاثة خيارات امام المتمردين. ورهن الحلو التوصل لاتفاق سياسي بتغيير نظام الرئيس عمر البشير لتحقيق علمنة الدولة والتحول ديمقراطي. وقال المتحدث باسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد، في مؤتمر صحفي بالمركز السوداني للخدمات الصحافية امس، "في الجبال المحيطة بكادقلي نواصل عملياتنا حتى هذه اللحظة من اجل ايقاف التمرد". واضاف نؤكد ان "القوات المسلحة تقوم بعملياتها بكافة المتوفر لها من اسلحة وتستخدم اسلحتها وفق ما يقتضيه الامر لتحقيق اهدافها ولابد ان تستخدم الطائرات في نقلها والقيام بعمليات الاستطلاع". واضاف الصوارمي "حول اتهامنا بالقصف العشوائي، فاننا نقوم بالقصف بالمدفعية التي تحقق اهدافنا بدقة وهدفنا حماية المدنيين وتأمين طرق الاغاثة، وعلى بعثة يونميس ان تحكم حكما عادلا على عملياتنا". وشدد الصوارمي، انه ليس امام مقاتلي الجيش الشعبي سوى ثلاثة خيارات "الدمج في القوات المسلحة، او الدمج في الادارة المدنية، او التسريح والدمج في الحياة العامة". وقال "اعتبارا من الاول من يوليو لن نسمح لاية قوة بان تحمل السلاح في السودان غير القوات المسلحة". واكد استعداد القوات المسلحة لأية تسوية مع الذين يديرون المعارك في جنوب كردفان، وافاد بان التفاوض في اديس ابابا يضم وفدا عسكريا ووفودا من جبال النوبة والنيل الازرق، موضحا ان قضايا الحل تمضي على قدم وساق، ولا مناص للحل غير الحوار. من جانبه، اتهم والي جنوب كردفان أحمد هارون، الحركة الشعبية بتدبير خطوات مدروسة للعودة الى مربع الحرب، وقال ان تداعيات المؤامرة التخريبية قادها الحلو للتنفيذ الفعلي لشعار حملته الانتخابية "الهجمة أو النجمة" ببدء الهجوم على القوات المسلحة. وقال هارون، الذي تحدث في المؤتمر الصحفي عبر الهاتف، ان الحركة الشعبية ركزت في هجومها على مدينة كادوقلي والسيطرة عليها، واضاف ان الوضع الامني بالولاية تحت السيطرة، واستطاعت الحكومة اجهاض مخطط السيطرة على كادوقلي، وتتعقب فلول التمرد. وكشف عن زرع الحركة للالغام في خطوة تدل على الاعداد المسبق. وقال، ان الاوضاع الامنية في الولاية مستقرة، وان هذه الاحداث لم تتأثر بها سوى محلية كادوقلي وأريافها ، كما ان الموسم الزراعي لن يتأثر بها لان القتال حول مدينة كادقلي فقط. واشار هارون الى ان الحركة الشعبية منقسمة علي نفسها، وقال ان هناك قطاعات في الحركة والجيش الشعبي لم تشارك في هذا العدوان ورفضت تنفيذ الاوامر، ونفى مشاركة رئيس الحركة الشعبية بجنوب كردفان عبدالعزيز الحلو في لجنة حوار، لأن الحلو متخفٍ وراء الجبال، واضاف ان العمل العسكري معزول عن أي قاعدة جماهيرية، مؤكدا استعداده للحوار شريطة وجود ضمانات. واوضح هارون صعوبة استمرار الأوضاع الانسانية والسياسية بهذه الوتيرة ،وقال "يجب ان تكون هنالك حدود وسقوف للحد من هذه التصرفات غير المسؤولة" ، واضاف "قمنا بتدوين بلاغات جنائية لمحاسبة المتهمين". وكشف عن تشكيل لجنة برئاسة قاضي ووكيل نيابة لجمع البيانات عن عدد الضحايا والمفقودين، وقال "موقفنا من الحوار مبدئي يسير مع اعمال الحفاظ على تأمين المواطن، وذلك لا يرتبط بالحلو وما اعلنه موقف يخصه و«المابي الصلح ندمان»". وقال هارون ،ان "الهجمة البربرية" ترتب عنها اوضاع انسانية صعبة للغاية لان المواطنين هجروا مساكنهم ونزحوا الى شمال كردفان والخرطوم. واشار الي ان الحياة بدأت تعود تدريجيا في مدينة كادوقلي، مؤكدا عودة خدمات المياه والكهرباء، و40% من المحلات بالاسواق عادت لمباشرة عملها ، وكذلك الخدمات الطبية بمستشفى كادوقلي، والمستشفى العسكري ومستشفى الشرطة. واضاف ،ان الموقف الانساني مسيطر عليه تماما، مؤكدا تكوين لجنة بالتنسيق مع وكالات الاممالمتحدة، وقال "لا اعتقد ان حديث بعض المنظمات عن الوضع الانساني دقيق"، واكد ضبط أسلحة مع بعض منظمات المجتمع المدني. في السياق ذاته، اتهم المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني ابراهيم غندور، الحركة الشعبية بجعل ابناء النوبة كبش فداء ووقودا للحرب، التي وصفها بالخاسرة وقال "هناك من يرغب في استخدام ابناء النوبة في تمرد جديد" ، واضاف ان قيادات النوبة بالحركة الشعبية دفعوا ثمن الحرب، وبعد الاتفاقية ركلتهم الحركة وانكفأت جنوباً. ودعا غندور، في مؤتمر صحفي بالمركز السوداني للخدمات الصحفية امس، قيادات النوبة الى فك الارتباط عن الحركة الشعبية، لانها ستصبح حزبا اجنبيا، وقطع بعدم السماح لأي جسم تحت مسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال بعد 9 يوليو، واردف قائلاً "تحرير ممن؟" ، وزاد "لكن اذا ارادت القيادات الشمالية بالحركة الشعبية تكوين كيان سياسي فلتأت بمسمى جديد". ووصف غندور موقف القوى السياسية في احداث جنوب كردفان الاخيرة بالضبابية، وطالبها باتخاذ موقف واضح، وقال ان القضية قضية وطن، واضاف ان الذين يبحثون عن اسقاط النظام بما فيهم المجتمع الدولي "حلمهم سيطول"، واتهم غندور المجتمع الدولي بعدم الحياد في قضايا السودان لانهم يطالبون الشمال بايقاف العنف، وذكر "هناك تمرد ويجب ان ينتهي بالبندقية او تنتزع البندقية"، وسخر غندور من الحديث عن جوبا 2 وقال ماذا فعلت جوبا 1 . واتهم قيادات الحركة الشعبية في الشمال بالعمل لخلق اتفاقية جديدة لاقتسام الثروة والسلطة ، وقال "لا مجال لاتفاقية جديدة". وسخر غندور من مطالبة الحلو ببقاء الجيش الشعبي لفترة انتقالية لعشر سنين قادمة، قائلا "الحلو يتحصن بالجبال ويرسل اشتراطاته"،وتابع "لا اعلم ان كان سيطلب منصب نائب الرئيس بعد رحيل سلفاكير أم لا؟". ورفض عبدالعزيز الحلو، وقف المواجهات العسكرية مع الحكومة، الى حين التوصل الى اتفاق سياسي حول "القضايا المصيرية"، المتمثلة في علمنة الدولة، والتحول الديمقراطي، والتداول السلمي للسلطة في السودان. واشترط الحلو، أيضاً، التوصل الى تفاهمات حول قضايا جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وأكد الحلو الذي يقود تمرداً بجبال جنوب كردفان منذ الخامس من يونيو الجاري لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، الصادرة أمس، ان "كل هذه القضايا مرهونة بتغيير نظام الرئيس عمر البشير". وأضاف ،ان "الجيش الشعبي سيستمر في الدفاع عن نفسه وعن المدنيين ضد الغدر والعدوان السافر والاعتداء الغاشم حتى يتم تفكيك النظام الحاكم في الخرطوم والقضاء على الشمولية في البلاد". وحمل الحلو، الحكومة، مسؤولية تدهور الأوضاع في السودان، وفصل الجنوب بسبب ما أسماه سياسات "الهيمنة الثقافية وممارسة الاستبداد والاقصاء". وناشدت فرنسا، السلطات في شمال وجنوب السودان التحلي بالمسؤولية، والعمل على ايجاد تسوية سياسية سريعة للأزمة الحالية، خاصة تدهور الأوضاع الانسانية في منطقة أبيي وجنوب كردفان، وانهاء معاناة السكان المدنيين. ودعت فرنسا ،في بيان صادر عن وزارة خارجيتها، الحكومة الى بذل كافة الجهود من أجل تسهيل ايصال المساعدات الانسانية والعودة الطوعية للنازحين من المعارك، وضمان حماية السكان المدنيين، وضمان حرية تنقل القوات الدولية داخل أبيي وجنوب كردفان.