المياه العذبة المتاحة للإنسان في العالم سواء كانت جوفية أو سطحية لا تتجاوز نسبتها « 2,5%» من جملة المياه على سطح الأرض، ما يعني أن هنالك محدودية في كميات المياه العذبة المتاحة للاستغلال في العالم، مع وجود تحديات ومهددات طبيعية وغير طبيعية تواجه العالم. الموارد المائية في السودان متنوعة وتشمل الأمطار، مياه النيل، الأودية، المياه الجوفية، والمياه غير التقليدية «كخيار»، ويقدر حجم الموارد المائية حاليا ب « 31.5 مليار م3/ العام، لمقابلة احتياجات حوالي 40 مليون نسمة»، هذا قبل ثلاثة أسابيع من الانفصال، عليه يكون نصيب الفرد 787.5 م3 / العام ،ليصنف السودان حاليا ضمن الدول التي لديها شح في المياه حسب تصنيف الأممالمتحدة «أقل من 1000 م3 / العام/ الفرد». وتختلف المعايير من دولة لأخرى حسب إمكانية الدولة في توفير مياه الشرب لمواطنيها، فمثلا معايير الاتحاد الأوربي أكثر جودة من معايير منظمة الصحة العالمية، خلافا للدول النامية التي تتبنى معايير محلية أكثر تجاوزا. وأصدرت الأممالمتحدة في يوليو من العام الماضي قرارا يعتبر التوفر على المياه النظيفة والصرف الصحي من حقوق الإنسان الأساسية، ونص القرار على أن «الحق في الحصول على مياه الشرب النظيفة والصحية وخدمات الصرف الصحي يعتبر حقا أساسيا من حقوق الإنسان، وهو عنصر لا بد منه لتمتع البشر تمتعا تاما بحق الحياة»،ويحث القرار المجتمع الدولي على تكثيف الجهود من اجل توفير المياه النظيفة والصحية وغير المكلفة للجميع. أما في السودان فلا يزال قطاع كبير من المواطنين لا يحصلون على المياه أصلا ،صحية أو غير صحية، كما في كردفان ودارفور ومناطق أخرى من البلاد،وهو أمر لا يجوز ،ونحن في عهد النهضة وعصر التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم. أما في ولاية الخرطوم فقد تبنت بليل قرارا خطيرا لم تحدد له سندا قانونيا ، فقررت هيئة المياه زيادة أسعار المياه من دون أن تعلن ذلك عبر تركيب عدادات الدفع المقدم في بعض الأحياء، مما يضاعف الفاتورة الشهرية للمستهلك ثلاثة أضعاف على الأقل،وهذا التفاف على القانون لأن هكذا قرار يحتاج إلى عرضه على مجلس وزراء الولاية، ثم مجلسها التشريعي، وهو ما لم يعلن حتى الآن،لذا فهو معيب قانونيا وأخلاقيا كذلك لأن توفير المياه الصحية بأسعار معقولة لا ترهق كاهل المواطن واجب الحكومة. وإنتاج ولاية الخرطوم من المياه يقدر ب «1.2» مليون متر مكعب يوميا من المحطات والآبار، فيما يصل الاستهلاك اليومي إلى «840» ألف متر مكعب ل «7» ملايين نسمة.،حيث لا يوجد شح أو أزمة، وإنما مشكلة إدارية ترتبط بفاعلية هيئة المياه ،واهتراء الشبكات مما يتطلب معالجة من حكومة الولاية لا اللجوء إلى الحلول السهلة، والمياه ليست سلعة، و يجب أن لا تتحول حكومة الخرطوم إلى تاجر مياه مع مواطنيها، والتعامل بالدفع المقدم يعني أنك إذا لم تملك المال فستحرم أنت وأطفالك من المياه، ويمكن أن تموت بالعطش أو بالأمراض المصاحبة لانعدام المياه،وكيف يحرم مواطن من الماء بسبب عدم امتلاكه ثمنها،والناس شركاء في ثلاث «الماء والكلأ والنار». وسؤال بريء جدا يا ولاية الخرطوم.. كيف وفرتم عدادات الدفع المقدم التي تفاجأ سكان بعض أحياء الولاية بتركيبها في منازلهم من دون إخطارهم ومن دون إبلاغ لجانهم الشعبية التي انتخبوها مؤخرا، التي تفاجأت مثلهم،وهل هناك سعيد حظ ساعد الولاية في جلب العدادات،نريد شفافية يا ولاية ، والمواطن كان ينتظر من حكومته الولائية تخفيف الأثقال عن كاهله لا إلهاب ظهره بالسياط ... ولنا عودة...؟!!