السودان هذا الوطن القارة غني بتراثه وثقافته وهذا الفن يظهر في فنونه وادائه التي هي نتيجة تراكم خبرات وتجارب ممتدة عبر التاريخ ويعكس هذا التنوع والتعدد للفن السوداني معرض الآلات الموسيقية التقليدية في السودان وهو المعرض الاول من نوعه في السودان وتم افتتاحه في المركز الثقافي الفرنسي ويستمر حتى نهاية هذا الشهر. هذا المعرض نتيجة لجهود وابحاث قام بها الموسيقار دفع الله الحاج وهو باحث في الموسيقى السودانية ومدير مركز الموسيقى التقليدية السودانية ومؤسس ورشة تصنيع الآلات الموسيقية التقليدية. في معرضه هذا نتعرف على مختلف الآلات الموسيقية التقليدية من انحاء السودان المختلفة بحيث نرى النقارة، البلونقرو ، الشتم، النحاس، الدلوكة، النوبة، تمبل، الاقامو، الدنقر، الزمبارة، الطمبور، ام كيكي، البانمبو ، طوم، الكوندي، ام باية، ألوازا... وغيرها من الآلات المدهشة حيث تحس في المعرض كأنك تتعرف عليها لاول مرة، ونلاحظ ان هذه الآلات لها وظائف مختلفة، فالنوبة تستخدمها الطرق الصوفية، المختلفة في الذكر، والوازا تعزفها قبائل الفونج في فترة الحصاد، والنحاس في الدعوة للمناسبات القومية والاجتماعية وهو وسيلة الاتصال التي تجمع القبيلة ويعتبر من رموز السيادة لدى لقبيلة. كما نرى في المعرض الطمبور وهو آلة شعبية منتشرة في كل السودان وخاصة شماله وتختلف في الاحجام والدوزنة ولها عدة مسميات منها الباسنكوب في شرق السودان والربابة في غرب السودان وطوم في الجنوب وتتكون من خمسة اوتار وصندوق رنات. اما الآلة التي وقف عندها الكثيرون في المعرض فهي آلة الاقامو وهي من آلات النفخ التي يستخدمها سكان مناطق النيل الازرق وتصنع من قصب البزام الذي يختاره الشاب بعناية ويقوم بدوزنته ومن ثم يعطيه للبنت تعبيرا عن اختياره لها وهي تقوم بتزيينه تعبيراعن قبولها هذا الاعجاب وهذه الهدية بداية مشروع الزواج. الآلات الموسيقية التقليدية تحتاج للكثير من البحث ويجب تسجيلها في الملكية الفكرية لحفظ الحقوق الثقافية لهذا الوطن.. كما يجب عمل اطلس ثقافي سوداني يوضح اين تعزف هذه الآلات ويستمتع الناس بموسيقاها العذبة الثرية التي تخاطب الوجدان بكل حب وتدعو الجميع للتفاعل معها فيتجاوبون معها بكل حواسهم ويعزفونها بكل الوجد لأنها تخاطب حنينهم الخاص وتتحدث بلغة يفهمونها جيدا. وفي لقائنا مع الموسيقار الشاب دفع الله الحاج ذكر انه يجب الاهتمام بالآلات الموسيقية التقليدية لأنها تحدد هويتنا ويتمنى ان تكون هنالك مصانع لهذه الآلات وتسوق عالميا وتنتشر محليا وتكون في متناول اي شخص لأنه لا يمكن لأي شخص ان يصنع آلة موسيقية لكن يمكنه ان يشتري آلة موسيقية جاهزة. وافاد بأن الهدف من هذا المعرض التعريف بهذه الآلات كمرحلة اولى (لأن الما بعرفك بجهلك)...! ثم المرحلة الثانية دراسة هذه الآلات ومعرفة خصائصها.. اما الهدف الثاني لهذا المعرض فهو لفت نظر الباحثين في المجالات العلمية المختلفة لهذه الآلات. بدأ اهتمام الموسيقار دفع الله الحاج علي بهذه الآلات منذ اكثر من خمسة عشر عاما ومنذ ذلك الوقت وهو في حالة جمع متواصل لهذه الآلات والمعلومات حولها من طقوس وعادات وتقاليد. ٭٭ التحية للموسيقار دفع الله الحاج علي على هذا الجهد المقدر وإلى الامام.