اظهرت ازمة دارفور العديد من الآثار الاجتماعية وتتقدم المرأة شرائح الضحايا اذ طالها وصغارها التشرد والنزوح والحرمان بعد ان قذفت بهم الحياة الى معسكرات النزوح لتتعطل بهم سبل العيش .. هذا الوضع المأسوي دفع المرأة الى طرق الابواب كافة من اجل الحصول على عمل يساعد على توفير حد ادنى للعيش الكريم. لقد باتت لقمة العيش تمثل هاجسا بالنسبة للمرأة النازحة التي غدت هي العائل الوحيد للاسرة فاتجهت نحو عمليات الاحتطاب اوما يعرف (بالفزع) لجلب الحطب فى جماعات تفاديا لاى اشكالات تصادفهن خارج القطاع السكني ومن ثم يبعنه سواء في اسواق المدن او داخل المعسكر. وبرغم ان العائد من الاحتطاب لا يتجاوز بضعة جنيهات الا انها تظل مهمة وتسهم فى استقرار الاسرة ولو في الجانب النفسي كما ان تلك الجنيهات قد تساهم في توفير بعض الاواني المنزلية. تصف الحاجة فطومة وهي عاملة يومية حياتهم بالمعسكرات بالصعبة وان النساء منذ نزوحهن للمعسكرات لا يحظين بما تحظى به رصيفاتهن من نساء المدن وان المرأة بالمعسكرات عاجزة عن توفير قارورة عطر لنفسها ما اضطرهن للعمل والبحث عن سبل لتوفير المال بشتى الطرق فمنهن من يعملن بالاسواق، وبعضهن يعملن خدما واخريات لجأنا للاعمال الشاقة في قطاعي المبانى وكماين الطوب، وبينهن من تقوم بجمع حبات الذرة التى تتساقط من اللوارى داخل اسواق المحاصيل.. ان منظرهن وهن مصطفات بشكل ملفت للانظار بالقرب من هذه اللوارى ينتظرن نظافتها وجمع الذرة التى تتدفق من جوالات العيش عقب عملية تفريق الشحنة بات من المناظر المألوفة، وهناك من فضلن العمل فى الاحتطاب بجلب الحطب من اطراف المدينة في عملية متعددة المخاطر بدءاً بالارهاق الجسماني ومخاطر التعرض للاعتداء فى اماكن حصد الحطب ما دفع ببعثة اليوناميد الى تنظيم دوريات فى كل اسبوع توفر الحراسات من افراد البعثة المشتركة للنسوة اللائي اضطررن الى عملية الاحتطاب التي اصبحت صعبة ومكلفة وغير مربحة رغم التعب والاهانة. احدى النازحت فضلت حجب اسمها قالت بان الاحتطاب لم يعد مفضلا لان الغابات باطراف المدن كلها ملك لافراد وهن لا يستطعن دخولها فالغابات العامة اصبحت بعيدة ولا يمكن الوصول اليها ما دفع بالمحتطبات لممارسة غسل الملابس والاوانى المنزلية واعمال النظافة كافة او العمل فى قطاع المبانى، ظلت المرأة في دارفور جزءاً فاعلا في الحراك الاقتصادي لها اسهاماتها في اعمال وحققت ارباحا طائلة من عمليات الزراعة ووجودها بالمعسكرات جعلها عاجزة تماما عن الحصول على الاموال فى ظل ارتفاع الاسعار لم تشهد البلاد مثله ليظهر التعدين عن الذهب بمنطقة (صولبا) شمال نيالا بولاية جنوب دارفور وتوجه الالاف من النازحين الى المنطقة بحثا عن المعدن النفيس في منطقة جرداء تفتقر للاشجار والماء. فقيرات المعسكرات وجدن الفرصة سانحة لتمزيف ثوب الفقر الذي التف حول اسرهن وبرغم انه لم تظهر اية نتائج الا ان النساء متمسكات بالامل السراب.. تحكى خديجة من معسكر عطاش والعائدة من مناطق التعدين بان الوضع غير مشجع للبقاء رغم ان والى جنوب دارفور عبد الحميد موسى كاشا زار المنطقة وامر بتوفير تناكر مياه الشرب للعاملين بجانب توفير طواحين ووقود لطحن الحجارة وانارة المكان فى ساعات الليل الا ان خديجة آثرت العودة فهى قضت اكثر من خمسة اسابيع وعادت بخفي حنين تشكو التعب والارهاق، منوهة الى ان النساء اللواتي تركتهن يقدرن بالمئات ينتظرن حظهن في الحصول على الذهب. خديجة ابدت حزنها على النساء اللائي بقين فى منطقة التعدين وبينهن من تحمل طفلا رضيعا وبينهن الحوامل فضلا عن الفتيات. هكذا ظلت المرأة النازحة تطرق ابواب الرزق الحلال من اجل العيش واسعاد نفسها الشريفة واطفالها، انهن نساء ارامل، وفتيات، مطلقات، نساء فضليات يخاطرن بحياتهن من اجل اطفالهن فمتى نقيل عثراتهن ؟ متى؟