ثمانية أيام وتستبين خيوط تقاطع تداعيات الانفصال على الأرض لا من قبيل التوقعات والتكهنات بل من واقع الحال على كل الأصعدة فقد بات انفصال الجنوب قاب قوسين أو أدنى من حياة الناس بالرغم من عدم حسم شريكي الحكم لكثير من الملفات العالقة بين الطرفين والتي من بينها الملف الاقتصادي الذي تسنمه إنتاج النفط وقسمته وكيفية الاستفادة من بنياته التحتية في الشمال في ترحيل وتصدير وتصفية نفط الجنوب ! حيث إن الإدارة السيادية والرئاسية بالشمال ممثلة في رئيس الجمهورية الذي وضع أمام حكومة الجنوب ثلاثة خيارات أجملها في نقل وتصفية وتصدير النفط عبر الشمال ومنح الشمال مقابل ذلك إما نفط خام أو قيمة إيجار بالعملة الصعبة (الدولار) أو أن يتجه الجنوب إلى مسار آخر لتصدير وتصفية نفطه. وبحسب إفادات وزارة المالية والاقتصاد الوطني على لسان حاديها وقائد ركبها الوزير علي محمود عبد الرسول إن إجمالي ما ينتج بالبلاد من نفط قبل الانفصال حوالي 470 ألف برميل في اليوم منها ما يعادل 27% ينتج بالشمال أي ما يقدر بحوالي (115-120) ألف برميل يوميا وال 73% المتبقية من مجموع الإنتاج الفعلي للنفط يفقد السودان الشمالي نصفها أي ما يعادل 36.5% من مجموع إنتاج النفط الحالي وعلى إفادات المالية عاليه يقول الدكتور محمد الناير إن الطاقة التشغيلية الدنيا لمصفاة الخرطوم بالجيلي 100 ألف برميل في اليوم الأمر الذي يؤهل ما ينتجه الشمال لتشغيلها وما تبقى من ال (115-120) ألف برميل التي ينتجها الشمال يمكن تجميعها وتصديرها غير أنه لفت إلى أن كمية المشتقات الناتجة عن تصفية وتكرير ال100 ألف بالجيلي لا تكفي حاجة البلاد لا سيما في جانب مشتق الجازولين وأشار إلى استمرار الجهود في الشمال لاستكشاف المزيد من حقول النفط حيث تؤكد الدراسات دخول حقل بليلة مطلع العام المقبل بطاقة إنتاجية تقدر بحوالي 20 ألف برميل يوميا وكذا حقل الراوات جنوبي كوستي مطلع العام 2012 أيضا بطاقة إنتاج 60 ألف برميل يوميا علاوة على استمرار الاستكشافات في كل من شمال السودان ودارفور والجزيرة والبحر الأحمر والتي من المؤمل أن تدخل دائرة الإنتاج في بعد العام 2013 الأمر الذي يقلل من فاقد إيرادات نفط الجنوب وحصته في رفد الخزينة العامة وتوقع الناير أنه في حال اتفاق الشمال والجنوب على تصدير نفط الجنوب عبر الشمال فإن ذلك سيوفر للشمال ما يقدر بحوالي (80-100) ألف برميل يوميا أو ما يعادل قيمتها بالعملة الحرة تبعا للاتفاق المبرم بين الطرفين وأضاف أنه في حال الاتفاق على أي من البندين فإنه لن يكون هناك فاقد يذكر جراء انفصال الجنوب . ويرى الناير أنه لابد من وجود سياسة قوية لترشيد الانفاق الحكومي لا سيما على صعيد الوزارات السيادية حيث تعود الناس على تخفيض الإنفاق في الوزارات الخدمية (صحة وتعليم) وإطلاق المقود للوزارات ذات الطابع السيادي وقال يجب أن يطال خفض الإنفاق مؤسسة الرئاسة والدستوريين وحكومات الولايات ومجالسها التشريعية شريطة ألا يمس التخفيض الصرف على مشاريع التنمية وتلك التي توفر فرص العمل للطاقات العاطلة وقال لا مانع في تعطيل وتجميد كثير من البنود بعد فحصها بصورة دقيقة (السفر الخارجي - الكرنفالات - الاحتفالات - المعارض) وأن يتم التركيز على الصرف الإنتاجي و تفعيل وتسريع وتيرة العمل في دفع عجلة إنتاج حقول النفط بالشمال لتغطية النقص في الإيرادات الذي ينجم عن انسحاب عائدات نفط الجنوب حال انفصاله وأضاف لابد من التركيز على استخراج نفط الشمال لأنه لا بديل للنفط غير النفط لجهة أن تميز عائداته بانخفاض التكلفة ما يسهل عملية استغلالها في المشاريع التنموية المختلفة. وطالب الناير بالتوسع في التعدين الأهلي وليس العشوائي عن الذهب بالإضافة لخفض الواردات دون التأثير على حركة الاقتصاد مع طرح المزيد من المحفزات والمشجعات للمستثمرين الأجانب بجانب تفعيل وتنشيط حركة السياحة بالبلاد .