كان يوم 41/7/1002م «يوليو» يوماً مشهوداً بالنسبة لدارفور كما كان قبله 5 مايو من عام 6002م يوم توقيع اتفاق ابوجا، إذن دخلت دارفور عالم الشهور الشهيرة كما كانت شهور الوطن الكبير 62 يناير 5881م تاريخ السودان الاول ويناير 6591 يوم تحرير السودان الثاني وهكذا أيام الشموليات نوفمبر 8591م ومايو 9691م وايام الثورات للثوار، اكتوبر 4691م وابريل 5891م، والآن حديثاً دارفور بدأت بمايو ثم يوليو ولا ندري سيكون هناك أغسطس أم سبتمبر ولا حتى اكتوبر آخر. الليالي من الايام حبالى مثقلات يلدن كل عجيب.. لقد احتفل الحضور في الدوحة في 41/7/1102م بتوقيع الاتفاق بين حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة وكنت من ضمن الحضور بل من المشاركين والمفاوضين في معظم مراحل التفاوض وأشهد بأن كل من مفاوضي الحكومة وحركة التحرير والعدالة قد دافع بشدة عن قناعات مفوضيهم، ولكن هذه هي حالة القبول بالحوار لا سيما اذا كان هناك وسيطاً او جودياً بينهما، فلا يمكن ان يعطي كل طرف ما طلب وأعتقد ان ما توصل إليه الطرفان في الدوحة هو فن الممكن. بغض النظر عن ما ورد في النصوص وما كانت تحتمله النفوس فان اتفاق الدوحة مختلف جداً عن اتفاق ابوجا، اتفاق ابوجا وفي الآونة الاخيرة تدخلت فيه اجندات دولية ووطنية، كل يغني لليلاه، اي من الاطراف المختلفة كان ينظر الى مصلحته في الاتفاق، المجتمع الدولي كان يرغب في ادخال القوات الاممية كاستراتيجية بعيدة المدى بالنسبة له، ولا حيل له الا بقوات حفظ السلام، ولكن أين السلام؟ لم يوقع بعد، وبعد ضغوط رهيبة على حكومة السودان صرح مسؤول كبير بأن الحكومة لا تمانع في دخول القوات الدولية اذا ما وقع سلام في ابوجا، الفرصة التي اغتنمها المجتمع الدولي وبدأ الضغط على الحركات وأخيراً برز روبرت زوليك نائب وزير الخارجية الاميركية كقوة ضاغطة على الحركات الثلاث للتوقيع على السلام، حركة مني، وحركة خليل، وحركة عبد الواحد وسارت المساومات سراً وجهراً، فوجدوا في مني اركو فرصة التوقيع، وهددوا قادة الحركتين الآخرين بالمثول في حالة الرفض في محكمة الجنايات الدولية، وبعد التوقيع صرح المبعوث الاممي يان برونك بان هذا الاتفاق ويعني أبوجا لا يستحق اضافة شولة وكان الأمر استفزازياً مما جعلني أفرد مقالاً بعنوان «بل الاتفاق يحتاج الى جولة وليس شولة». كانت هذه هي ظروف أبوجا الأخيرة، أما الدوحة فالأمر مختلف تماماً، هدوء تام وإرادة هادئة، لا إكراه في الاتفاق من أراد من يؤمن به فمرحبا ومن أراد أن يكفر به فهو حر، وهنا تكمن أهمية اتفاق الدوحة، الأمر الثاني مخرجات إتفاق الدوحة تمت بتواصل اللقاءات ذهاباً من الوسيط إلى مواقع دارفور المختلفة وحضوراً للدوحة في عدة لقاءات، الأمر الثالث اهتمت الدوحة بتجميع شتات الحركات وهذا هو الأصل في الحوار إذا كانت القضية واحدة فلماذا التشتت في «خشوم البيوت» أو التقعر في أفخاذ القبيلة. أبوجا لم تهتم بذلك وكان يمكنها الضغط على عبد الواحد ومني ليتحدثا كحركة واحدة، ولكن كان هدف أبوجا الاستراتيجي للمجتمع الدولي وحكومة السودان التحدث والحوار مع الشتات، ولكن في الدوحة كانت الاستراتيجية هي مخاطبة التوحد، رابعاً الدوحة رمت بثقلها في دفع مستحقات السلام وكأنها هي حكومة السودان عندما تجذرت في المشكلة وعرفت ان اعماق المشكلة هي الغبن التنموي وليس كما يدعي معمر القذافي ان مشكلة دارفور سرقة جمل وهو المصطلح الذي صدّره اليه النظام الحاكم في الخرطوم. فتشريح الدوحة للقضية تشريحاً صحيحاً في معرفة المرض العضال في دارفور، فذهبت أبعد من حكومة السودان في علاج المشكل، خامساً الدوحة لا غرض لها في دارفور والسودان غير الاجر، والسُمعة والسمعة تحصيل حاصل اذا ما نجحت الدوحة في توقيع اتفاق السلام، فكل الناس سيذكرونها بخير وستكون على كل لسان حتى يصل الأمر إعطاء جائزة نوبل للسلام لامير قطر عندها نقول يستاهل بل أكثر من كده، ولماذا نحن الأفارقة والعرب والمسلمون نعتمد على جائزة نوبل لماذا لا تكون عندنا جائزة مانديلا للسلام، أو خليفة بن حمد للسلام، أو الملك فيصل،أو عبد الرحمن المهدي للسلام، أو جائزة الحسن بن علي بن ابي طالب للسلام لأنه حقن دماء المسلمين ومهر اتفاق سلام مع معاوية بتنازله عن الحكم لمعاوية، لماذا نتبع الغرب حتى اذا دخل جحر ضب دخلناه معه. نرجع الى موضوعنا، نقول ان اتفاق الدوحة يختلف روحاً ومضموناً عن أبوجا، أبوجا أغلقت الاتفاق بالضبة والمفتاح عندما قال يان برونك انه لا يحتاج الى شولة بينما اتفاق الدوحة وبكل هدوء ترك الباب موارباً للحركات الاخرى للتوقيع خلال ثلاثة أشهر مع اضافة الحركات غير الموقعة ما تراه مناسباً اذا اقتنعت الوساطة خاصة ملفات الترتيبات الامنية والمشاركة في السلطة. وهنا استطيع ان اقول ما يزال الامل يحدونا في توقيع العدل والمساواة على الاتفاق، إذا تغير ما في النفوس بين مفاوضي العدل ومفاوضي الحكومة، حتى ولو تغير كل الفريق المفاوض من الجانبين فالاسقاطات الشخصية دخلت في هم القضية، لا بد لقيادة الدولة النظر في الامر باهتمام، لأن الأمر ليس الخلاف بين غازي وخليل أو أمين حسن عمر وأحمد تقد وانما الأمر يتعلق بقيمة انسانية وأهمية قضية وسمعة دولة بأكملها. البعد الآخر في اتفاق الدوحة هو أن شخصية تجاني سيسي لن تكون طبق الأصل لشخصية مني أركو الفوارق كثيرة في مدخل القضية والخروج منها، وأهمية قيمة المبتدأ والأهمية الاخرى لقيمة الخبر ولماذا ذاك مرفوعاً وهذا منصوباً. وكذلك أهمية الخبرات المتراكمة للكهولة، واندفاع الشباب، كما التشرب من مناهل العلم المختلفة ربما يجعل من الشخص شخصاً آخر غير هو الذي أمامكم بشخوصه. وكنت دوماً أقول للاخوة مع تقديرنا للنصوص يجب البحث عن الشخصية القيادية أولاً، لان هناك شخصاً لو أعطيته كراسة من الصلاحيات لوهنه لن يستطيع أن يطبق منها صفحة واحدة، وهناك شخص لابداعه لو أعطيته صفحة صلاحيات لجعل منها كراسة مليئة بالابداع والعطاء دون ان يغضب رؤساءه. وهنا لست في مفاضلة بين مني وتجاني فليس هذا المكان للجرح والتعديل، ولكني أؤمن بالحكمة القائلة: كل ميسر لما خلق له، فبالنسبة لشخصي الضعيف لم أستطع ان أكتب بيت شعر واحد متسق ومنسق ومقفى، ولكن كما ترون فإني أكتب المقال رغم أنه ليس على قدر المرام. وأخيراً أقول يجب تأييد هذه المكتسبات التي حققتها نخبة دارفور المدنية منها والعسكرية، واعجبني جداً قول سيسي فإنه سيبصم بالعشرة للذين يجيئون من بعده اذا أتوا باتفاق أفضل من هذا وهذا هو التنافس الشريف من أجل البلد الشريف دارفور، وقبل أن أنهي مقالي أقول لإخواتي وأخوتي رجال حركة التحرير والعدالة انتم محظوظون لأنكم وجدتم تجربة ماثلة امامكم تجربة اتفاق ابوجا وقطعاً ستغوصون لمعرفة محاسن وتحديات ذلك الطريق فارجو دراسة الامر والاستفادة من أخطاء قادة أبوجا. واقول للحكومة بأن أحد الاخوة قال لي هذا الاتفاق قريباً سيكون إما في الرف أو يكون ورقاً للف للممارسات السابقة للحكومة في نقض العهود. ولكني أقول إذا هرب منكم تجاني فسأبصم بالعشرة أنكم محتالون على العهود والمواثيق، واذا ما طبقتم الاتفاق وبقى سيسي فما علينا إلا مراجعة مني أركو مثنى وثلاث للعودة والالتحاق بركب السلام، هذا الاتفاق إمتحان حقيقي لمصداقية الحكومة للمرة الأخيرة بالنسبة لقضايا دارفور، وأكرر أن الليالي من الايام حبالى مثقلات يلدن كل عجيب.