جدل كبير في الساحة السياسية السودانية حول شكل الحكم للبلاد في المرحلة المقبلة . هناك حديث اطلقته حكومة المؤتمر الوطني للاحزاب والقوي السياسية بعدم رغبتها في الانفراد بالسلطة في الفترة القادمة ونيتها تكوين حكومة ذات قاعدة عريضة وجاءت تصريحات علي لسان قيادات نافذة في الحزب الحاكم تتحدث عن اتجاه الحكومة بكل جدية الي اشراك كافة القوي السياسية في السلطة، ورغم ان الحكومة لم تحدد سقفا زمنيا لاشراك القوي السياسية في السلطه الا انها كشفت عن سلسلة اجتماعات ولقاءت سياسية مكثفة تجريها لتحديد موقفها النهائي من هيكلة الدولة ومشاركة الاحزاب في غضون ايام. غير ان بعض الاحزاب تري ان حديث الحكومة عن الحكومة العريضة وتعهدها للاحزاب باشراكها في السلطة في الفترة القادمة مجرد وعود كاذبة لا تقدم ولكنها تؤخر، ووفقا لعضو قيادة قوي الاجماع الوطني المعارض القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل الدكتور علي السيد فإن الحكومة ظلت تتعهد بحكومة قومية علي مدي تاريخها وقال السيد في حديثه ل (الصحافة) عبر الهاتف أمس ان الحكومة منذ اكثر من عشرين عام ظلت تتعهد باشراك الاحزاب في السلطة وعن تكوين حكومة قومية تستوعب القوى السياسية مشيرا الي ان الواقع يكذب وعود الحكومة واعتبر علي السيد تعهدات الحكومة للاحزاب باشراكها وتقاسم السلطة معها بانها غير مضمونة عازيا ذلك لافتقاد الوطني ثقافة استيعاب الاخرين بالاضافة الي عدم استيعابه جيدا الازمة التي تمر بها البلاد مشيرا الي ان ذلك يجعل الوطني يتمادي في الانفراد بالسلطة وقال القيادي الاتحادي (ان الوطني لم يضع اي اعتبار للاحزاب في كل ازمات البلاد منذ مجيئه الي السلطة و لم يشرك الاحزاب في قضايا السودان المفصلية وعلي راسها قضية الجنوب وقضايا دارفور وابيي بالاضافة الى اتفاقية الدوحة الاخيرة ولن يشرك الاحزاب في الفترة القادمة ايضا). وكشف السيد عن ان االحزب الاتحادي الاصل توصل الي اتفاق مع الوطني حول الدستور القادم للبلاد علي ان يوضع الدستور بمشاركة كافة القوي السياسية وان يكون الدستور القادم مؤقتا الي حين وضع دستور دائم . غير انه نفي بشدة ما يتردد عن اتفاق حزبه مع الوطني حول شكل المشاركة في السلطة مشيرا الي ان هنالك رفض عام في قواعد الحزب الاتحادي لمسألة المشاركة في السلطة وقال ان مشاركتهم في السلطة مشروطة بوجود ضمانات بقيام حكومة قومية تشمل كل الاحزاب علي اساس ديمقراطي . من جهة ثانية تخشى البعض من الاحزاب الاشراك الصوري بعيدا عن المشاركة الفعلية في القضايا الوطنية وادارة شأن الدولة في اجواء ديمقراطية متوقعين حدوث ذلك كما اشار الي ذلك عضو قوي الاجماع والقبادي بالحزب الشيوعي الاستاذ كمال الجزولي في حديثه ل(الصحافة) عبر الهاتف امس مشيرا الي ان الوطني يتخوف من مشاركة الاحزاب وذلك لجهة ان الوطني لا يستطيع الحوار مع الاخر المتمتع بحقوقه وحريته وقال الجزولي: ان شرط وجود الوطني في السلطة هو ضعف الاخر ويري الجزولي ان الحكومة رغم تكثيفها الاعلان عن حكومة عريضة في االبلاد خلال الفترة القادمة الا انها غير جادة في مشاركة الاحزاب في السلطة ولا في انشاء حكومة ذات قاعدة عريضة لافتا الي اتفاقية اديس ابابا الاخير الذي اثبت ان الحكومة لا تستطيع ادارة حوار متكافئ مع الاحزاب معتبرا ذلك من دلالات عدم قيام حكومة عريضة في الفترة القادمة والتي يري كمال الجزولي انها فترة تحتاج الي اعادة نظر علي مستوي الحكم والاحزاب مشيرا الي ان ظروف الصراع في البلاد بين الاطراف اخذة في الحدة والابتعاد عن الحل السياسي وحذر الجزولي تحول المعارضة للوطني من معارضة سياسية الي عسكرية في الفترة القادمة في ظل عجز الحكومة عن الاقتراب من الاخرين علي حد تعبيره واعتبر الجزولي تصعيد الحرب في كردفان والنيل الازرق دليل علي انزواء الصراع السياسي وبروز الصراع العسكري نسبة لفشل الحكومة في تكوين حكومة قومية تمثل الوان الطيف السياسي ورغم ان هنالك تشكيكا كبيرا من بعض الاحزاب في اتجاة الحكومة نحو انشاء حكومة قومية واشراك جميع القوي السياسية في الفترة القادمة الا ان الوطني يري ان شك الاحزاب في تعهدات الحكومة شك لا مبرر ولاسيما في ظل الظروف التي تمر بها البلاد واكد الوطني على لسان بعض قياداته انه جاد في انشاء حكومة ذات قاعدة عريضة في القريب العاجل كما اشار الي ذلك القيادي بالمؤتمر الوطني الحاكم ربيع عبد العاطي والذي اكد ل (الصحافة) في حديثه عبر الهاتف امس في هذا الشان ان الظروف التي تمر بها البلاد تتطلب تغييرا جذريا في السلطة وابان ان الاحزاب تكذب الحكومة رغم ان الحدث اصبح علي مقربة من الحدوث وقال القيادي بالوطني موضحا ان المؤتمر الوطني بعد المتغيرات الداخلية والاقليمية لم يتبقي له الا الجدية في تقاسم السلطة مع القوي السياسية وشدد ربيع على ان المؤتمر الوطني لا يتحدث من ابراج عاجية بل من واقع سيحدث قريبا مشيرا الي ان الحكومة العريضة القادمة ستكتمل وستعلن خلال الايام القريبة القادمة وقال ان لم تتم غدا فان ذلك سيكون بعد غد . وشدد عبدالعاطي على ان المؤتمر الوطني وصل الي ايمان قاطع بضرورة اشراك جميع القوي السياسية بصورة فاعلة في الحكم في الفترة المقبلة وقال اننا نتطلع الي اوسع قاعدة حزبية وشعبية مشيرا الي ان ذلك يمثل اختراقا لازمة الدولة السودانية وطالب ربيع المعارضة بعدم الشك في حقيقة الحكومة العريضة القادمة للبلاد وقال ان الاحزاب لابد ان تعي انها مطروحة بجدية في الفترة المقبلة محذرا من ان التوترات السياسية ستكون خصما علي الاجماع السياسي. اذن ما بين تعهدات الحكومة بحكومة يتم فيها اشراك كافة القوي السياسية في الفترة المقبلة وتشكيك بعض الاحزاب بالبلاد في نوايا الحكومة بشان اشراك الاحزاب في السلطة تظل قضية الحكومة القومية أو الحكومة ذات القاعدة العريضة امرا يلفه الغموض الا ان الثابت كما يرى بعض المراقبين فإن الحكومة لا تستطيع الانفراد بالسلطة وحدها في الفترة القادمة لجهه ان المشكلات التي تمر وستمر بها البلاد اكبر من حزب المؤتمر الوطني كما اشار الي ذلك استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين اسامة زين العابدين في حديثه ل(الصحافة) عبر الهاتف امس مشيرا الي ان الخيار لم يعد بيد الحكومة وقال ان الايام القادمة ستكشف عن ذلك وقال ان ما ينبغي ان يتفق عليه الجميع وتكون الرؤية حوله واضحة ان البلاد تمر بمرحلة تتطلب التوافق بين كل القوى السياسية حول شكل الحكم وكيفية معالجة الأزمات المحيطة بالوطن.