في بداية ازمة دارفور كانت مطالب الحركات الدارفورية تتعلق بتنمية الاقليم، ورفع الظلم عن اهله في النطاق الجغرافي للمنطقة، بالاضافة الى بعض المطالب التي تتعلق بطلاب دارفور في الجامعات السودانية ، وكانت تلك هي اهم مطالب حركات دارفور كما اشار الى ذلك بعض قادة حركات دارفور في تصريحاتهم الى وسائل الاعلام الاقليمية والمحلية في تلك الفترة. لم يكن احد من قادة الحركات الدارفورية من قبل يبدي رغبته في اسقاط الحكومة القومية غير ان الامور اخذت منحىً آخر بعد قرابة تسع سنوات من بداية الازمة الدارفورية فخلال هذه الايام اعلنت حركات دارفور غير الموقعة على وثيقة الدوحة للسلام وعلى رأسها حركة تحرير السودان جناح مناوي وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد وحركة العدل والمساواة أن اهدافها العليا هي اسقاط الحكومة القومية بعد ان اعلنت ذلك قبل ايام في وثيقة وقعت عليها هذه الحركات في تحالف مع الحركة الشعبية قطاع الشمال تحت مسمى «الجبهة الوطنية للمقاومة «. ويرى بعض المراقبين أن التحالف بين الحركات الدارفورية والحركة الشعبية وتبني الحركات الدارفورية خيار اسقاط الحكومة كان متوقعا في ظل تنفيذ الحركات الدارفورية لاجندة خارجية تتقاطع مع الاجندة الوطنية ويذهب في هذا الاتجاه الرأي الرسمي للحكومة، ووفقا لوكيل وزارة الخارجية السوداني رحمة الله عثمان ان التحالف جاء لخدمة اجندة خارجية وقال عثمان موضحا في حديثه ل(الصحافة) عبر الهاتف أمس ان حركات دارفور تلقت تشجيعا ودعما ماديا ولوجستيا كبيرا من دول بعينها من ضمنها دولة الجنوب مقابل رفع سقف مطالبها بتبني خيار اسقاط الحكومة في الفترة المقبلة ويرى عثمان في تبني خيار اسقاط الحكومة من قبل الحركات هي حق من حقوقها شريطة ان تضع الحركات السلاح وتوقف الحرب بدارفور، وتبادر بالانضمام الى وثيقة الدوحة، وقال رحمة الله عثمان: (اذا ارادوا اسقاط الحكومة عليهم بخيار السلام وبالعمل السياسي من خلال نظام ديمقراطي) مؤكدا ان السودان يشهد آفاقاً سياسية جديدة. وطالب الدبلوماسي السوداني حكومة جنوب السودان التوقف عن دعم حركات دارفور، مشيرا الى انهم يؤمنون بخيار التعاون مع دولة الجنوب من دون الخيارات الاخرى لافتا الى ان من مصلحة الحركة الشعبية ان تتوقف عن دعم حركات دارفور وتحقيق الاستقرار في المنطقة وقال ان الخارجية السودانية تأمل في ذلك. غير ان بعض المراقبين يرون ان هنالك مؤامرة كبيرة تحاك ضد الحكومة عبر تحالفات حركات دارفور، ولا سيما مع مطالبها الجديدة، كما يشير الى ذلك الخبير العسكري العميد (م) حسن بيومي والذي يرى :ان هنالك فخا كبيرا ضد الحكومة يدبر عبر حركات دارفور غير الموقعة على وثيقة الدوحة واوضح بيومي في حديثه ل(الصحافة) عبر الهاتف امس ان خيوط المؤامرة القادمة تاتي عبر تمديد وتوسيع نطاق عمل وتفويض قوات اليونميد واضاف بيومي موضحا انه بعد مرور فترة على تمديد فترة قوات اليونميد وتوسيع نطاق عملها فانها ستنسحب من دارفور قبل انتهاء تفويضها وستضع محلها حركات دارفور او الجبهة الوطنية للمقاومة والتي ستدخل في مواجهات عنيفة مع الحكومة مما يجعل مجلس الامن يتدخل بالبند السابع تحت ذريعة ان ذلك اضطراب يهدد السلم الافريقي لافتا الى انه ومن خلال نظرته الى التطورات الجديدة في دارفور فان ذلك يمكن ان يحدث غير ان بيومي يرى: ان الحكومة يمكنها تفادي ذلك المخطط الخارجي وذلك :بتقوية الجبهة الداخلية - وتسهيل معيشة الناس. مشيرا الي ان الاوضاع المعيشية باتت صعبة مما يصعب تقويه الجبهة الداخلية. ويرى بعض المراقبين ان الحركات الدارفورية كانت تحت ضغط شديد من قبل بعض الاطراف لتبني خيار اسقاط النظام كما اشار الى ذلك الباحث في الشؤون الدارفورية احمد قاسم البدوي والذي اكد في هذا الصدد ان ما تم من اتفاق هو تكتيك سياسي في المقام الاول في اطار عمل ائتلافي واكد البدوي الذي كان يتحدث ل(الصحافة) من الخرطوم ان الحركات الدارفورية وضعت تحت ضغط شديد من قبل العديد من الدول ذات الاجندة الخاصة من ضمنها دولة الجنوب لذلك اضطرت الى الاعلان عن خيار اسقاط الحكومة كخيار استراتيجي لها ولفت الى ان حركات دارفور لم تكن لتخرج منادية باسقاط الحكومة لولا تحريض وتشجيع حكومة الجنوب والحركة الشعبية في الشمال للحركات الدارفورية لتبني خيار اسقاط الحكومة مشيرا الى ان تحالف حركات دارفور مع الحركة الشعبية كان متوقعا، ونبه الى ان الحركة الشعبية بعد الضغوطات الكبيرة التي مارستها الخرطوم عليها قبل شهور قامت بطرد الحركات الدارفورية من اراضيها غير انها عادت لتدعمها مرة اخرى عبر الحركة الشعبية فرع الشمال. غير انه ورغم الزخم الكبير لخطوة الحركات الا ان قاسم البدوي يرى انها لا تؤثر على قضية دارفور وعلى جهود الحكومة لاحلال السلام ووقف الحرب نهائيا في الاقليم لجهة ان الحركات الدارفورية اصبحت لا تمثل اهل دارفور لافتا الى ان الحركات المسلحة اصبحت تبحث عن مصالحها بعيدا عن اقليم دارفور واهلها وانها اصبحت تنتهج طرقاً مناقضة لمصالح اهل دارفور وابان قاسم ان الحركات الدارفورية التي تمثل اهل المنطقة عرفت تاريخيا باهل القرآن اصبحت لا تتوانى في التحالف مع الشيطان لتحقيق مصالحها الضيقة وتدعي ان ذلك لمصلحة اهل دارفور مشيرا الى انه في الفترة الاخيرة اصبحت حركات دارفور مجرد اداة للتعبير عن المصالح الذاتية لقادتها الذين يقيمون في فنادق خمسة نجوم بأرقى المدن العالمية بينما يكافح بعض اهل دارفور في العيش في معسكرات النزوح بفعل الحرب التي اشعلوها في الاقليم. ورغم ان حركات دارفور تحالفت مع الحركة الشعبية لاسقاط النظام الا ان بعض النافذين في دارفور ايضا يستخفون من الخطوة التي قامت بها الحركات و يرون ان الحركات لا تستطيع ان تفعل شيئاً يذكر كما يشير الى ذلك رئيس كتلة نواب دارفور في البرلمان حسبو محمد عبدالله والذي اكد في حديثه ل(الصحافة) ان الحركات الدارفورية التي لم توقع على وثيقة دارفور اصبحت بلا خطورة وذلك بعد التغييرات الاقليمية في المنطقة واضاف عبد الله ان سقوط حكومة الرئيس حسني مبارك في مصر واقتراب سقوط الرئيس الليبي معمر القذافي والذي يرى انه كان يقوم بدعم الحركات المسلحة وبالاضافة الى عودة العلاقات الازلية بين الحكومة السودانية والحكومة التشادية بقيادة الرئيس ادريس دبي عوامل انتقصت من مكانة وحجم الحركات الرافضة للسلام في دارفور. وشدد حسبو محمد عبد الله على ان الخيار الوحيد للحركات الدارفورية هو الالتحاق بوثيقة الدوحة للسلام ووضع السلاح من اجل اعادة بناء دارفور وارجاع النازحين واللاجئين الى قراهم للالتحاق بالزراعة والتعليم خلال هذا العام.