الوضع الإداري الأدني المحتك بالجماهير وقضياه المحليات أو الحكم المحلي أو المجالس الريفيه ، خذ منها ماشئت صحبتها تجارب انسانية ادارية عديدة منذعهود االإستعمار مروراً بالعهود الوطنية الي يومنا هذا ، اذ كانت كل التجارب تتسم بالحيادية والمهنيه العاليه ، وتوفرت لها نوع من المشاركة الشعبيه المعتبره خاصة من خلال قانون الحكم الشعبي للعام 1971م،الذي قدم تصوره الإداري الفذ جعفر محمد علي بخيت ، اذ ساهم القانون المشار اليه بنشر ثقافة الإدارة المحلية علي كل ربوع السودان فيما عرف بالعنكبوتية والشمولية ، وساعد بتقديم الخدمات في مجال المياه والصحة والتعليم وخلافه. و((بمجئ ثورة الإنقاذ الوطني)) ، أستنت قوانين كثيرة للحكم المحلي ، كان الهدف منها باعتقادي تمكين لأفكار الثورة الجديدة في البعث الحضاري ، والتمكين لإطروحاتها بعسكرة المواطنيين بالإنخراط في الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية ، والقضاء علي مراكز النفوذ الطائفي التقليدي المعروف ، ووضع يدها علي خزائن المال التي تؤخذ عبر القبانه والعشور والعوائد والرسوم المختلفة ، من خلال منظومات الضباط الإداريين الكثر الذين تم تعينهم بفترات متقاربة . ومن القوانيين التي صدرت لتأسيس تلك المفاهيم قانون العام 91 ، قانون العام 94، قانون العام 98 ،.... الي قانون العام 2003م الذي عرف بالقانون الإطاري أي قانون نموذجي تأخذ منه الولايات الخطوط الرئيسيه وتقوم هي بدورها بتفصيلة حسب ظروفها . فاذا نظرنا الي هذه القوانيين التي أستصدرت بحق الحكم المحلي من لدن قانون العام 1971م الذي صدر في عهد مايو 69 ، والي القوانيين التي تبعته في عهد الإنقاذ نلحظ أن هناك كم هائل من التعليقات أرجو أن أوضحها في محاور أساسيه لها الضلع الأكبر بالتأثير بمجريات العمل بالمحليات علي النحو التالي : محور الجهاز التنفيذي : في هذا المحور تركز علي رأس الجهاز التنفيذي ، المحافظ أو المعتمد ، والضابط الإداري وبقية الكوادر التنفيذيه . ظهر تسمية المحافظ في قانون الحكم الشعبي المحلي للعام 1971م ، بموجب المادة (6) وله سلطات واسعة وأهم ما يمكن أن يورد هنا هو : يجوز للمحافظ تعطيل تنفيذ أي قرار يصدره المجلس الشعبي التنفيذي ، اذا راي لايتفق والصالح العام ، أو السياسة العامة للدولة ، أو يهدد الأمن أويجافي حقوق المواطن أو مبدأ المساواة . وعليه أن يرفع تقريرا بذلك لمجلس الوزراء عن طريق الوزير فاذا لم يلغ قرار التعطيل في خلال شهرين أصبح القرار نهائياً . يلاحظ هنا أن وضعية المحافظ ، باعتباره مشرفا علي أعمال المجلس الشعبي ومصححاً لاخطاءه إن وجدت ، وهذا وضع جيد اذا يعطي الفرصة لمجالس المناطق بالمدن والأرياف من تنفيذ برامج الخدمات . أما تسمية المعتمد ، التي ظهرت بالقانون الإطاري للعام 2003م ، وماتبعه من تشريعات ولائية تفصيلية جديدة عقب إجازة الدستور الإنتقالي لجمهورية السودان بالعام 2005 م بعيد توقيع إتفاقية إيفاشا ، حيث آل أمر الحكم المحلي للولايات ، حيث أعطي المعتمد سلطات أمنية وادارية وسياسة واسعة وهي مسئولية تنوءتها الجبال الراسيات ، وفي المقابل لاتوجود صلاحيات تفويضيته كاملة للوحدات الإدارية التحتية ، حيث تقلص دور هذه الوحدات الإدارية التي كانت في الماضي مجالس مستقلة بشخصيتها الإعتبارية ، تقاضي وتقاضي ، ولها خاتم عام . أصبحت هذه الوحدات الإدارية محطات ايرادية فقط ، تنفذ مايوكل لها من أعمال عبر المحلية من المعتمد أو المدير التنفيذي . وفي خضم المسئوليات الجسيمة للمعتمد ، أحسب أن هناك بعض البنود الموضوعه في الصلاحيات ، قد تروح نسياً لكثرة ازدحام القضايا العالقة والمتحركة . وألحظ أن البند (( 17/10)) الذي ورد في قانون إحدي الولايات التي تقرأ : رعاية شئون المنظمات وترشيد جهودها في دفع التنمية والخدمات ، يعتبر من أحضب البنود لان المقصود منه ، هو :تفعيل جهود منظمات المجتمع المدني ، وليست ((منظمات الثورة)) لانها هذه المؤسسات فاعله وتؤدي دورها المرسوم لها بفاعلية واقتدار ، كالدفاع الشعبي والشرطة الشعبيه . ومنظمات المجتمع المدني يتعاظم دورها في المحليات نسبة بضالة الميزانيات المرصودة ببنود الخدمات المتعدده . حيث تحتاج لتضافر الجهود الشعبيه والأهليه لتكملة النقص والدفع بها الي المراتب الجيدة لذلك أري أن دور المحافظ أفيد بكثير من دور المعتمد ، لانه يتيح الفرصة للكوادر التنفيذية المتعدده بمارسة دورها بكفاءه ، مع وجود من يقوم مسار عملها اذا أخفقت وأصابت . المدير التنفيذي ، المقصود به ، هو أحد درجات الضباط الإداريون القدامى ، وهذا الإسم ليس مبتدعاً ، إنما كان موجوداً في قوانيين الحكم المحلي السابقه وهو ينوب عن المحافظ أو المعتمد في حالة غيابه . وحورب الضابط الإداري في عهد(( ثورة مايو وفي عهد ثورة الإنقاذ ))، لانه أمين علي خزائن المال ، وبعض المقدرات في تلك الأوقات ، وربما بعض السلوكيات المخالفة ، وهذا الجانب بالذات كانت كل الخدمه المدنية والغه فيه الا من رحم ربي . ولكن الذي يلي الإداريين كان يجد حظهم من الإهتمام بعتبارهم قيادات ولهم مواقف مشهودة اثناء تأدية واجبهم . أياً كان حالة الضباط الإدارييون في تلك الحقب ، فانه يحمد ل((ثورة الإنقاذ الوطني)) أنها ساهمت في اعادة صياغة الضابط الإداري ، وساهم الإدارييون بجلائل الأعمال في الحقبه الأخيرة . ولازال العشم معقود عليهم ، بالمساهمة في تنقية أجواء التوتر التي سادت النسيج الإجتماعي وهددت التعايش السليمي بفعل النزاعات المسلحة . محور الإدارة الأهلية : ((... هي تلك الإدارة الذي تقوم علي أسس محلية بحته ، وغير متأثره بالقضايا السياسيه أو القيود الرسميه والتشريعيه للدولة . بل تعتمد في ممارستها للإدارة علي مورثات العرف والتقاليد المستمدة بالضرورة من المعتقدات الدينيه للشعوب والأمم ))، هذا التعريف الذي أورده الأستاذ /أحمد محمد ابراهيم بكتابه الموسوم ، تصفية الإدارة الأهلية ، ص، 59 ، أحسب أنه تعريف جيد . ونعلم أن إدارة السودان بعهد الحكم الثنائي الإنجليزي المصري قامت علي أكتاف الإدارة الأهلية . وسارت الأوضاع علي أحسن مايكون في العمل في العهود كافة . وفي العهد الوطني وبمجئ ثورة أكتوبر 1964 نشط العداء للإدارة الأهليه من جانب القوة السياسة كافة ، حيث وصفت الإدارة الأهليه من قبلها بالتخلف . وفي تطور لاحق لتقليص سلطات الإدارة الأهليه ، تم فصل السلطات القضائيه منها ، وفي عام 1970 ، تم حل الإدارة الأهليه . حيث شمل ذلك ، وظيفة الناظر والعمدة في مناطق الريف وشب الرحل ، وظيفة الناظر لدي الرحل ، وشيخ الحاره بالمدن والأرياف . وفي العام 1987 م أعيدت الإدارة الأهلية الي دائرة العمل الرسمي وسط الأهالي . ورغماً عن ذلك فأن المثقفيين لايزالون ينظرون اليها بعين غير راضية . بل دخلوا معها في مواجهات شرسه ، خاصة إبان الإنتخابات علي المستوي الإقليمي والقومي . وكثير من الكوادر الموجوده بالساحه السياسيه الأن هم خريجو ((مدرسة المواجهه الشرسه مع الإدارة الأهلية ) )، خاصة كوادر التيار الإسلامي والقوي الحديثة . أقول هذا بالتركيز علي مسرح السياسه بدارفور . كما وأن هذه المواجهات لم تنقطع بالمره ، حيث يعتبر فتيل التمرد الذي إشتعل بدارفور في الأوان الأخيره بسبب عدم رضا القيادة الشابه عنها . و ((بمجئ ثورة الإنقاذ)) وتقدمها في السنين ، خفت تلك الحدة . وأعتقد أن السلطات نظرت أنه لا مندوحه من خطبة ود الإدارة الأهلية ، خاصة بعد اشتداد النزاعات القبليه بدارفور . حيث قدمت لهم الدعم المالي وبعض التسهيلات بإمتلاك عربات تعينهم علي أداء الوظيفة. وتطورت تلك العلاقة بإنعقاد مؤتمرالنظام الأهلي بالعام 1995 م . بالنظر لمسيرة الإدارة الأهلية الطويله في العهود السودانية كافة ، فإن المنطق يدعو لتأسيس نظام أهلي فاعل يساعد في عملية ترقية المجتمع ، يدعم الأمن والسلم الإجتماعيين ، وتوجه الأفراد والجماعات نحو إعلاء قيم الإنسانية النبيله في التعايش السلمي وبناء الأوطان . ولكي تقوم الإدارة الأهلية بهذا الدور المتعاظم لابد من أن تتسم هي ذاتها بالمواكبة والأخذ بالطرق والأساليب الجيدة بالمحافظة علي كيان المجتمع ، ودعم أنشطة الأفراد والجماعات الحيويه بالإرتقاء بانفسهم أولا ومن ثم بالوطن . وفي هذه الحالة فإن إنتهاج آلية الديمقراطية بإختيار كوادر الإدارة الأهلية تبقي من أولويات بنية المجتمع ، ودعم أواصره الإنسانية المنشودة . هذا النهج المطلوب الإنتخابات في إختيار كوادر الإدارة الأهلية ، تم إقراره بقانون الحكم المحلي إلا أنه لم يعمل به ، وأعتقد أن ذلك مرده للتخوف من تداعياته السالبة ، التي يمكن أن تلقيه علي مكونات المجتمع بالفتن القبلية والعشائريه . وأعتقد أن هذا التخوف قد زال بعد أن ضربت البلاد فتن أعقد من التي يمكن كان أن تحدثها تلك الإجراءات ، وعلي سبيل المثل السوداني : الممطوره ما بتبالي من الرش ) ، وتعلم النهج الديمقراطي يبدأ بهكذا الترتيبات التحتية الأصغر . محور الخدمات : هذا المحور ، يعتبر من أهم المحوار لانه المحصله النهائية بعملية خدمة المجتمع ، وترقيته نحو الأحسن . وفي هذا المقام أنني ألحظ : إن الترتيبات التي تؤخذ بشأنها تعتبر ضعيفه عشوائية ، ومن باب نافلة العمل ، مقارنة بالموارد الموجودة بالمحليات . وهي يمكن أن تسير في إطارين هما : المكون الرسمي تأتي به المحلية والولاية وأي جهة رسميه أخري داعمة . والمكون الأهلي الخيري الطوعي الذي يأتي عن طريق منظمات المجتمع المدني ، وليس اللجان الشعبية ، كما هو سائد الأن . وهنا عندما أذكر منظمات المجتمع المدني أعنيها تحديدا حقيقية ً ، باعتبار أن منظمات المجتمع المدي ايقاعها أسرع ، وتتمتع بقنوات اتصال اجدى ، وتتوفر لديها مصداقية وفاعليه أكثر وثقة أكبر . وهذا ليس انتقاص من دور اللجان الشعبية ، ولكن اللجان الشعبية دخلتها آفة الكتل المنشطره ، هذا مؤيد لذاك وذاك معارض لهذا .وبالتالي فأن الثقه بها ليست كبيرة ، وهذا فضلا علي دورها شبه التقليدي يقتصر في مجال ضيق . ويضاف الي ذلك ايضا ، أن معظم إيرادات المحليات الحية تحصل بواسطة وزارة المالية ، وتعكس للمحليات وهي ناقصة بفعلا المصروفات الإدارية والإلتزامات الأخري . وإن السياسات المعلنة بتزيل السلطات والخدمات بالمحليات ، به شرخ . اذ يلاحظ أن الأوضاع بالوزارات الولائية جيدة ،ومدعومة بقدرات عمل هائلة .فأنت اذا نظرت في تسير العمل بالمحلية بجانب أداء الصحه العامه مثلا ، تعجز الإدارة المعنية بالحصول علي عربه جيدة للتحرك . وأخيرا ، فهذا بعض التصويبات الأساسية بأداء المحليات ، نأمل أن تكون مقبولة ، ونعد بتقديم الكثير بمجري خدمة المجتمع وتفعيله . * ضابط اداري