يبدو أن الشعب السوداني يصر على ممارسة خصوصيته و الظهور بلونية مميزة في كل المحافل وتحت كل الظروف حتى على مستوى شهر رمضان الكريم ،فقد درج السودانيون الصائمون على التوسعة على أسرهم الخميس أو الجمعة الأخيرين من شهر رمضان بذبح المواشي وزيادة جرعة الغذاء في ذلك اليوم المختار والذي يعرف بالخميس أو الجمعة اليتيمة لجهة عدم تكرارها والناس صيام . فكثير من السودانيين يعتبر الخميس أو الجمعة الأخيرة من رمضان يوما للتوسعة في الأكل والشرب لأفراد أسرهم ومن يعولون بجانب اتخاذها فرصة وسانحة طيبة للتصدق على الموتى عبر وليمة خاصة يدعى لها الفقراء والمساكين وذوي القربى بالرغم من أنه ليس لما تعارف عليه السودانيون بالرحمتات أصل في الدين من حيث الكتاب والسنة غير أن الغالبية العظمى تتعامل معها من اثر السلوك الإنساني المستمد من روح الإسلام وجوهره القائم على التراحم والتوادد ومد أواصر التعاون. ويرى كثيرون أن الجمعة اليتيمة أو الخميس بحسب اختلاف المناطق بالسودان التي تعارف على إطلاق اسم الرحمتات على اليوم المختار منهما تقليد قديم يشكل مسرحا نشطا لكثير من المعاني والقيم تتدافع للبروز في ذلكم اليوم أكثر مما في سواه من سائر أيام السنة أو حتى على مستوى أيام شهر رمضان الكريم يساهم في بطولة تجسيده كل الناس بالحي أو القرية أطفالا وشبابا وشيوخا ونساء حيث لا يتوانى المستطيعون من إراقة دماء المواشي منفردا أو بالاشتراك مع الجيران والأحباب والأهل لمن لا يستطيع الذبح منفردا فتكاد تختفي ملامح العدم والعوز في يوم الرحمتات ويسود فهم وسط الأهالي بأن الموتى في آخر جمعة او ليلتها أي يوم الخميس من رمضان ينتظرون الرحمة من الأبناء والأهل المتمثلة في هذه الذبائح ولعل التواطؤ على إطلاق لفظ الرحمتات على ذلكم اليوم ربما جاء أخذا من الرحمة أتت فعجمت وأدغمت فصارت الرحمتات تسهيلا ويدعى لتناول طعام الرحمتات الذي في الغالب الأعم يكون في شكل فتة قوامها الأرز واللحمة ويستدعي الكبار السيرة الطيبة لأقرباء قد قضوا نحبهم وانتقلوا إلى الدار الآخرة ويرفعون الأكف تضرعا لله أن ينزل عليهم شآبيب رحمته ويدعون صغار السن للمشاركة في الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة لجهة أن الأطفال دعواتهم مقبولة وتصل السماء . وما زال أهالي الريف بالرغم من الضائقة المعيشية التي تكتنف البلاد والعباد يحرصون على الرحمتات والتوسعة في يومها على العيال والفقراء والمساكين ويعتبرونها نوعا من الوفاء للأجداد والقيم الحميدة ويختلف نوع الطعام بحسب الحالة المادية لمن يقيم هذا الطعام. غير أن البعض يرجع منشأ فكرة الرحمتات وانتشارها إلى الدولة الفاطمية بمصر .