تخفيف حدة التوتر بين دولتي السودان وجنوب السودان، وربما مساعدة قوة حفظ السلام الاثيوبية في أداء مهامها على الارض، هما ابرز ما يمكن ان يسفر عنه اتفاق أديس أبابا مقر الاتحاد الافريقي، الذي ابرم أول من أمس بين شمال وجنوب السودان، إذا ما تم تنفيذه بحسب ما يقول نائب رئيس إدارة حفظ السلام بالأممالمتحدة، ادموند موليت، الذي أكد تنازل الخرطوم عن اشتراطها السابق بأنها لن تنسحب من أبيي إلا عندما توجد إدارة في أبيي. وعودة ابيي للاضواء من جديد، ومحاولة استكمال استحقاقات ترتيباتها الامنية والسياسية، كما يشير بعض المراقبين بأنه غير بعيد، من زيارة المبعوث الاميركي للسودان السفير، برينستون ليمان، للخرطوم وجوبا واديس الاسبوع الماضي، بعد توترات بين الشمال والجنوب وصفت بالخطيرة والمقلقة، في محاولة من الولاياتالمتحدة الاميركية لنزع فتيل الأزمة في السودان، والحؤول دون تفجر الاوضاع بأبيي التي يشوبها الهدوء حالياً، بالرغم من التوتر بجنوب كردفان والنيل الأزرق، لأجل إبعاد شبح الحرب عن البلاد بحسب مراقبين. ويصف متابعون انسحاب القوات المسلحة والجيش الشعبي من منطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب ودخول الاممالمتحدة على الخط، بأنها محاولة جادة لاحتواء عمل مسلح قد يتجدد بين حكومتي الخرطوموجوبا، ومن ثم دفعهما للجلوس إلى مائدة المفاوضات من أجل حل كافة القضايا العالقة بينهما ولا سيما قضية ابيي. وخلافاً لاولئك المراقبين يقول الخبير الأمني والاستراتيجي، العميد أمن معاش، حسن بيومي ان غياب التوتر عن المنطقة ما زال امراً بعيداً ، ويوضح بين يدي حديثه ل (الصحافة) عبر الهاتف أمس، أن الاتفاق الذي تم توقيعه اول من امس بين حكومتي الخرطوموجوبا في اديس هو ذات الاتفاق الذي اتى بموجبه الجنود الاثيوبيون لحفظ السلام في المنطقة، وان التأخير كان نتيجة لترتيبات إدارية متعلقة بالقوات الاثيوبية وتوفير معينات العمل لها من جانب الاممالمتحدة، بالاضافة الى إعطاء فرصة للقوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لاستكمال انسحابهما من ابيي واعادة انتشارهما بعيداً عنها حتى الثلاثين من سبتمبر الجاري، ومن ثم سيكون الاتفاق ملزماً للطرفين، لأنه بقرار من الأممالمتحدة، بعد ان قبل الطرفان بذلك. ويقول بيومي إن الازمة في المنطقة، لم تنجلِ بعد، مشيراً الى ان التوتر موجود في شكل اقتصادي وزراعي، لافتاً الى فشل الموسم الزراعي الحالي ما يعني ورود كثير من الاحتمالات والمآلات تجعل من غياب التوتر عن المنطقة امراً بعيداً بحسب ما يعتقد بيومي، مضيفاً ان ذلك يمكن ان يكون بسبب الصعوبات المعيشية التي تواجه الناس هناك. وأوضح الخبير الأمني بيومي أن قضية أبيي وفي معيتها قضية جنوب النيل الازرق كان من الممكن أن تحلا في وقت سابق، غير انه قال إن كل القضايا يتم ترحيلها وهو ما لا يمثل حلاً حالياً ولا في المستقبل لقضايا البلاد الحساسة، وبالنسبة لما يتعلق بالتزام الاطراف بالاتفاق، قال بيومي إن هناك ضغوطاً ومعادلات أمنية تخص الجوار المتاخم للشمال والجنوب من شأنها إجبار المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على عدم الإخلال بالاتفاق، ملمحاً الى خطورة الوضع على الحدود السودانية الاثيوبية، خاصة بعد احداث النيل الازرق الاخيرة ومن ثم الابتعاد عن المنطقة وتسليمها للامم المتحدة بالكامل يصبح مسألة مهمة، ومن بعد ذلك الالتفات نحو الحلول السياسية بحسب اتفاقية نيفاشا للسلام التي يقر الطرفان بما جاء فيها من بنود ونصوص، تحدد كيفية التعامل مع ملف ابيي. أما أستاذ العلاقات الدولية، بجامعة امدرمان الاسلامية، البروفيسور، صلاح الدين الدومة، فيقول ل ( الصحافة) أمس عبر الهاتف، إن اتفاق اديس الذي عقدته حكومتا السودان وجنوب السودان والقاضي بانسحاب جيشي الشمال والجنوب، أو إعادة انتشارهما، يعتبر بمثابة إعلان حسن نوايا من الطرفين، ولا يمثل بأية حال من الاحوال حلاً لقضية ابيي، التي لا يمكن حلها بحسب ما يعتقد أستاذ العلاقات الدولية الدومة، بمعزل عن قضيتي جنوب كردفان والنيل الازرق، ويمضي الدومة للقول بأن المشكلات والخلافات بين الشمال والجنوب، لا يمكن ان تحل كل واحدة على حدة، بل الحل كما يؤكد يكمن في حلها مجتمعة. وفي ما يتعلق، بتدخل أميركا لدفع عملية السلام من خلال اتفاق اديس، الذي تم إبرامه أول من أمس بين الشمال والجنوب، يرى الدومة، بأن القلق الذي أبدته أميركا على لسان وزارة خارجيتها حيال الوضع في السودان، وقدوم المبعوث الاميركي للسودان، السفير، برنيستون ليمان، للخرطوم، ومنها الى جوبا، ومن بعدها الى اديس مقر الاتحاد الافريقي، زائداً ما يقول الدومة إنها، (انبطاحة) لحكومة المؤتمر الوطني، ممثلة فيما قاله، مستشار الرئيس، مصطفى عثمان إسماعيل، عن استعدادهم للتضحية بعلاقتهم مع الصين من أجل علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة الاميركية على حد قول الدومة، وهو كما يشير الدومة ربما ساهم في الضغط على حكومة الخرطوم، أو ربما ساهم في انجاز اتفاق اديس، لئلا تتعقد الاوضاع في ابيي التي قال إن الحرب انتقلت منها الى جنوب كردفان والنيل الازرق. وكانت دولتا الشمال والجنوب قد وافقتا في وقت سابق من العام الحالي على انتشار قوة افريقية لحفظ السلام قوامها 4200 جندي اثيوبي بمنطقة أبيي بدعم من الاممالمتحدة، بعد أن أنهت حكومة الخرطوم تفويض قوات (اليوناميس)، في 9 يوليو الماضي بالتزامن مع انفصال الجنوب عن السودان، قبل ان تقوم القوات المسلحة السودانية بدخول ابيي وطرد الجيش الشعبي منها في شهر مايو الماضي، وبسط سيطرتها عليها وتعيين حاكم عسكري عليها، إلى ان تم الاتفاق المذكور آنفاً ومن ثم خروج القوات المسلحة السودانية منها مع بدء وصول طلائع قوات حفظ السلام الاثيوبية الشهر الماضي. ويقول محللون: إن قضية ابيي، تعد من القضايا المعقدة والشائكة، ولا يمكن حلها بمعزل عن قضايا كثيرة بين الشمال والجنوب، لا سيما وانها غنية بالنفط، وانها تأخذ طابعا أهلياً وقبلياً، في اشارة الى قبليتي المسيرية ودينكا نوك، بالاضافة الى وصولها لمحكمة العدل الدولية بلاهاي في فترة سابقة، فيما كان يعرف بقضية التحكيم.