شهدت العاصمة الخرطوم تطورا عمرانيا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وتغير شكل العاصمة وفقا لافادات العديد من المغتربين الذين غابوا حينا من الدهر عن البلاد .. غير ان النهضة العمرانية التي طالت العاصمة لم يواكبها التطور المنشود على مستوى العديد من الخدمات العامة كصحة البيئة والمواصلات، وبالرغم من ان العاصمة شهدت نموا سكانيا مضطردا واعتمدت على مواعين النقل المحدود المملوكة للقطاع الخاص، فقد تمكن هذا القطاع من الايفاء قدر طاقته باحتياجات العاصمة من مواعين النقل، لتختفي ظاهرة تكدس المواطنين بالمواقف ومحطات البصات التي كانت من سمات خرطوم الثمانينيات، غير ان الظاهرة عادت للظهور من جديد. لقد استعصت مشكلة المواصلات على السلطات المحلية طيلة الحقب السابقة، وظلت تشكل عائقا أمام ترقية العاصمة الي مصاف العواصم العالمية، وتسبب انعدام مواعين النقل في تراجع الناتج الاجمالي بالعاصمة القومية، وباتت جميع الانظمة تسعي جاهدة لحل مشكلة المواصلات التي غدت محل استياء المواطنين وخاصة يومي الاحد والخميس. المواطنون من جانبهم طالبوا بزيادة بصات الولاية التي انضمت للخدمة.. و (الصحافة ) التقت بعدد من المواطنين للوقوف على رؤيتهم لمشكلة المواصلات بالعاصمة. المواطن عادل يعقوب العبيد الذي يعمل موظفا باحدى المؤسسات الحكومية بالعاصمة، لم يخف استياءه لانعدام المواصلات وباتت الحياة بالعاصمة لا تطاق، فالمعاناة التي بدأت بيومي الخميس والاحد صارت يومية وعلي مدار الساعة، وعدم توفر المواصلات بات ينعكس على السلوك العام، وتصاحب (المدافرة) حالة من العدوانية، وباتت خصما على بعض القيم مثل مراعاة السيدات وكبار السن من الجنسين، اضافة الى ضياع الزمن، وصار الشخص يمكث بضع ساعات في الشارع العام. واضاف عادل يعقوب العبيد قائلاً ان عدم المواصلات يتسبب في كثير من المشكلات مثل التأخر عن مواعيد العمل والمدارس والجامعات، ويناشد عادل الجهات المختصة السعي لحل المشكلة بصورة جذرية عبر جلب المزيد من البصات، والاسراع في تنفيذ المترو مع شركة سامسونق التي اتفقت مع الولاية أخيراً. رانيا علي محمد طالبة باحدى الجامعات، تسكن بالحاج يوسف، قالت ان مشكلة المواصلات مشكلة حقيقية بالنسبة للناس عامة ولشريحة الطلاب خاصة، وانهم عندما يودون الرجوع الى منازلهم نهاية اليوم يظلون في الشوارع لمدة طويلة، مشيرة الى ان اصعب ايام الاسبوع يوما الاحد والخميس، عندما تبدأ المعاناة في الصباح الباكر، ليبدأ الشخص يومه مستاءً، في وقت فقدت فيه الشوارع العامة المظلات التي ظلت تقي الناس من حرارة الشمس اللافحة، واضافت رانيا أن بصات الولاية غير كافية، مطالبة الجهات المسؤولة باعادة النظر في هذه المشكلة، وزيادة عدد الحافلات والبصات وتوزيعها علي العاصمة القومية وفق الكثافة السكانية، اضافة الى التعجيل بمشروع المترو. ريهام محمود عيسى التي وصلت الى استاد الخرطوم عند السابعة مساء يوم الخميس، فوجئت بخلو الاستاد من مواعين النقل سواء أكانت بصات الولاية او الحافلات، واصفة ما عانته بالكارثة ، وقالت: «اننا نفتقد لابسط احتياجاتنا التي نسعى لتحقيقها، ونحن ننتظر تغيير هذا الحال في اقرب وقت ممكن»، مناشدة الجهات المسؤولة النظر إعادة في هذه القضية. وفي ختام جولتها التقت «الصحافة» بمعاني عبد الغفور التي كان الاستياء باديا علي وجهها، وقالت إنها منذ شهور عدة تعاني بسبب أزمة المواصلات، وناشدت المسؤولين العمل على حلها حتى يرتاح المواطن في ظل ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام.