اعتبر عدد من المراقبين ان احداث النيل الازرق وجنوب كردفان فتحت بابا جديدا لمواجهة قاسية مع المجتمع الدولي ستواجه فيها الحكومة سيلا من الضغوط لتقديم تنازلات مشيرين الى تصريحات المبعوث الامريكي للسودان وتصريحات مجلس الامن بشأن المنطقة بينما حذر بعضهم من اجندة المجتمع الدولي وطالبوا الحكومة بالقيام بالمبادرات السياسية لحل الازمة وذلك بالتوازن وتقوية الجبهة الداخلية بينما اشار بعض المتحدثين في الندوة التي اقامها المركز العالمي للدراسات الافريقية بالخرطوم امس بعنون«الانعكاسات الداخلية والخارجية لاحداث النيل الازرق وجنوب كردفان» الى اهمية منطقة جنوب كردفان والنيل الازرق من الناحية الجغرافية للبلاد بالاضافة الى اهميتها الى اثيوبيا وارتريا ودولة جنوب السودان مشيرين الى ان الاستقرار الحقيقي في تلك الدول يأتي من استقرار جنوب كردفان والنيل الازرق باعتبارها منطقة وسطا بينها، ما دفع اثيوبيا الى التحرك وتقديم المبادرة الاثيوبية على امل استقرار تلك المناطق ولفت بعضهم الى ان تلك المناطق تحوز على نسبة 25 % من مياه النيل. اول المتحدثين في ندوة الامس كان عميد كلية بحري الجامعية والمحلل السياسي الدكتور عمر عبدالعزيز والذي ابدا خشيته من تسارع الاحداث بتلك المناطق مشيرا الى ان الزمن اصبح اكثر عنصر حاسم في احداث المنطقة، وطالب بضرورة التفريق بين ما هو وطني وبين ما هو سياسي، مشيرا الى ضرورة الاحساس بانسان المنطقة وعدم جره الى ويلات الحرب لجهة انه وحده الذي ينكوي بها بتشريده ونزوحه، وطالب بضرورة تغيير سلوك حزب المؤتمر الوطني في تعاطيه للاحداث بالمنطقة ولا سيما التصريحات المتشددة من قبل بعض المسؤولين حيال احداث المنطقة. وقال ان المشكلات بتلك المناطق كانت متوقعة محذرا من ان دخول المنطقة في الحرب سيكون المتضرر الاول منها انسان المنطقة قبل الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، واكد عمر ان احداث جنوب كردفان والنيل الازرق كانت واضحة وكان المسؤولون يستشعرون بها قبل 6 اشهر، غير انهم تجاهلوها ولم يضعوا لها اي اعتبار وطالب عمر بعدم التباطؤ مع القضايا الوطنية وعدم التراجع عند الشدائد ولفت الى ضرورة كف المسؤولين بالدولة عن التصريحات المتكررة التي تحمل وعيدا لجهات في تلك المناطق في تعاطيهم لازمة تلك المناطق وذلك حتى لا تخلق احتقانا من اطراف تؤدي الى مآلات تؤدي الى صعوبة العملية السلمية وابعاد المنطقة عن شبح الحرب، واكد ان ادارة ازمة تلك المناطق تحتاج الى الشفافية والتعامل مع الارقام الحقيقية لعدد النازحين جراء الاحداث حتى لا يستغلها المجتمع الدولي لتنفيذ اجندته. بينما تحدث السفير ومدير المعهد الدبلوماسي محجوب الباشا عن الجوانب الخارجية للأزمة مشيرا الى ان ازمة منطقة جنوب كردفان والنيل الازرق ستفتح الباب واسعا امام مواجهة شرسة مع قطاعات المجتمع الدولي على رأسها امريكا، وقال ان بعضهم يشبه تمرد النيل الازرق بتمرد الجنوب الاول والذي قام به بعض الضباط الجنوبيين بمنطقة توريت 1955 وحذر الباشا من التعاطي الخلافي مع ازمة المنطقة خاصة في تصريحات بعض المسؤولين في مواجهة المجتمع الدولي مشيرا الى ان ذلك سيؤدي الى عواقب وخيمة، واكد السفير ان الخلط بين المشكلات الداخلية، والخارجية سيخلق الكثير من المشكلات وان مشكلة اقليم دارفور وكردفان والنيل والازرق تكاد تكون متشابهة في فصولها، واشار الى ان هنالك استهدافا ومؤامرة تتعرض لها السودان من خلال الصراع بين المنطقتين غير ان الباشا استدرك واعتبر ان تعاطي الحكومة مع الاحداث في البلاد ساهم في زيادة التآمر الدولي واكد ان السودان دخل في مواجهات غير متكافئة مع دول ذات ثقل كبير في العالم في الوقت الذي لا تملك فيه الحكومة اي ادوات لمواجهة تلك الدول. واشار الى اهمية منطقة جنوب كردفان والنيل الازرق من الناحية الجغرافية للمنطقة، وقال ان الاستقرار في اثيوبيا والجنوب والسودان الشمالي مرتبط بصورة كبيرة باستقرار تلك المناطق لجهة انها تقع وسط تلك المناطق ودفع ذلك بحسب السفير دولة اثيوبيا الى قيادة تحركات حثيثة خلال هذه الايام للتأمين على استقرار المنطقة بتقديم مبادرات لتسوية الامر هنالك. غير ان السفير حذر من الثقة الكاملة في الجانب الاثيوبي وذلك باعتبار انه يقوم بما يرضي مصالحه، وقال ان كسب رضاء اثيوبيا يعني حنق ارتريا على السودان وكذلك كسب رضاء ارتريا يعني حنق اثيويبا على السودان. بينما ذهب في الاتجاه ذاته الخبير الاستراتيجي السابق برئاسة الجمهورية والسفير السابق بدول الايقاد ديفيد ديشان الذي طالب بضرورة وضع حل للازمة السودانية وازمة منطقة جنوب كردفان وذلك لجهة ان السودانيين بصفة عامة قد سئموا الصراعات والمشكلات، وقال انه عمل خلال عشر سنوات سفيرا بدول الايقاد وذلك جعله يقف على حقائق كثيرة لتفاصيل المؤامرات التي يطبخها المجتمع الدولي بقيادة امريكا التي اكد ديشان ان لديها استراتيجية لتقسيم السودان الى ست دويلات ومنذ 30 عاما تعمل على تنفيذها وحذر من ان مشكلات السودان ستأخد في الازدياد اذا لم نجد لها حلا سريعا.! بينما اكد المحلل السياسي بدوي محمد منقاس في تعقيبه بالندوة ان ازمة اقليم كردفان والنيل الازرق تأخذ صعوبتها من امتدادها في حدود طويلة وفي الوقت ذاته تعتبر غنية ومتناسقة، وكشف منقاس ان الانجليز في عهد الاستعمار حاولوا ضم منطقة النيل الازرق الى الجنوب غير انهم لم يستطيعوا بعد ان رفض المثقفون من ابنائها الانضمام الى الجنوب مشيرا الى ان السودان شهدت في فترات تاريخها صراعات متواصلة وكانت كل الاطراف تحاول توظيف الصراع لصالحها واكد ان النيل الازرق تبلغ نسبة مياه النيل فيها 25% مشيرا الى ان اول المتأثرين في صراع المنطقة هي دولة اثيوبيا واتفق على ضرورة اخذ الحيطة والحذر من اي مبادرات تقدم من الدول المجاورة لمنطقة النيل الازرق وعرج منقاش الى الحديث عن مالك عقار وقال ان مالك عقار ليس وحده كما يحسبه بعضهم، وقال ان له تاريخا طويلا في اثارة الكراهية وذلك من خلال تصريحاته واحاديثه، وابان ان مالك عقار قال قبل عامين في احدى الندوات ان الصراع القادم هو صراع الوان وايضا قال ذات مرة في تصريحات اخرى اننا لم نر السودان عندما تشكل في قديم الزمان لذلك علينا ان نشكله نحن ايضا. وفي ختام حديثه اعتبر منقاس ان المشكلات الحالية للسودان جاءت نتيجة للممارسة الخاطئة للسياسات من قبل النخب التي حكمت السودان. وفي السياق تحدث المرشح السابق لرئاسة الجمهورية ورئيس الحزب القومي الديمقراطي منير شيخ الدين عن جذور ازمة جنوب كردفان والنيل الازرق وقال ان اتفاقية نيفاشا هي التي خلقت هذه الازمة بالاضافة الى اتفاقية «شكدم» التي وقعها الرئيس السوداني حينها الصادق المهدي، ويرى منير ان تلك الاتفاقية التي تتعلق بالنوبة تم توقيعها لازالة العداء الشخصي بين الصادق المهدي والمتمردين ولكنها لم توقع لحل مشكلات تلك المناطق، واشار الى ان الاتفاقيات التي توقع من دون سند جماهيري لن تنجح لافتا الى ان اتفاقية نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية حققت مكاسب للحركة الشعبية بينما لم تحقق للحكومة ذلك لجهة ان الاتفاق لم يستند على القبول الشعبي عكس الحركة الشعبية التي دخلت الاتفاقية وسط تشجيع ومساندة شعبية فحققت مرادها. عضو المكتب السياسي بحزب الامة القومي المعارض ابراهيم الامين ذهب الى اتجاه مغاير وقال ان السودان مهدد بالوجود من خلال تلك الصراعات والازمات، وشدد ان انفصال الجنوب هو قمة الفشل السياسي للسودانيين، وقال ان اكثر ما يخشاه هو بروز تيارات داخل الشمال للمطالبة بانفصال النيل الازرق عن السودان، واعتبر ذلك خيانة عظمى اذا حدث. وتناول القيادي التدخل الخارجي وقال ان افريقيا منذ الازل كانت تقوم صراعات من قبل اطراف في المجتمع الدولي للسيطرة عليها. واكد ان التدخل الدولي في السودان واضح، غير انه استدرك وشدد ان التدخل الدولي الكبير جاء نتيجة للضعف الداخلي، وقال اننا فشلنا في ادارة منطقة النيل الازرق وهو ما ادى الى ما حدث. وانتقد بشدة الاتفاقيات التي وقعت بشأن المنطقة وتساءل عن الاسباب الحقيقية لتخصيص نسبة 2% من العائدات الى المسيرية والدينكا؟! وقال ان هذا مخطط امريكي مشيرا الى ان امريكا تمددت من خلال ابيي والنيل الازرق وجنوب كردفان واصبحت كلمتها عالية في السودان. واشار الى ضرورة الاعتراف بوجود صدام بين مشروعين في السودان ويجب حله ببحث كيفية الحل القومي لقضايا الوطن مشيرا ان الحل في صراعات وازمات البلاد هو الوفاق. بينما اعتبر عضو الحزب الاتحادي المعارض المحامي الطيب العباس ان اكثر ما فعلته احداث النيل الازرق هو ابقاء النظام في كمين المجتمع الدولي مشيرا الى ان ابيي ايضا كانت مخططا دوليا أدى الى تدخل القوات الاثيوبية مشيرا الى انه تصرف خاطئ من قبل الحكومة في اي ازمة في البلاد حتى ان كانت صغيرة سيقرع لها المجتمع الاجراس ويسعى الى استغلالها لتحقيق مآربه.