انشغل العديد من نشطاء حقوق الإنسان السودانيين في الأيام الفائتة بمتابعة مداولات أعضاء المجلس الدولي لحقوق الإنسان - في دورة انعقاده الثامنة عشرة - بجنيف ولذلك وجدتني منشغلاً بحضور الجلسات ومقابلة مختلف بعض النشطاء دون أن أجد الوقت الكافي للكتابة اليومية المعهودة والمرتبطة بزمن تسليم محدد عليه فاني اعتذر للسادة القراء عن الانقطاع المؤقت لهذه الزاوية لظروف الحركة في أوربا. وحتى أضع الصورة واضحة أمام القراء فإن دورة مجلس حقوق الإنسان الثامنة عشرة والمنعقدة من الثاني عشر من سبتمبر الجاري وحتى الثلاثين منه شهدت مداولات ساخنة لحالة حقوق الإنسان في السودان حيث طرح الخبير المستقل محمد عثمان شاندي تقريره أمام أعضاء المجلس واصفاً الحالة في شمال وجنوب السودان من كافة الجوانب ومنوهاً الى وجود تقدم في حالة حقوق الإنسان ووجود انتهاكات مصاحبة وموصياً بعدد من التوصيات فيما ذهب تقرير حكومة السودان والذي تلاه أمام المؤتمر وزير العدل إلى اتخاذ الحكومة لعدة تدابير بغية تعزيز أوضاع حقوق الإنسان وحاجة البلاد إلى الدعم الفني لمواصلة هذه الجهود ثم جاءت مرافعة الخطاب الحكومي بالطلب من المجلس إنهاء مهمة الخبير المستقل المسنودة بالبند الرابع وإبدالها بمهمة تحت البند العاشر من إجراءات المجلس . وفيما ما تزال المداولات مستمرة حيث من المقرر ان يصدر المجلس بياناً ختامياً نهاية الشهر الجاري عن الإجراءات الجديدة لتعزيز الحقوق في كافة دول العالم ومن بينها السودان نوقشت علي هامش الدورة عبر آلية المراجعة الدورية الشاملة - وهي آلية مستحدثة تتبع للمجلس - التوصيات التي تعهدت بها حكومة السودان فيما يختص بتنفيذ التوصيات السابقة والتي تهدف الي تحسين أوضاع حقوق الإنسان علي الأرض وتحقيق واجبات والتزامات الدولة في هذا الخصوص وتقويم التحديات ومدى ما يتحقق من تقدم وغير ذلك من الأغراض واستمعت الآلية لممثلي حكومة شمال وجنوب السودان حيث أكدا الالتزام التام بتعزيز حقوق الإنسان في بلديهما فيما بدا واضحاً مساندة العديد من ممثلي الدول الأعضاء وبعض المنظمات الطوعية لحكومة السودان في طلبها إنهاء مهمة الخبير المستقل بيد أن هذه الخطوة على ما اعتقد ترتبط ارتباطاً وثيقاً اما بالتوافق بين أعضاء المجلس جميعاً او بالتصويت حينما يختلف الأعضاء حول الإجراء الأنسب المفترض اتخاذه وقد تقدم السودان بمقترح وتقدم آخرون بمقترح مغاير ومن المقرر ان يبت المجلس في هذه المسألة الجمعة القادمة. وبما ان جلسات المجلس الدولي لحقوق الإنسان تتسم بالحضور الكثيف لممثلي الحكومات وممثلي المنظمات الطوعية فقد بدا لافتاً للنظر تمثيل السودان بوفد كبير ضم وزير العدل مولانا محمد بشارة دوسة والوفد المرافق له كما ضم وكيل وزارة العدل مولانا عصام عبد القادر ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان عبد الرحمن الفادني وممثلين لجهات حكومية معنية كما مثلت المنظمات التابعة للمجموعة الوطنية التي يرأسها إبراهيم عبد الحليم رئيس منظمة الشهيد الزبير وينوب عنه محمد الحسن احمد البشير في الجلسات مثلما شاركت منظمات المجتمع المدني السودانية بالداخل والخارج أيضاً في جلسات المجلس وشاركت شخصيات سياسية بارزة مثل د. مريم الصادق والأستاذ كمال الجزولي وغيرهم ، نعم جاء الجميع لتحقيق أهدافهم المعلنة والخفية بيد ان أميز نشاط بدا على هامش تلك الجلسات هي جلسة الحوار الوطني الذي جمع بين القوي الممثلة للحكومة والقوى الممثلة للمعارضة لتبادل الآراء - والاتهامات - بكل موضوعية وقد كانت الفكرة مبادرة من د. فتح الرحمن القاضي الخبير في الشؤون الإنسانية استجاب لها الجميع وتمخضت عن رغبة في إدارة حوار مستقبلي مستمر للوصول إلى رؤية مشتركة حول كيفية تعزيز حالة حقوق الإنسان والتقليل من الانتهاكات الحاصلة. نواصل ..