فيما لا تزال المشاورات جارية لاعلان قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنعقد في جنيف حول تمديد مهمة الخبير المستقل ام لا يري العديد من نشطاء حقوق الإنسان أن التوصيات التي التزمت بتنفيذها حكومة السودان هي حجر الزاوية في رسم العلاقة المستقبلية بين السودان والمجلس كما أن اسراع الخرطوم في تكوين المفوضية القومية لحقوق الإنسان هو المخرج الوحيد من استمرار بقاء اسم السودان تحت قيد الاجراءات الاستثنائية طوال عشرين عاماً ، ويري الخبراء والنشطاء ان تكوين المفوضية أصبح تحدياً حقيقياً وليس مناورة تستمر لسنوات خاصة وان المشاركين الوطنيين من مختلف الاتجاهات باتوا يشكلون قاعدة معروفة ومسجلة في أضابير المجلس وعادة ما يتم الاستفسار منهم عن السبب الرئيسي الذي يمنع الخرطوم من انشاء مفوضية لحقوق الإنسان ولماذا تعول علي المجلس الاستشاري الحكومي في شأن يتعلق بحقوق الإنسان والتعامل مع المؤسسات الدولية ؟ ان توصيات آلية المراجعة الدورية الشاملة مضافاً اليها تعهد الخرطوم عبر المسؤولين رفيعي المستوي - أي الذين يستطيعون الفعل - تبقي برنامج عمل يجب انفاذه لاخراج السودان من قيد الاجراءات الاستثنائية . وبالعودة الى برنامج الحوار الوطني الذي أداره د. فتح الرحمن القاضي علي هامش الجلسات بين الفرقاء السودانيين استمع الحضور الى نقاش حقيقي ومستفيض عن الأسباب الجوهرية التي تجعل السودان يرزح تحت قيد الاجراءات الاستثنائية للمجلس، فقد ذكرت د. مريم الصادق أنها تعرضت للضرب وكسر الذراع لمجرد أنها خرجت في مسيرة سلمية وبدلاً من اتخاذ الحكومة لاجراءات عدلية لمحاسبة ومعاقبة المتسببين ذكرت مريم ان الحكومة أصدرت بياناً نفت فيه وجود اصابات وسط المتظاهرين وتجاهلت تماماً ما حدث من اصابات مع أن القانون الدولي يؤكد ان التظاهر حق مشروع ومنع التظاهر انتهاك لهذا الحق، وتحدث آخرون عن مختلف أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان وأوردوا حالات ونماذج تؤكد ان الخرطوم ليست جادة في تعزيز حقوق الإنسان. . بيد أن قيادات المجموعة الوطنية المشاركة في الجلسة مثل ابراهيم عبد الحليم ومحمد الحسن أحمد البشير أدانوا مثل تلك التصرفات واعتبروها من قبيل التجاوزات وتعهدوا بضمان عدم تكرارها ، مؤكدين أنها ليست ممنهجة ، وبهذه المناسبة تلا ابوذر العطا كلمة منظمة معارج التي يرأسها شقيق الرئيس مخاطباً الحضور بادانة سلوك الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي ما يزال يحمي المتورطين في اختطاف أطفال دارفور من أعضاء منظمة آرش دوزوي الفرنسية . ان النتيجة التي ربما يخلص اليها المجلس الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحالة الحقوق في السودان علي ضوء ما قدمته حكومة السودان من مرافعات وما قدمه بعض أعضاء المجلس من اسناد للسودان وما يتمسك به الاتحاد الأوربي والولاياتالمتحدة من اتهامات قد تكون النتيجة رمادية أي بمعني أن المجلس قد يوافق علي انهاء مهمة الخبير المستقل والاكتفاء بتقديم الدعم الفني للسودان وبالتالي قد يخرج السودان من الاجراءات الاستثنائية ولكن وبالنظر الى الاتهامات التي ساقتها مندوبة الولاياتالمتحدة والاتهامات التي صدرت من بعض أصحاب المصلحة من المنظمات الطوعية وتقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تشكل مراكز ضغط قوية فان بعض المراقبين يرجحون اصدار المجلس لقرار توافقي ينفذ مطالب السودان وحاجته للدعم الفني دون أن ينهي مهمة الخبير المستقل أي بمعني ربما يصدر المجلس الجمعة القادمة بيانه الختامي متضمناً ارسال الخبير المستقل لانجاز مهمات في السودان تتعلق بالبندين الرابع والعاشر معاً . وبغض النظر عن طبيعة القرار الذي سيصدر يري العديد من المراقبين أن السودان طالما التزم في علاقته مع المجلس الدولي لحقوق الإنسان بانفاذ توصيات بعينها واحداث اصلاحات في تشريعات قانونية تمثل انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان فان المسألة الجوهرية في مجمل هذه القضايا تتعلق بالرغبة الأكيدة والصادقة في تكوين المفوضية القومية بحيث تأخذ صفة القومية بحق وحقيق دون لف أو دوران ومتى ما انشأت المفوضية فان مهمة تعزيز حالة حقوق الإنسان وتعديل القوانين ورصد الانتهاكات وتدريب الجهات ذات الصلة وكتابة التقارير الدورية ستكون هي الشغل الشاغل للمفوضية المستقلة .