1/ التقيته اخيرا، تحسسنا صافرة البداية وشرعنا في الحوار، كان الحوار بيننا ساخنا وملتهبا كمادة استخرجت من باطن الأرض في الحال، وكما بدأ انتهى الحوار ساخنا، تركناه جانبا وأكتفينا بتبادل ما كنا نحمله .. ناولني سوسيوا يفرفر، وتركت له بيضتي ومضيت. 2/ لا يفتر جاري العجوز منذ عشرين سنة أو أكثر بقليل عن الإعلان عن توبته، وأنه بالفعل شطب كل أيام يونيو من مفكرته ، وأعتبر أن هذا الشهر شهرا خاليا من الجمال، ومع ذلك أولاد حِلتنا والحِلة المجاورة لحِلتنا لا يفكرون مجرد تفكير في ترك مهنة حفر القبور. 3/ هذه البنت تحيرني كثيرا وأخاف عليها أيضا، فهي لا تفتر عن حمل أوراقها كل يوم وتتأرجح بها في دورانية الخدمة المدنية، كم أخاف عليها أن تزج هيكلها الضئيل في مناطق الحياد وتكف عن انتزاع حقها في الحياة. 4/ غريب هذا الرجل، تلقينا نفس دروس تسلق الأكتاف وأكل لحومها، ومع ذلك كلما ضخ في جيبه أوراقا مالية جديدة، يضحك بعصبية ويبكي بتشنج كما الطير تحاصره حرارة السوق من جهة الجنوب، وبرودة المدام القابعة في البيت من جهة الشمال. 5/ في الشاشة التي تتقزم أمامها كل شاشات العرب رأيتها .. نعم رأيت تلك المرأة التي تعاني من عذابات الحصار وكيف أنها أومأت لي برأسها، وقالت بأنها لا تعترف إلا بحنظلة شاهدا على فجيعتها مناصفة مع الشيخ إمام. 6/ يتسع الفضاء بمجمل تقنياته ويزداد اتساعا، بينما تضيق بنا الأرض وتزداد ضيقا، حتى أصبحت كصندوق كبريت مبتل بماء آسن، فسابقا ولا أدري متى كان هذا السابق، كنا لا نحتفى بقصور العزلة النشاذ .. نترقب الأهل ولحظات التلاقي اللذاذ .. والآن مجرد (مس كول) يخلينا رزاز في رذاذ. 7/ يذكرني هذا الرجل الذي يقتسم معي مقاعد الحياء، بأن مواء الدواخل لا يستطيع الصمود أمام زئير الواقع، فحينما رأيته هذا الصباح يفر من زئير محيط لا يرحم ويهبط الى مستوى اجتماعي لا تدعو الضرورة فيه للمنافسة، أدركت بأن الحاجة لدينا ليست أماً للاختراع. 8/ رغم معاداة بعضنا للبياض .. بياض الخرقة - أو قل بالواضح كده بياض الجيوب - عندما تشتهي درهما..ريالا..دولارا، أو حتى جنيها متسخا يحل عقدة اللسان ويسند العنق من غباء الطأطأة إلا أنه لم يعد لدينا ذات العنق وذات اللسان. 9/ يا لهذه الثرثرة التي لا تنتهي !، فهديري العالي يشير إلى ضيق أفقي، والأفق رؤية لا أعرف دروبها وأزقتها ولولوتها .. فلماذا لا أقبع خلف الستار ؟، ولكن هل سأجد ستارا آمنا أختبيء خلفه .. لست أدري. [email protected]