للمرة الأولى منذ اندلاع الاقتتال بين الجيش الشعبي التابع لجمهورية جنوب السودان والقوات المسلحة التي تتبع الى دولة السودان في ولاية النيل الازرق الحدودية، هدأت لغة الخطاب الحاد ليجد الحوار مسلكاً بين الطرفين المتنازعين، فبعد مرور نحو شهر على بدء الصراع المسلح أعلن الرئيس عمر البشير عن رغبة الخرطوم في إنهاء الصراع مع جمهورية جنوب السودان من خلال الحوار المشترك راهناً ذلك بعدم الحاجه لأية وساطة خارجية، وقال الرئيس عمر البشير أمس الاول ان العلاقات مع جوبا كانت مهمة للغاية وانه يتعين على الجانبين حل المشكلات دو? وساطة أجنبية مؤكدا الحاجة الى تسوية القضايا من خلال الحوار . ويبدو أن هذا الخط يجئ متسقاً مع النهج الذي باتت تتبعه الولاياتالمتحدةالامريكية مع الدولتين بعد أن صارت تحض على أن يكون التفاوض مباشرا بين الدولتين دون تدخل لطرف ثالث بإعتبار ان ما كان يحدث في السابق من رعاية الوسطاء للمفاوضات بين الشمال والجنوب على خلفية أنهما خصمان داخل دولة واحدة ولابد من طرف ثالث يقوم بدور الوسيط أما الآن وقد أضحى لكل دولة كينونتها فلا حاجه الى الوسطاء . ويتضح من التصريحات الرئاسية ان أوان الرصاص قد ولى وحان وقت الاحتكام للحل السياسي أو هكذا بدا، وعقد كثير من المراقبين للشأن الداخل? الآمال على أن تعطي زيارة الرئيس سلفا كير الى الخرطوم في أول زيارة له وهو يحمل صفة رئيس دولة جنوب السودان دفعه في حل القضايا العالقة وتسرع في وضع حد للنزاعات المسلحة ايضاً، ومع أنه بات في حكم المؤكد ان سلفاكير لن يكون في الخرطوم خلال الاسبوع الحالي كما سبق وأعلن ذلك عبر وسائط اعلامية متعددة، الا أن الدولتين بدتا حريصتين على أن يتم اختيار التوقيت المناسب للزيارة بما يتلاءم وظروف الدولتين وبما يحقق النتائج الايجابية المرجوة منها، و حسب المتحدث بإسم وزارة الخارجية العبيد أحمد مروح ل( الصحافة ) فإنه وحتى ?خرج الزيارة بما هو مرجو منها لابد من الاتفاق اولاً على الشروع في اجتماعات اللجان المشتركة المناط بها تقريب الشقة في القضايا محل الخلاف وقال « حتى تخرج الزيارة بنتائج ملموسة تؤثر في العلاقة بين البلدين يجب أولاً ان تتزامن مع انطلاق أعمال اللجان المشتركة « وزاد « التأمت اللجان كثيراً لكنها لم تكن مؤثرة، ومن المؤمل ان تنعكس الروح الايجابية لزيارة سلفاكير على مسار التفاوض ومن ثم حسم الملفات العالقة «، في المقابل أكد المروح أن أمر الزيارة محسوم بين الطرفين ، فقد اتفق الرئيسان على الزيارة خلال اتصال هاتفي جمعه?ا قبل زيارة سلفاكير الى نيويورك، كما تم تجديد الاتفاق خلال لقاء سلفاكير بوزير الخارجية علي كرتي في الاممالمتحدة « غير أن الاجل الزمني ترك مفتوحاً تحكمه المستجدات الداخلية لكل دولة. ويرى مصدر حكومي مطلع أن تحديد تاريخ الزيارة رهين بضمان نجاحها سيما وأنها الأولى لرئيس جمهورية جنوب السودان، وأنه يتم التشاور الآن لتحديد موعد الزيارة في الخرطوموجوبا، كما أفاد ذات المصدر « الصحافة « بأن تحديد تاريخ بعينه لزيارة رئيس دولة الجنوب لشمال السودان يرتبط بإعلان التوليفة الجديدة للحكومة في الخرطوم، بإعتبار انه من الملائم ان يقابل الوزراء المصاحبون لسلفاكير نظراءهم المعينين في الشمال . وكما يذهب محللون فإن الملفات التي ستناقشها الزيارة تتطلب مزيدا من النقاش والتدقيق فيها وبخاصة تلك المتعلقة بالنزاعات في منطقتي النيل الازرق وجنوب كردفان، وقد أظهرت الادارة الامريكية اهتماما بالغا بإعادة السلام الى مناطق الاقتتال - جنوب كردفان والنيل الازرق - حيث نقل الرئيس الامريكي لرئيس دولة جنوب السودان رغبته الاكيده في بناء سلام مستدام بين شمال وجنوب السودان وهو ما يشي بوجود اياد امريكية خفية تهدف الى الدفع بالحل السياسي الى طاولات التفاوض خاصة إذا ما تم ربط زيارة سلفاكير المعلنة الى العاصمة الخرطوم بز?ارة مماثلة لمبعوث الرئيس الامريكي الخاص الى السودان السفير بريستون ليمان وبتحفيز الرئيس باراك أوباما لسلفاكير ومباركته أمر زيارة الخرطوم . الا ان أكثر ما يخشاه المراقبون هو أن إطالة أمد العمليات العسكرية في تخوم الدولتين قد يؤدي الى حرب جديدة بين البلدين و منذ اعلان انفصال الجنوب لم يحدث أي تقدم في الملفات العالقة وواقع الحال يؤكد أن اهل السياسة وحتى هذه اللحظة بعيدون كل البعد عن الحل السياسي تاركين بذلك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام العسكر ولغتهم - الرصاص - على الرغم من تمسك الطرفين بضرورة اقامة علاقة ?سن جوار بين الدولتين تقوم على مصلحة شعبي الدولتين، وما يحمل البشريات هنا أن شمال وجنوب السودان درجا وطوال سنيّ نيفاشا على انتهاج نهج التسوية السياسية فبعد أن تصل عمليات التصعيد أعلى نقاط مداها تنحسر امام التسويات السياسية. وربما حملت الزيارة المرتقبة في طياتها حلولا لما كانت الدولتان فشلتا طيلة الثلاثة أشهر التي اعقبت اعلان انفصال الجنوب في تسوية قائمة طويلة من النزاعات كاقتسام عائدات النفط و انهاء العنف في منطقة الحدود المشتركة أو التوصل الى حل وسط لمنطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، اسوة بما حدث من تقدم في العلاقة بين الدولتين حين نتج عن الاجتماع الأول للجنة السياسية الامنية المشتركة انشاء عشرة معابر حدودية على امتداد الحدود بين الدولتين بعد أن أغلقت لعدة اشهر لتسهيل حركة الناس والبضائع . يعزز من هذا الاحتم?ل حرص الدولتين على وضع حد للخلافات بمزيد من الترتيبات بما يجعل من زيارة سلفاكير نقطة جديدة في بناء مستقبل العلاقة بين الدولة الوليدة وجارتها الشمالية.